رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«تسمية المولود».. استحسان بلا ضرر

جيهان إمام

«تسمية المولود.. استحسان بلا ضرر»، بهذه الكلمات يحسم علماء الدين والمتخصصون، اختيار أسماء الأبناء، الذين هم ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، ونور أبصارنا، مشيرين إلى عدة شروط فى هذا الصدد، ومحذرين من أنه مع تطور العصر أصبحنا نرى أسماء غريبة يُسمى بها بعض الأبناء، منها ما هو حسن أو غير حسن، مما يجعل البعض يتندر أو يتنمر عليهم، ويؤدى - فى أوقات كثيرة - إلى إيذاء مشاعرهم، رغم أنه لا ذنب لهم فى تلك التسميات.

دار الإفتاء المصرية لم تقف مكتوفة الأيدى، إزاء ما يحدث فى تسمية الأبناء، فوضعت - فى فتوى لها - خمسة شروط لاختيار أسمائهم، أولاً: أن يكون الاسم حسنًا، بحيث لا يستقبحه الناس، ولا يستنكره الطفل بعد أن يكبُر ويعقل، وثانيا: ألا يكون فى الاسم قبحٌ، أو تزكيةٌ للنفس، أو تلك التى يُتطيَّر بنفيها، وثالثا: ألا يوحى الاسم بالكِبْر والعَظَمة، وعلو الإنسان بغير الحق، ورابعًا: ألا يكون فى التسمية إشارة إلى الشرك، مثل كل اسم مُعبَّد مضاف إلى غير الله سبحانه وتعالى كعبدالعزى، وعبدالكعبة، وعبدالدار، أو عبد فلان.

وخامسًا: ألا تشتمل التسمية على ما نهى الشرع عن التسمى به، كالتسمية بكل اسم خاص بالله سبحانه وتعالى، كالخالق والقدوس، أو بما لا يليق إلا به سبحانه وتعالى، كملك الملوك وسلطان السلاطين وحاكم الحكام، أما التسمية بالأسماء المشتركة التى تُطلق عليه سبحانه وتعالى وعلى غيره فيجوز التسمِّى بها، كعليٍّ ورشيد وبديع ونحو ذلك. وتؤكد الإفتاء أنه يجوز التسمية بالأسماء الأعجمية (غير العربية فى أصلها) إذا لم يكن فيها معنًى ينكره الشرع، والأصل فى حق التسمية للمولود أنه ثابت للأب، لا للأم؛ بحيث إنه إذا تنازعا كان الأب هو المُقَدَّم؛ فإن المولود يُنسَب لأبيه فى الدنيا، وقد قال الله تعالى: «ادعُوهُم لِأبَآئِهِم هُوَ أَقسَطُ عِندَ اللَّهِ»، وبما أن المولود يتبع أباه فى النسب، فهو أحقُّ بالتسمية، كما أن الأب له القوامة على امرأته، والولاية على ولده، لكن ينبغى عليه أن يشرك زوجته معه فى الاختيار، وهو الأليق بمكارم الأخلاق، لتتحقق المودة والرحمة، والإحسان بينهما.

تكريم لصاحبه

الدكتور السعيد محمد على، من علماء وزارة الأوقاف، يعلق بالقول: إن الإسلام أولى الأبناء عناية خاصة، فاهتم بهم قبل وجودهم ومولدهم، وفى نشأتهم وطفولتهم، لذلك دعا الزوج لاختيار الزوجة الصالحة، ودعا الزوجة لاختيار الزوج الصالح من أجل أن يكونا أسرة وذرية طيبة، لذلك جاء فى الحديث النبوى: «تخيروا لنطفكم»، ثم اهتم بهم وهم فى الأرحام، فأمر بحسن المعاشرة بين الزوجين، لانعكاس ذلك عليهم وهم فى بطون أمهاتهم، وعندما يخرجون إلى الدنيا، تصير لهم حقوق عدة على والديهما، كإرضاعهم، وتسميتهم بالأسماء الحسنة. ويوضح أنه بالنسبة للتسمية كحق من حقوق الأبناء على أبويهما، يجب على الوالدين اختيار اسم حسن للابن أو الابنة، بحيث يكون فى الاسم من التكريم لصاحبه، وليس الضرر والسخرية من المحيطين به، لأنه يصحبه طيلة حياته، وفى الآخرة لأنه يُنادى بهذا الاسم، وقد جاء فى الحديث النبوى: «أحسنوا أسماءكم وأسماء أبنائكم فإنكم تُدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم». ويشير إلى أن الإسلام قد حذر أيضا من تسمية الأبناء بأسماء فيها ما يخدش الحياء، أو ما يحض على استهزاء الناس، كأن يُسمى باسم حيوان أو حشرة، مما يعرضه للحرج.

وتؤكد الدكتورة إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن تسمية الأبناء يجب ألا تكون سببًا للخلاف والنزاع بين الأبوين، حتى لا يترتب على ذلك الإضرار بمصلحتهم نفسيا واجتماعيا. «فقد جاء رجل إلى عمر بن الخطاب ـرضى الله عنهـ يشكو إليه عقوق ولده، فأمر بإحضاره، وأنّبَه لعقوقه لأبيه، فقال: يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوق على أبيه؟! قال: بلى، قال: فما؟ قال: أن ينتقى أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب ـأي:القرآن- قال: «إن أبى لم يفعل شيئا من ذلك؛ أما أمى فإنها زنجية كانت لمجوسى، وقد سمانى جُعلاً (أى خنفساء)، ولم يعلمنى من كتاب الله حرفًا واحدًا»، فالتفت عمر إلى الرجل، وقال له: جئت تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يعقَّك، وأسأت إليه قبل أن يسىء إليك».

وتضيف: من هنا أوجب الفقهاء شروطا لتسمية المولود، هى أن يسميه باسم حسن، لفظا ومعنى، وليس باسم يحمل صفة سيئة أو اسم كائن مستهجن، وأن يراعى أحوال الناس فى زمانه، فيسميه بما يناسب الزمان والمكان اللذين يعيشون فيهما، كما يُستحب أن يسميه بأسماء الأنبياء والصالحين والصفات الحسنة المستحبة لقلوب الناس، أما إذا لم يلتزم الوالد بذلك فإن من حق الأبناء تغييرها، واختيار الاسم الأفضل لأنفسهم.

آثار نفسية

وترى الدكتورة سهير صفوت، أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية بجامعة عين شمس، أن اختيارنا لأسماء أبنائنا ليس بحاجة للجدل بين الأبوين، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حثنا على اختيار الأسماء الجميلة لأبنائنا؛ حتى يستطيعوا أن يتعاملوا مع واقعهم، ولا يتعرضوا لسخرية أو تنمر أو ضغط نفسى ممن حولهم مما يؤثر عليهم نفسيًا. وتحذر من أن الاسم السيئ يجعل الابن أو الابنة فى حالة من العدوانية والعنف والانطواء، ويجعله ضعيف الثقة بنفسه، ولا يكون علاقات جيدة مع غيره، وقد يتحول إلى متنمر على الآخرين، كرد فعل مضاد لهذا التنمر الذى يقع عليه، ثم يسير فى سلسلة من أحداث التنمر التى تؤثر عليه كليًا، وعلى الآخرين، بل يمكن أن يدفعه ذلك للإدمان أو الانتحار من كثرة سخرية الآخرين من اسمه، وشدة ما يتعرض له من إيذاء؛ لذا لابد من ضرورة إحسان أسماء أبنائنا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق