رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

يوسف نبيل: لا أستطيع ترجمة كتاب لا أحبه.. فهذا عذاب لا يحتمل
أحمد سمير سعد: الكتابة والتخدير يشبهان الإبحار

أسامة الرحيمى
أسامة الرحيمى بين المترجمين

من أراد تجديد الأمل فى صدره، وإنعاش روحه!

فليتابع هذين المبدعين!

هما من نبت هذا الوطن العجيب، الذى وهب الدنيا أبجديات الحضارة، وما يزال قادرا على ابتكار المدهشات، حتى لو بدت تميزات فردية، فإنها تعكس الجينات الكوامن.

بدلا من صبّ لعناتهما على ظلام الواقع، يَهِبَان جُلّ حيويتهما وإبداعهما صبيحة كل يوم لنهار مزهر جديد!

الطبيب الأديب «أحمد سمير سعد» المدرس بطب قصر العينى، وأخصائى تخدير، الذى دفعه تعاطفه مع المرضى للترفق بهم طوال الوقت، ومكنته براعته المهنية فى التخدير من إحالته إلى فن إعفاء الناس من آلامهم، خاصة من يعانون مشقَّات إنسانية واجتماعية، فلا يُغفل لحظة عن أوجاعهم.

وفى انتقاله بين غرفة عمليات وأخرى، يكتب قصة، أو جزءا من رواية، أو يترجم فصلا من كتاب علمى. فلا يصرف وقته إلا فى إراحة الموجوعين، أو المثمر للقراء. ويخطف يوماً من كل أسبوع لأسرته وزوجته المؤمنة برسالته.

أما الأديب المترجم «يوسف نبيل»، فقد نقل 38 عملا إبداعيا وفكريا عن اللغة الروسية

مباشرة، وغيرها إلى العربية بمهارة وتنبه لشروط الترجمة الموضوعية والفنية قدر استطاعته، ليثرى واقعنا الثقافى، ويضيف إلى بستان الأدب أشجارا وارفة جديدة.

كما فعل المِثال «نجيب محفوظ» فى تنظيم مواقيت كتابته، ألزم يوسف نفسه بمواعيد يومية للعمل، وقدراً محددا قابل للزيادة لا للنقصان من عدد الصفحات لابد من إنجازها فى تلك الساعات الموقوفة على الترجمة، فساوى الإنجاز إخلاصه.

ووسط دأبه وانشغاله اليومى، بلا توقف، لم ينس إبداعه الخاص، فقدم للساحة ثمانى روايات ومجموعات قصصية، ومال الميزان لصالح كفّة الترجمة بعد تفرغه لها، حيث باتت مصدر عيشه الوحيد.

الخلاصة. أننا أمام شابَّين مصريين يضربان مثالا رائعا لأفضل سبل التعامل مع معانى الحياة، والإبداع، ومخاوف الواقع المعيش. أحببت جمعهما معاً فى صفحة واحدة لإبراز جمال ما يقدمانه، ولعل الناس يجدون فيهما ما يستوجب التشبه بهما وتحيتهما على إخلاصهما المبهر!.



يوسف نبيل

 

  • كل كتاب يُعرِّضه لمشاقٍ مختلفة وفيها تكمن المتعة

 يوسف نبيل:

  • لا أستطيع ترجمة  كتاب لا أحبه.. فهذا عذاب لا يحتمل
  • بعض الكتب شديدة الصعوبة وتتطلب مستوى عاليا فى اللغة الأصلية
  •  المترجم يجب أن يكون ضليعا فى لغته الأصلية أكثر من الأجنبية

 

ترجمت 38 عملا أدبيا «أغلبها» عن الروسية، غير ما تحويه جعبتك وينتظر النشر! هذا رقم كبير وملفت، قياسًا على سنوات تفرغك للترجمة؟ فبأى آلية تنتج هذه الوفرة؟ وهل هو نشاط ودأب وعزيمة؟ أم أن فى الأمر سحر أو سرّ لا نعرفه؟ مع إيمانى بأن الإرادة الصادقة تفلّ الحديدة؟

تبدو الأرقام من بعيدة غريبة، لكن الأمر فى الحقيقة بسيط. إذا التزم المترجم بترجمة 6 أو 8 صفحات يوميًا «بحساب الصفحة 200 كلمة مثلا» سينتج كمية أكثر من هذه. أعمل بنظام صارم حيث ألتزم بترجمة عدد من الكلمات يوميًا مهما كانت انشغالاتى، ولا أفارق التزامى إلا فى الحالات الطارئة، وأقضى عطلة بضعة أيام بين كل كتاب وآخر. بهذه الطريقة البسيطة يمكن للعمل اليومى الذى لا يتجاوز مثلا ست أو سبع ساعات أن ينتج أكثر من ذلك. عدد المترجمين المتفرغين قليل، لذلك لا تظهر هذه الكميات كثيرًا، لكن فى الأعوام الماضية ظهر مترجمون كثيرون ينجزون مثل هذا.

هل تقارن ترجماتك بالترجمات السابقة، مثل سامى الدروبى، وكثرة غيره؟ أم لا تتوقف عند ذلك؟

تتطلب الإجابة بحثًا علميًا حقيقيًا يقارن بين النص الأصلى والنص المترجم، وهذا يحتاج لجهد نقاد وباحثين. وهذا الأمر غائب إلى حد كبير إلا فى الماجستير والدكتوراه وفى كليات متخصصة، ونادرًا ما تصل إلينا هذه الأبحاث. وكل ما أحاول فعله تطوير مستواى باستمرار.

هل تختلف الترجمة من اللغة الروسية مباشرة، عن لغة وسيطة، كما نقل سامى الدروبى عن الفرنسية؟ وهل تتطابق النصوص إلى حد ما، أم تكون بينها اختلافات كبيرة؟

أحيانا تختلف بشدة، وفى أخرى تكون اختلافات غير جوهرية. ويعتمد الأمر على عاملين، جودة الترجمة الوسيطة «الفرنسية مثلا فى حالة الدروبى» وجودة الترجمة إلى العربية. عندما يتسم أسلوب المؤلف الأصلى بالبساطة وعدم التعقيد والسهولة اللغوية يمكن أن تكون الفروق بسيطة فى حالة جودة الترجمة من اللغة الوسيطة والترجمة الثانية إلى العربية. فى حالات أخرى يحدث العكس. بعض الأعمال تفقد الكثير عند ترجمتها عن لغة وسيطة.

متى تكون الترجمة أمينة على النصوص الأصلية، وهل صادفتك ضرورات تُحتِّم الخروج عليها أحيانًا؟ أم أن ذلك من المحاذير لديك؟

الأمر شائك. فى ظنى الخاص كلما اقتربت من نقل روح وأسلوب الكاتب الأصلى كانت الترجمة أمينة، لكن كيفية تحقيق ذلك تطرح أمام المترجم إشكاليات لا حصر لها. وكل جملة وفقرة يمكن ترجمتها بأكثر من وسيلة. وأحاول دائمًا الاقتراب قدر الإمكان من أسلوب المؤلف، وأفعل ذلك عبر فهم أسلوبه، ودائما أُترجم أكثر من عمل للمؤلف ذاته. وأحذر بشدة الأساليب البلاغية والجمالية المخالفة لأسلوب الكاتب الأصلى. فإذا استخدم جملا جافة أفعل الأمر ذاته، وإذا أفرط فى التزيين اللغوى أفعل مثله، مع الحفاظ على سهولة المقروئية فى العربية. لا أخرج أبدًا عن النص الأجنبى إلا بطريق الخطأ.

متى تعتبر الترجمة خيانة للنص الأصلى، كما يردد البعض، وإلى أى مدى تعتبر نفسك من المخلصين؟ وهل استسلمت للاستسهال أحيانا اعتمادًا على أن القارئ العربى لن يلحظ ذلك؟

تتمثل الخيانة فى مفارقة النص الأصلى واللجوء إلى أسلوب لا علاقه له بأسلوب الكاتب. لا أتحدث هنا عن عدم الالتزام بالمضمون لأن هذا أمر مفروغ منه، فلا أقبل مثلا أن يقول الكاتب «السماء مزينة بالنجوم» وأترجمها «السماء مرصعة بالنجوم». ولا أستخدم مجازًا ولا استعارة أو كناية لم يستخدمها الكاتب. وألتزم أيضًا بطول أو قصر الجملة كما كتبها هو. مع إدراك خصوصية كل لغة والالتزام بالحد الأدنى من سهولة المقروئية. وأعتبر نفسى الآن من المخلصين إلى حد كبير، وإن لم أكن بهذه الكفاءة فى محاولاتى الأولى.

هذا الكم الذى ترجمته، يعكس قدرًا كبيرًا من المشقة، فمتى تكون الترجمة متعة، وهل تكون قلقا واضطرابًا أحيانًا؟ أم أن التكرار يكسبك دربة واحترافًا يعفيك من هذا وذاك؟

كل ما ترجمته تقريبًا كان من اختيارى، والمشقة الحقيقية تكمن فى اختيار الكتاب، لأن ترجمة الكتاب الواحد تتطلب قراءة عدد كبير من الكتب وبحثًا مستمرًا. فيجب أن تتوفر أسباب واضحة لاختيار كتاب دون غيره، فالعامل الجمالى وحده لا يكفى فى حال وجود عدد لا نهائى من الكتب. فهناك أولويات. وكل كتاب يعرض عليك رحلة مختلفة ويُعرِّضك لمشاق مختلفة أيضًا. وفى هذا تحديدًا تكمن المتعة. لا أستطيع أبدًا ترجمة كتاب لا أحبه. هذا عذاب لا أستطيع تحمله.

هذا كله بجانب إبداعاتك الأدبية، فلك ثمانى روايات ومجموعات قصصية، وكتب نقدية، فكيف تجد وقتا لكتابة أدبك الخاص؟ وهل تستطيع تصفية ذهنك من زحام الترجمة والقواميس ومطابقة المفردات، وتدقيق الجمل؟

تفرغى للترجمة بشكل احترافى قللّ إنتاجى الأدبى بشكل واضح، ولا أزال حتى الآن أبحث عن صيغة ملائمة للجمع بين الترجمة والكتابة. لا يقتصر الأمر على الوقت ولكن يتطلب تصفية الذهن فعلا، فالكتابة بدورها تحتاج لتفرغ؛ على الأقل فى الفترة التى تتشكل فيها العوالم الأساسية للرواية. والتخلى عن الترجمة لبعض الوقت يعنى التخلى عن مصدر الدخل، وهنا تأتى الصعوبة.

من جانب آخر. هل تشكِّل الترجمة ظهيرا لإبداعك الخاص، كرصيد قراءة هائل، من شخصيات وتقنيات وعوالم فائقة الثراء لأدباء كثر؟

لا شك فى ذلك. الفائدة الأولى لغوية. تفيد الترجمة الكاتب فى تطوير لغته وضبط عباراته والتعامل بطرق مختلفة مع صياغاته الأدبية. وتسمح الترجمة له بدخول أبنية النصوص الداخلية، وإدراك كيفية تشكيلها، وأسسها التقنية التى استخدمت فيها كل هذا يُطوِّر الكاتب بلا شك.

كأنها غرفتان مفتوحتان على بعضها فى ذهنك طوال الوقت! فكيف تتصرف فى ذلك التداخل، وهل يمكنك إحكام فصلهما تماما، ومنع الالتباس؟

لا داعى لإحكام الفصل. فالكتابة تفيدنى فى التعامل مع النص المترجم باحترافية، والترجمة تمنحنى الأمور التى ذكرتها فى الإجابة السابقة. والتداخل يصنع مزيدًا من الإبداع، وما أحتاجه فى هذه الحالة هو التفرغ لفترة قبل البدء فى كتابة عملى الخاص، لإنجاز التصورات الأساسية للرواية وشخوصها.

ألم تخش هيمنة الأدب الروسى على ذهنك أثناء كتابة أعمالك الإبداعية، وهو أدب عميق وواسع المجال؟ أم تحكم السيطرة على موضوعك وشخوصك والتقنية؟

حدث هذا فى بداية كتاباتى الأدبية قبل احترافى الترجمة. والأمر مرتبط بتأثير القراءة أكثر من تأثير الترجمة ذاتها. وما أن يكتسب الكاتب بعض النضج حتى يجد صوته الخاص. وأظن أن تأثير الأدب الروسى على كتابتى يتعلق بالنظرة الكلية إلى النص الأدبى ودوره الاجتماعى والروحى، لكنى لا أحاكى أحدًا الآن.

هل قمت بترجمة أى عمل من العربية إلى الروسية؟ لتتأكد من المستوى؟

لم أفعلها، ولا أستطيع فعلها.

هل يحق للمترجم الاستعانة بآليات الترجمة الإلكترونية المتوفرة؟ وتجويد الهنَّات والأخطاء يدوياً بعدها؟ أم هذا ممنوع تماما لديك؟

لا أمانع نظريًا استخدام أية تقنية تكنولوجية فى الترجمة طالما ستفيد، لكن العمل بهذه الطريقة يفرض على المترجم من البداية اختيارات ضيقة. فى الترجمة الأدبية خصوصًا أحتاج كمترجم إلى استخدام مفردة بعينها وطول جملة معين وأسلوبًا بعينه دون غيره، والترجمات الإلكترونية لا تبالى بهذه الحساسيات، بجانب عدم دقة وصحة الترجمة. أستخدم هذه الآليات إذا تعذر عليّ فهم أى شئ، لكنى أصيغ كل الأعمال بنفسى.

 .......................................................................................................


أحمد سمير

  • كلاهما يحتاج إلى بوصلة وخرائط

 أحمد سمير سعد:

  • الكتابة والتخدير يشبهان الإبحار
  •  الكتابة تسمح طوال الوقت بارتياد مسارات جديدة
  • طبيب التخدير عليه الالتزام دائما بمسارات معروفة ومجربة


بجانب عملك كمدرس تخدير ودخولك غرف العمليات أغلب أيام الأسبوع، تكتب الأدب. الرواية والقصة وكتب الأطفال، وتترجم كتبا علمية وفلسفية ذات أهمية خاصة. فكيف تنظم وقتك لتفعل كل هذا بتوازن؟ وهل من السهل الحفاظ على مستوى عال فى كل السياقات؟ أم أنك تتساهل فى بعض الجوانب لضيق الوقت؟

أحاول قدر الإمكان الاستفادة من الأوقات البينية. فكل يوم هناك مهمات كبرى يجب القيام بها أولا، لذا أستفيد بالأوقات بين تلك المهام. ودرّبت نفسى على القراءة والكتابة فى أية ظروف. ولا أخفيك سرا أن جانبا يطغى على الآخر. فأحيانا أنشغل بقراءة أو كتابة أو شىء مهنى أو يوم مضنٍ فى العمليات، لكنى فى المجمل أحب مهنتى وأهوى الكتابة، ولا تعارض بينهما بحال، فهما يتكاملان وتتشكل منهما شخصيتى وإنجازى الذى أشرت إليه.

هل ثمّة علاقة بين التخدير والفنّ؟ سلبا أو إيجاباً برأيك؟ وهل تخدير المريض يشبه تلقى الإبداع على نحو ما؟ وإذا كان المخدر قد أعفى المرضى من الألم فهل الأدب يخفف عن المتلقين؟ أم يزيد همومهم؟

وصف الإغريق ممارسة الطب بالفن، ووصفها العرب بالصناعة، إذن فالطب بحسب القدماء فن وصنعة. وهكذا أظنه وأتعامل معه، صحيح أننا كأطباء نلتزم بالممارسات المتعارف عليها، كما يلتزم الموسيقى بنوتته الموسيقية، وأنجح الأطباء باعتقادى هم من يتعاملون مع مهنتهم باعتبارها إبداعاً. أما التخدير تحديدا فله علاقة بالوعى وكذلك الإبداع يرتبط بالوعى والخبرة. والوعى سر يستعصى علينا، قد أُخبرك الكثير عن السيالات الكهربية التى تنتقل فى الأعصاب ومراكز المخ المختلفة، لكننى لا أستطيع أن أخبرك ما الأحمر وما الجمال وما البهجة؟

أما الأدب عندى فهو مساحة للتعافى، يُدرّبنا على القبول، والقبول ترياق كل شىء!

هل تهتم بما تكتبه، أو تترجمه فى مختلف التفصيلات، كما تهتم ببيانات حالة المريض قبل تخديره، وأثناء الجراحة. مثل نسب الأكسجين، والضغط والسكر وما شابه، ما أوجه الاختلاف والتشابهات بين الحالين؟

أهتم للغاية بالتفاصيل، وأسعى ما استطعت إلى ضبط عباراتى ورد أى معلومة إلى مصدرها متى كان ذلك ضروريا. لكننى فى الكتابة ربما أحتفظ بمساحة أرحب للارتجال والتجريب. الكتابة والتخدير يشبهان الإبحار، بالطبع أحتاج إلى بوصلة وخرائط فى الحالتين كلتيهما، إلا أن الكتابة تسمح طوال الوقت بارتياد مسارات جديدة لكن طبيب التخدير عليه الالتزام دائما بالمسارات المعروفة والمجربة، وإذا عنَّ له أن مسارا ما أفضل فإنه لا يسير فيه إلا من خلال بحث علمى منضبط ومعايير محددة.

إذا كانت ترجمة الكتب العلمية متسقة مع دراستك للطب، فكيف نفهم العلاقة بين الطب والأدب؟ وما سبب كتابة عدد كبير من الأطباء للأدب حول العالم، وفى مصر والوطن العربي؟ وهناك جمعيات الأطباء الأدباء فى أنحاء متفرقة من العالم؟ وهل تعتقد أن الإنسان هو المشترك بين المجالين ومناط اهتمامهما؟

لم يملّ أساتذتنا من أن يكرروا على مسامعنا أن العامة قديما كانوا يطلقون على الطبيب اسم «الحكيم»، وقصدوا بذلك التأكيد على أن الطبيب لا يتعامل مع جسد مريضه فقط بل مع روحه ووجدانه، يجب أن يعرف الضرورى من أحوال مريضه الاجتماعية والثقافية، ويكون حكيما فعليا فى كل قرار أو علاج يصفه، ويأخذ فى اعتباره كل الأبعاد والمتغيرات. لذا ليس غريبا أن يستهوى الأدب الأطباء، فالطبيب والأديب كلاهما يتدارسان الإنسان بعمق ويحاولان الاقتراب منه فى أدق وأهم لحظاته.

لك روايات سِفرالأراجوز، وشواش، والمزيّن. ومجموعات قصصية طرح الخيال، والضئيل صاحب غيّة الحمام، والله.. الوطن.. الهُوَ. ثم متتالية حكايات كاذبة، ونص أدبى بعنوان تسبيحة دستورية. ومجموعات قصصية للأطفال مثل ممالك ملونة، وخادم المصباح السحرى، ورسول الفضاء، وعينٌ على السماء. بجانب مقالات علمية وأدبية وقصص متفرقة نشرتها فى دوريات ومواقع مختلفة. وسط انشغالاتك العملية والعلمية، وغزارة الإنتاج هذه كيف تحافظ على المستوى الفنِّيّ والشخصيات والمضامين؟ هل يحتاج الأمر إلى يقظة فقط، أم أن ذلك يمثل ضغطا كبيرا على الموهبة والمخيلة؟

تاريخ الأدب والأدباء قدّم لنا من أجادوا وكانوا غزيرى الإنتاج، وكذا من أجادوا وكانوا مقلين. أتفهم جيدا أن الإبداع يحتاج إلى فترات من التوقف والتفكير والتمعن والتشبع والشحن، لكننى أظن أن للمبدعين تجارب وخبرات مختلفة فى هذا الصدد. بالنسبة لى أظن أن تعدد الاهتمامات وتنوعها فى حالتى الشخصية كان بمثابة عملية شحن دائمة وتفكير دائب لأنها تجبرنى على قراءات متنوعة والبحث فى أمور مختلفة وهو ما يمثل تحفيزا دائما للفكر والمخيلة. يشبه الأمر الظاهرة الكهرومغناطيسية، فهى عبارة عن مجال كهربى ومجال مغناطيسى متعامدين على أحدهما الآخر، إذ يولد المجال المغناطيسى المتغير مجالا كهربيا متعامدا عليه والعكس بالعكس وهكذا دواليك. لذلك. ما يظنه البعض تشتيتا أراه معيناً لا ينضب، قادرا على توليد أفكار لا نهاية لها وطاقات متجددة باستمرار.

أنت متزوج عن قصة حب، ما زلت تحتفى مع زوجتك سنويا بأماكن وذكريات بداياتكما الرومانسية! فكيف تعدل بين بيتك وغرف العمليات وقاعات المحاضرات، والتأليف والترجمة؟ خاصة أنك ملتزم حرفيا فى كل هذه السياقات دون تقصير، وتلهث بينها طوال الوقت مثل العدَّائين؟

ثمة مقولة مؤرقة تنص على أن البعض يعيش الحياة والبعض يكتب عنها. أخشى كثيرا من أن أكون ممن يكتبون عن الحياة ولا يعيشونها. أؤمن أن الأسرة تأتى فى المقام الأول وأنها المشروع الأهم والمعنى الأسمى. وفى الحقيقة أنا محظوظ بأسرتى، زوجتى وابنتى وابنى. ولا أنكر أنهم يتحملوننى كثيرا حين أنشغل بفكرة أو كتابة أو أتركهم من أجل العمل ولهذا أحاول من حين لآخر تعويضهم بعض الشىء أو بالأحرى تعويض نفسى، فهم السكن والمقام مهما ارتحلت. لقد تعلمت هذا من أبى وأمى وسأعلمه لابنى وابنتى.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق