رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

هل يشكل الأمير هارى خطرا على المؤسسة الملكية فى بريطانيا؟

منال لطفى
ميجان تسرد تفاصيل لقائها بالملكة اليزابيث

تحاول المؤسسة السياسية والأمنية البريطانية الإجابة عن مدى خطورة الأمير هارى على المؤسسة الملكية فى بريطانيا بعد بث «نتفليكس» حلقات الفيلم الوثائقى الجديد حول هارى وزوجته اللذين غادرا بريطانيا فى 2020 للاستقرار فى أمريكا، وشنا منذ ذلك الحين حملة انتقادات لاذعة لم تتوقف ضد المؤسسة الملكية.

فى الفيلم الوثائقى الجديد يواصل هارى اتهام تلك المؤسسة ضمناً بالعنصرية، مشيرا فى حكم دامغ إلى «مستوى هائل من التحيز العرقى اللاواعى للعائلة المالكة.فى هذه العائلة، تكون أنت أحيانا جزءا من المشكلة وليس جزءا من الحل».

ويوضح هارى أن أفراد عائلته تساءلوا عن سبب احتياج زوجته ميجان إلى مزيد من الحماية من انتقادات وسائل الإعلام البريطانية، أكثر مما حصلت عليه باقى نساء العائلة الملكية، مثل الملكة كاميلا أو أميرة ويلز كاثرين. ويخلص هارى إلى أن العائلة فشلت فى فهم «عنصر العرق» وعلاقته بالانتقادات اللاذعة لزوجته.

وخلال الحلقات، سخرت ميجان مما اعتبرته «تقاليد عصور وسطى» ومن بينها الانحناء أمام الملكة الراحلة إليزابيث الثانية وطقس تناول الشاى فى «قصر باكنجهام». وجسدت سخريتها من الأمر كله بإعادة تمثيل مشهد أول مقابلة لها مع الملكة الراحلة حيث انحنت بشكل مبالغ فيه أمام كاميرات «نتفليكس» وهى تضحك، بينما ظهرت على وجه هارى ملامح عدم الارتياح. فالسخرية من تقاليد الانحناء أمام الملكة، وكانت آنذاك قد تجاوزت 90 عاما، تفتقد للدماثة، وهو «خط أحمر» للكثيرين فى بريطانيا سواء كنت من مؤيدى النظام الملكى أم لا. وشملت سهام انتقاد هارى والده الملك تشارلز الثالث الذى اتهمه بأنه قطع عنه الدعم المالى وأنه كان غائبا خلال سنوات صباه، قائلاً إنه تربى فى إفريقيا عندما كان يقضى إجازات طويلة هناك، وفى أفغانستان عندما انضم للجيش!.



لكن أسوأ الانتقادات خص بها هارى شقيقه ولى العهد وملك بريطانيا المستقبلى الأمير ويليام الذى صوره هارى على أنه شخص متحفظ، تحميه المؤسسة الملكية بوصفه وريثا للعرش، موضحاً: «لقد كانوا سعداء بالكذب لحماية أخى ولم يكونوا أبدا مستعدين لقول الحقيقة لحمايتنا»، بدون أن يوضح هوية «هم»، أو حماية ويليام من أى مزاعم، لكن فى أغلب الظن «هم» تشير للعائلة الملكية.

ثم يتذكر هارى اللقاء الذى عُقد فى «قصر ساندرينجهام» مع الملكة الراحلة ووالده وشقيقه لبحث مسألة مغادرته لدوره الرسمى فى المؤسسة الملكية. واتهم هارى ويليام بالصراخ فيه، قائلاً: «كان أمرا مرعبا أن يصرخ أخى فى وجهى. ويقول والدى أشياء لم تكن صحيحة، فيما تجلس جدتى بهدوء تراقب».

وفى صفعة لشقيقه ولى العهد، قال هارى إن ويليام وزوجته كاثرين ومسئولون داخل القصر شعروا بالتهديد من شعبيته هو وميجان. ويوضح هارى أنه وزوجته كانا «أفضل» فى الارتباطات الملكية من الملك تشارلز وويليام وكاثرين.. ويُلقى ذلك بالمزيد من الزيت على نيران العلاقات بين هارى وويليام وسط تقارير أن هارى لطالما شعر أنه مؤهل لمنصب الملك المستقبلى أكثر من شقيقه.

كما اتهم هارى «المؤسسة» باستخدام التضليل بدون أن يعطى أمثلة أو أدلة. فيما قالت ميجان: «لم يتم إلقائى للذئاب، تم إطعامى للذئاب»، فى إشارة محتملة لصحف التابلويد البريطانية. وكرر هارى قوله إن أخاه الأمير ويليام مكبل فى تقاليد المؤسسة، وإن ويليام والملك تشارلز تزوجا وفق اعتبارات العقل.


برود بريطانى!

كما صورت ميجان ويليام وزوجته أميرة ويلز كاثرين كشخصين متحفظين باردين. وفى الفيلم الوثائقى تحكى ميجان أول لقاء بينهم حيث قابلتهما وهى حافية القدمين ترتدى سروال جينز ممزقا لكسر حاجز الرسميات معهما! لكن اللقاء الذى كان أول لقاء تعارف بينهم لم يسر على ما يرام. فقد فوجئت كاثرين بعناق ميجان لها. ومن نافلة القول إن العناق من أول لقاء مع غرباء ليس عادة أوروبية. والقصة كما ترويها ميجان تُظهر الصورة النمطية للتناقض الكلاسيكى بين التحفظ البريطانى وعدم الرسمية الأمريكى. كما اشتكى هارى وزوجته من أنهما لم يكونا «محميين» بما فيه الكفاية، رغم حراستهما على مدار الساعة من قبل ضباط الخدمة الخاصة فى قسم الحراسة الملكية. على مدار حلقات نتفليكس يشتكى هارى وميجان من سوء المعاملة بدون أن يذكرا أى أحداث محددة تبرر حربهما ضد أسرة هارى. وبعض الحوادث المعروفة مثل خلاف حول ارتداء بعض قطع مجوهرات العائلة تافهة ولا تبرر الاحتقان والاتهامات التى تملأ الصحف العالمية.

المعلقة الملكية البريطانية البارزة كاميلا تومينى تلخص حرب هارى عبر الأطلنطى ضد أسرته بـ«تنافس الأشقاء»، فعلى طول التاريخ الملكى من ريتشارد الأول إلى إدوارد الثامن، لعب تنافس الإخوة دورا لا يمكن إنكاره. فالابن الثانى لطالما شعر بالغيرة من الابن الأول الذى سيرث اللقب. ولا عجب أن يتجنب هارى فى حلقات نتفليكس ذكر أى دور إيجابى لشقيقه الأكبر فى حياته، أو ذكر أى مزايا له، منتقدا بشدة فكرة «الهرمية» فى التسلل العائلى، فيما تصف ميجان ويليام وكاثرين بأنهما ليسا محافظين فى السلوك العلنى، لكن فى الداخل أيضا.


خلط الدراما العائلية بإرث الإمبراطورية

وفى الفيلم الوثائقى أيضا يربط بعض المشاركين، مثل الكاتبة البريطانية، أفواهيرش، بين شكاوى هارى وميجان من العنصرية و«الكومنولث» وإرث الإمبراطورية البريطانية القائم على نهب البلاد المستعمرة.

الحديث عن تجمع الكومنولث بوصفه استكمالا للمشروع الاستعمارى البريطانى لا يقوض فقط العائلة الملكية، لكن بريطانيا ومكانتها دوليا. كما أنه يجعل الحديث عن تلك القضايا داخليا أكثر حساسية وصعوبة بسبب الاحتمالات المتزايدة لاستخدامه سياسيا.

ولا شك أن هذا المحتوى يشكل قراءة صعبة للمؤسسة الملكية فى بريطانيا. فهناك قضايا لا يمكن غض الطرف عنها مثل حاجة بريطانيا للاعتذار عن ممارساتها الاستعمارية وحتى تقديم تعويضات مالية إذا أرادت الحفاظ على تجمع الكومنولث.

وهناك إدراك لدى الملك تشارلز لهذه الحقيقة. ففى السنوات الأخيرة تحدث مراراً عن الجوانب المظلمة من إرث الإمبراطورية. وفى أول مأدبة عشاء رسمية له بصفته ملكا لبريطانيا فى قصر باكنجهام فى نوفمبر الماضى خلال استقباله رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، قال تشارلز إن عناصر من التاريخ البريطانى سببا للحزن. لكن إرث بريطانيا الإمبراطورى ومستقبل الكومنولث قضايا من الأهمية بمكان لدرجة استحالة معالجتها واختزالها وتبسيطها فى «دراما عائلية» تحركها مشاعر إنسانية متناقضة بين الغيرة، والتنافس، والاحساس بالظلم، وسوء الفهم، والمكائد. ففى نهاية المطاف لم يغادر هارى وزوجته بريطانيا للإقامة فى أمريكا بسبب الإرث الإمبراطورى لبريطانيا، بل بسبب تباينات وخلافات شخصية وعائلية.


ابن الأمير هارى ينظر إلى صورة جدته ديانا

مخاوف على سلامة العائلة

حلقات نتفليكس الجديدة تضع بريطانيا والمؤسسة الملكية فى وضع أصعب على جميع النواحى، خاصة من ناحية المخاطر الأمنية على الملك تشارلز وولى العهد الأمير ويليام وأفراد أسرته. والمخاوف الأمنية لها ما يبررها، ففى الآونة الأخيرة تعرض الملك تشارلز الثالث للرشق بالبيض مرتين خلال زيارتين ميدانيتين فى بريطانيا. كما تعرض عدد من أعضاء العائلة من بينهم ويليام وكاثرين للحظات صعبة بما فى ذلك خلال الزيارة الأخيرة إلى منطقة البحر الكاريبى احتفالاً باليوبيل البلاتينى للملكة إليزابيث الثانية قبل وفاتها بقليل، حيث قوبل الزوجان باحتجاجات فى جامايكا وأخبرهما رئيس الوزراء أندرو هولنس أن جامايكا، وهى دولة عضو فى الكومنولث ويٌعد العاهل البريطانى رأسا لها، تريد قدرا أكبر من الاستقلال. وتابع آنذاك: «هناك قضايا هنا، كما تعلمون، لم يتم حلها. لكن وجودك يعطى فرصة لوضع تلك القضايا فى سياقها، ووضعها فى المقدمة والمركز، ومعالجتها»، وذلك فى إشارة إلى مطالبات متزايدة بتعويض الدول التى عانت من الاستعمار البريطانى.

ويحذر الرئيس السابق لقسم الحماية الملكية، داى ديفيز، من أن ادعاءات العنصرية فى الفيلم الوثائقى تعرض العائلة الملكية للخطر من قبل متطرفين. وقال ديفيز، وهو قائد فرقة سابق فى شرطة العاصمة كان يحرس الملكة إليزابيث الثانية وأفرادا آخرين من العائلة لصحيفة «ديلى تليجراف» إن هارى وزوجته يثيران «تهديدا حقيقيا» من خلال مهاجمتهما أفراد العائلة الملكية. وأضاف: «نظرا لأن رواية هارى وميجان قد ارتبطت بالعرق، أعتقد حقا أنه يمكن أن تخلق أقلية صغيرة يمكنها اللجوء للعنف رداً على ادعاءات وجود عنصرية فى المؤسسة الملكية البريطانية».


متى ينتهى السيرك؟

طبعا بريطانيا تمر بكثير من الأزمات وعلى رأسها أزمة تكلفة المعيشة والتقلبات السياسية، والاضرابات العمالية غير المسبوقة. وآخر ما تحتاجه هو تحدى مكانة المؤسسة الملكية، فهى المؤسسة التى كانت خلال حياة الملكة اليزابيث أكثر مؤسسة ذات شعبية وسط البريطانيين فى ظل الغضب المتزايد من الطبقة السياسية. كما أنها تحظى باحترام فى الخارج. والضرر الذى تحدثته حلقات نتفليكس يلقى بظلال سيئة على بريطانيا كدولة وعلى العائلة الملكية. فالحلقات تعطى انطباعا أن بريطانيا لديها مشكلة عنصرية، سواء فى وسائل الاعلام أو لدى الشارع البريطانى. لكن واقع الحال أن بريطانيا من ضمن أكثر الدول الأوروبية تعددية عرقية ودينية وتعايشا أيضا. ومع أن هناك طريق طويل قبل تحقيق المساواة العرقية والدينية الكاملة فى بريطانيا، إلا أن هذا ينطبق على الغرب كله.

ففى الحكومة البريطانية الحالية ومن ضمن أهم أربعة مناصب فى البلاد، يشعل ثلاثة من أبناء المهاجرين ثلاثة مناصب وهم رئيس الوزراء ريشى سوناك، وهو من أصول هندية. ووزيرة الداخلية سويلا بريفرمان، وهى أيضا من أصول هندية، ووزير الخارجية جيمس كليفرلى ووالدته من سيراليون. أما رئيس حزب المحافظين، ناظم زهاوى، فهو من أصول عراقية كردية. كما شغل أبناء مهاجرين وزارات مهمة فى الحكومات السابقة مثل بريتى باتال، من أصول هندية، التى كانت وزيرة للداخلية فى حكومة بوريس جونسون. وكواسى كوارتينج، وجذوره من غانا، وكان وزيرا للخزانة فى حكومة ليز تراس.

وبسبب التشويه الناجم عن حلقات هارى وميجان على نتفليكس، دعت شخصيات بريطانية الملك تشارلز الثالث لعدم دعوتهما لحضور حفل تنصيبه فى مايو المقبل. ومن ضمن تلك الشخصيات التى ترفض حضور هارى وميجان زعيم حزب المحافظين السابق إيان دنكان سميث، والنائب المحافظ بوب سيلى، والمؤرخ اللورد أندرو روبرتس، والأدميرالسابق فى الجيش البريطانى كريس بارى.

فحجم الضرر عبر الموجات المتلاحقة من الانتقادات التى لا تتوقف لا يمكن الاستهانة به. ويشير المؤرخ الملكى توم باور إلى أن الخلاف العلنى بين وريث العرش وشقيقه هو مظهر سيئ لبريطانيا. وقال باور لصحيفة «ديلى تليجراف» أنه «لو كانت الأميرة ديانا على قيد الحياة لأصابها الفزع من خيانة هارى لأخيه..ليس هذا مزعجا فقط لويليام والملك تشارلز. ولكن أيضا للبلد. صورة الإخوة المتحاربين مروعة لسمعة بريطانيا العالمية».

هارى وميجان يكشفان صورا خاصة لهما خلال الفيلم الوثائقى


بعد حلقات نتفليكس، ستتجه أعين العائلة الملكية لمذكرات الأمير هارى المقرر أن تصدر فى يناير 2023 تحت عنوان «احتياطى»، فى إشارة ضمنية لكون هارى، بوصفه المولود الثانى، «احتياطى» لشقيقه الأكبر الأمير ويليام الذى سيئول إليه العرش البريطانى.


شعبية العائلة الملكية قوية رغم الصعاب

برغم المصاعب، ما زالت شعبية العائلة الملكية البريطانية مرتفعة. وربما ساعد فى دوام شعبيتها مخاوف الكثير فى بريطانيا من أن الهدف الحقيقى لحملة الأمير هارى وزوجته ميجان على المؤسسة الملكية هو إضعافها بشكل لا رجعة فيه.

وبالنسبة للكثير من البريطانيين فإن تصورالمملكة المتحدة بدون المؤسسة الملكية شىء مستحيل. فالتاريخ البريطانى يُؤرخ بملوك وملكات العائلة منذ أكثر من ألف عام. والأدب الإنجيزى، أفضله سواء مسرحيات أو شعر أو موسيقى، تم استلهامه من الدراما السياسية التى وفرتها المؤسسة الملكية.

والنظام الدستورى والسياسى البريطانى كله مرتبط بالمؤسسة الملكية، فليس فى بريطانيا دستور مكتوب، لأن القواعد والقوانين والتقاليد والمراسم التى تم التوافق عليها على مدار ألف عام ما زال يتم الاستناد إليها حتى اليوم.

بعبارة أخرى، إذا قرر البريطانيون يوما ما إلغاء المؤسسة الملكية، يجب عليهم أن يكتبوا دستورا للجمهورية البريطانية الجديدة لأن القوانين والقواعد والتقاليد المعمول بها اليوم كلها تدور حول أن رأس الدولة هو المؤسسة الملكية.

إضافة إلى ذلك، أثبت النظام الملكى مرة بعد مرة أنه «قوة بريطانيا الناعمة» على المسرح الدولى. فخلال السبعة عقود الماضية لم يكن لدى بريطانيا زعيم سياسى أكثر شعبية فى الداخل أو الخارج من الملكة الراحلة اليزابيث الثانية. فقبل وفاتها بأيام وجد استطلاع للرأى أن 81% من البريطانيين ينظرون إليها نظرة إيجابية، وهو معدل ظل ثابتاً أغلب سنوات حياتها. وبالتالى فإن هجوم هارى وميجان فى حلقات نتفليكس الوثائقية على المؤسسة الملكية هو مصدر قلق ليس لأفراد العائلة فقط، بل للبريطانيين أيضا. فإضعاف المؤسسة الملكية مكلف لبريطانيا على كل صعيد. ولا عجب أن ينقلب الرأى العام البريطانى بقسوة على هارى وميجان بعد بث حلقات نتفليكس، وفى نفس الوقت ترتفع شعبية باقى أفراد الأسرة. ففى استطلاع للرأى أجراه مركز «يوجوف» المستقل لقياس الرأى العام، بعد بث أول ثلاث حلقات، عبر 33% فقط عن رأى إيجابى تجاه الأمير هارى، بينما عبر 59% عن رأى سلبى حياله ويمثل ذلك أدنى نسبة دعم لهارى وسط البريطانيين بانخفاض مقداره 13 نقطة منذ نوفمبر الماضى. أما زوجته ميجان ماركل، فعبر 25% فقط عن رأى إيجابى حيالها، مقابل 64% لديهم رأى سلبى نحوها. فقط الأمير أندرو، الذى ارتبط اسمه بشبكة للاتجار بالفتيات كان يديرها صديقه رجل الأعمال الأمريكى الراحل جيفرى أبستين، كان العضو الوحيد فى العائلة الملكية الذى يتمتع بشعبية أقل من هارى وميجان، إذ أعرب 7% فقط عن رأى إيجابى فيه.

ووسط الشرائح العمرية الأكبر سنا «65 عاما أو أكثر» كانت شعبية ميجان فى أدنى مستوياتها، إذ قال نحو 86% إن لديهم رأيا سلبيا تجاه دوقة ساسكس. فى المقابل، أظهر الاستطلاع أن ولى العهد الأمير ويليام وزوجته أميرة ويلز كاثرين أكثر أفراد العائلة الملكية شعبية وسط البريطانيين، إذ حصل ويليام على نسبة دعم «+69» وكاثرين «+64».


الأمير ويليام وزوجته كاثرين وأبناؤهما

مذكرات «الأمير المتمرد» وشعرة معاوية

المذكرات التى ستكون فى 416 صفحة، من المتوقع أن تكشف المزيد من أسرار العائلة المحفوفة بالمخاطر بالنسبة لهارى. فمن ناحية، يجب عليه أن يقدم لدار النشر «راندوم هاوس» فى أمريكا، و«بانجوين» فى بريطانيا ما يكفى من الخبايا والمعلومات الجديدة كى يبرر المبلغ الكبير الذى سيحصل عليه وهو قرابة 20 مليون دولار، لكن من ناحية أخرى على هارى عدم كشف المعلومات أو الخبايا الحساسة التى يمكن أن تقطع «شعرة معاوية» المتبقية مع أفراد العائلة الملكية، خاصة شقيقه الأمير ويليام ووالده الملك تشارلز الثالث.

هذا التوازن الحساس والصعب بين مطالب دارى النشر وبين العلاقات العائلية هو الذى سيحدد مبيعات الكتاب دوليا، وهى مبيعات يأمل هارى أن تكون كبيرة على أمل إصدار المزيد من الكتب وتعزيز «ماركته التجارية» بوصفه «الأمير المتمرد» الذى يرفض حياة القصور الجافة، وبالتالى ضمان استمرار تدفق الملايين لحسابه البنكى بعدما غادر العائلة الملكية. لكن هارى ليس الوحيد الذى يضع الكثير من الآمال على نجاح مذكراته، فدار نشر «بانجوين» و«راندوم هاوس» يضعان آمالا كبيرة على نجاح الكتاب وأعلنا أن المذكرات ستصدر فى 10 يناير المقبل بـ 16 لغة فى نفس الوقت.


غلاف كتاب الأمير هارى

ووصفت دار نشر «بانجوين» الكتاب بأنه «ملىء بالبصيرة والفحص الذاتى والحكمة المكتسبة بشق الأنفس».

لكن منذ وفاة الملكة اليزابيث، تُظهر المؤشرات أن هناك الكثير من القلق من جانب هارى حيال محتوى المذكرات المرتقبة. فالمذكرات، التى كان من المفترض أن تصدر فى أواخر عام 2022، تم تأجيلها لمطلع العام المقبل بعد وفاة الملكة والحزن العام فى بريطانيا والتعاطف المتزايد مع العائلة الملكية. فهذا التعاطف يعنى الاستقبال الغاضب لأى اتهامات جديدة يكيلها هارى لأفراد عائلته، خاصة أن الملك تشارلز ما زال فى الأشهر الأولى من عهده. أما ولى العهد الأمير ويليام فما زال يتلمس خطاه وأى انتقادات مباشرة أو ضمنية لهما وللأسرة والبلاط الملكى ستبدو خالية من اللياقة والتعاطف، ففى نهاية المطاف الملكة الراحلة كانت جدة هارى والانتقادات التى يكيلها الحفيد للمؤسسة الملكية هى تدمير لإرث الملكة الراحلة من ناحية، وتقويض لصورة المؤسسة الملكية من ناحية ثانية.

أيضا تمر بريطانيا بفترة صعبة من التقلبات السياسية والمشاكل الاقتصادية وتحاول إعادة وضعها على المسرحين الدولى والأوروبى بعد البريكست. وإذا سعى هارى من جديد لوصم شرائح فى المجتمع البريطانى بالعنصرية والتحيز العرقى اللاواعى، فإن هذا سيزيد من تدهور شعبيته وسط غالبية البريطانيين، خاصة عندما تأتى الانتقادات من أمير يعيش على الجانب الآخر من المحيط الأطلنطى فى قصر بكاليفورنيا قيمته نحو 15 مليون دولار، بينما غالبية البريطانيين يعتمدون على مساعدات من الدولة بقيمة 66 جنيها إسترلينيا للفرد شهريا لدفع فواتير الطاقة التى ارتفعت لمستويات قياسية.

وبسبب كل هذه الاعتبارات، كشف مسئولون تنفيذيون فى صناعة الكتب على دراية بمسار مذكرات هارى لصحيفة «التايمز» البريطانية فى نوفمبر الماضى أن هارى لم يعد متحمسا بشأن عدة نقاط فى محتوى المذكرات، وأن المشروع كله محاط بالشائعات والتأخير والسرية. ونشرت صحف التابلويد البريطانية أن هارى طلب عددا من التغييرات فى اللحظات الأخيرة وسط مخاوف من أن كتابه لن يتم استقباله بشكل جيد بعد وفاة الملكة.

المخاوف من رد فعل الجمهور لا تقلق هارى فقط، بل دارى النشر أيضا فى أمريكا وبريطانيا. فهناك كثيرين فى بريطانيا ممن قرروا مقاطعة الكتاب وعدم شرائه فى مسعى لإرسال رسالة مفادها أن هارى وميجان «لا يمكن أن يتكسبا مالياً من تشويه سمعة العائلة الملكية».

طبعا نجاح أو فشل المذكرات سيعتمد فى المقام الأول على محتواها، وهو محتوى سيتحدد عليه مستقبل علاقة هارى مع العائلة الملكية. لا شك إذن أن الأشهر المقبلة ستكون مليئة بالتحديات والاختبارات للعائلة الملكية، فقد أدى وفاة الملكة اليزابيث إلى تفكيك «الدرع الواقى» حول العائلة الأكثر شهرة فى العالم، والحرب العلنية بين أفراد الأسرة لن تزيد الأمر إلا سوءا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق