تشير الأرقام الأخيرة الصادرة عن صندوق مكافحة الإدمان والتعاطى إلى أرقام مفزعة عن تعاطى المخدرات بين طلاب المدارس التى وصلت الى 7% بين طلاب المدارس و8٫7% بين طلاب التعليم الفنى، وانخفاض الشريحة العمرية للمتعاطين الى 15 عاما وجاء على رأس الأسباب أصدقاء السوء، يليها الفضول وحب الاستطلاع، وهو ما يثير قلق العديد من الآباء والامهات الذين يعيشون هاجس صديق السوء فى حياة الابناء، فكيف يمكن ان نساعد أبناءنا على اختيار الصديق الجيد والابتعاد عن شلة السوء؟
يقول الدكتور إبراهيم مجدى استشارى الطب النفسى إن الآباء غالبًا ما يقلقون بشأن تأثير أقرانهم على أطفالهم المراهقين، وتشير دراسة جديدة إلى أنه يمكنهم لعب دور فى مساعدة أبنائهم المراهقين على اختيار أصدقاء «جيدين» وحماية أولادنا من الأصدقاء ذوى التأثير السيء،حيث تريد كل أم تربية أولادها ليكونوا أشخاصا طيبين وعطوفين ولائقين ومع ذلك، هذه ليست مهمة سهلة، فعندما يكبر اولادك، سيواجهون أشخاصًا مختلفين لديهم مجموعات مختلفة من القيم، وقد يكونون قدوة جيدة أو يكون لهم تأثير سلبى عليهم، لكن لا يمكنك أن تعرفى على وجه اليقين ما إذا كان أصدقاء ابنك او ابنتك سيشجعونهم على الأداء الجيد فى المدرسة أو سيعلمونهم الانخراط فى سلوكيات هدامة مثل التعاطى أو السلوكيات العنيفة ولذلك أنت بحاجة إلى مراقبة سلوكهم عن كثب عندما يتفاعلون مع اولادك، أيضًا انتبهى جيدًا لسلوك أولادك وتحققى من أى تغييرات ملحوظة. قد يكون هذا مؤشرًا واضحًا على نوع تأثير صديقهم عليهم.
واذا لاحظت تغيرات سلبية فى سلوك اولادك عندما يبدأ ابنك او ابنتك فى التصرف مثل شخص آخر، مثل ان يقلد سلوك الأشخاص المحيطين به، إذا لاحظت أن ابنك يبدو أنه يخشى إحباط صديقه أو الاختلاف معه، فهذا شيء يجب أن نقلق بشأنه فقد يكون ابنك ضحية للتنمر.
واحيانا ستلاحظ الام ان اصدقاء الابن يخالفون القواعد، ليس فقط قواعد المدرسة ولكن القواعد التى تضعها هى لابنائها ولا يعجبها سلوكهم، وعلى الرغم من أن جزءًا من عملية النمو للمراهق هى تحد للقواعد فإن عدم احترام اصدقاء ابنك لقواعد يعنى انهم ليسوا نموذجًا يحتذى به، وفى هذه الحالة، لا يمكن التدخل بمنع المراهق من التواصل معه ولكن نحتاج إلى التواصل مع عائلة الصديق وإخبارهم بمخاوفك. فقد لا يكونون على دراية بكيفية تصرف أبنائهم خارج منزلهم عند القيام بذلك، وفى هذه المرحلة فإن ضغط الأصدقاء قد يكون له عواقب وخيمة ومخاطر جسيمة ومن الأفضل التدخل لمنع اى انحرافات سلوكية تؤثر على صحتهم، مثل شرب الكحول أو استخدام المواد التى تسبب الإدمان.
وينصح أستاذ الطب النفسى الأمهات بالحفاظ على خطوط الاتصال مفتوحة وأفضل طريقة للتعامل مع هذا النوع من المواقف هى التحدث إلى ابنائك بصدق وانفتاح، ودعيهم يعرفون مخاوفك بشأن اصدقائهم واسمحى لهم بالمشاركة بمدخلاتهم، والحرص على الهدوء أثناء المحادثة والاستماع باهتمام، والتركيز على مشاعرهم ومعتقداتهم وقراراتهم بشأن صداقة شخص معين، ومتابعة كيف يؤثر أصدقاؤهم عليهم وكيف يشعرون حيال ذلك، وتجنبى انتقاد أصدقائهم فقد يكون رد فعلك الأول هو انتقاد صديق ابنك وإخباره بمدى تأثيره السيء، لكن هذا لن يكون فعالًا وقد يتسبب فى اتخاذ ابنك موقفًا دفاعيًا، بدلاً من ذلك، وفى هذه الحالة يجب ذكر أمثلة واضحة للسلوك السيء أو غير المحترم، وتظل المناقشة موضوعية وتمنع ابنك من الشعور بأنك لا توافقين على اختياره للأصدقاء دون سبب عادل.
وتذكرى ان من حقك الاشراف على نوعية الصداقات والنصح والتحذير من اى سلبيات ترينها ولكن ليس التدخل لان التدخل يخلق نوعا من العند والتحدى.
وترى د.منة الله محمد مصطفى طبيبة الأمراض النفسية والعصبية بمستشفيات وزارة الصحة أن الابناء فى عصر السوشيال ميديا يكبرون سريعا وقد يعرضهم ذلك فى بعض الاحيان لاختصار مرحلة طفولتهم ودخولهم فى سن مبكرة جدا الى مرحلة المراهقة، شعوريا وفكريا حتى إن لم يصلوا الى تلك المرحلة العمرية بعد، وهناك مفاهيم كثيرة ومواضيع غير ملائمة للأطفال يتم عرضها عليهم طوال اليوم عن طريق الأجهزة الإلكترونية من التابلت واللاب توب والتليفون المحمول وغيرها،وهناك البعض من الأباء والأمهات يفضلون بقاء أطفالهم لساعات طويلة أمام تلك الأجهزة الإلكترونية ومع انتشار ظاهرة الاستخدام المفرط للتكنولوجيا والتواصل الاجتماعى أصبح هناك تحديات جديدة فى تربية الأبناء وأصبحت ملحة بصورة اكثر من ذى قبل، فهل نعلم من يتحدث الى أولادنا وبناتنا من خلال هذا العالم الافتراضى، من يتحدث مع أبنائك مستترا وراء شاشة التليفون؟ هل هم حقا اصدقاؤهم من الأطفال الآخرين، أم يوجد وراء الشاشة شخص بالغ يتظاهر انه طفل لغرض او لآخر؟ فهناك امور كثيرة مؤذيةلا ينبغى على الاطفال والمراهقين التعرض لها خلال تلك المرحلة العمرية الحرجة ولذلك أصبح ضروريا منا التدخل بالشكل الذى يضمن لنا الاطمئنان على نوعية الأصدقاء الذين يقضون مع اولادنا اوقاتا طويلة خارج المنزل، سواء خلال المدرسة أو الجامعة، بل حتى الأصدقاء الافتراضيين على منصات التواصل الاجتماعى المختلفة. لذلك كان لزاما علينا أن نراقب عن كثب نوعية أصدقاء اطفالنا ويجب علينا كذلك ان نتأكد انهم يتمتعون بأخلاق حسنة وسيرة طيبة وذلك حتى لا يحدث بعد ذلك ما لا يحمد عقباه .
وكما توضح د.منة اثبتت الدراسات فى مجال الطب النفسى ان من اكثر العوامل التى تؤدى لمرض الإدمان والاعتمادية على المواد المخدرة هو الاختلاط باصدقاء السوء، حيث يقوم احد اصدقاء الشاب او الفتاة بعرض مادة مخدرة عليهم بغرض التجربة وإن تمت مقابلة هذا العرض بالرفض يتم تكرار الضغط عليهم بصور اخرى كالتشكيك فى شجاعته بشكل يتضمن المزاح بالنسبه للشباب كأن يقول له ذلك الصديق عبارات تستفزه مثل:هذه الأمور يتم فعلها من قبل الرجال فقط، أو انه ربما يكون خائفا من والديه ولا يتمتع بالشجاعة الكافية لخوض تلك التجربة.
ونتيجة لتلك العروض المستمرة بالترغيب والترهيب والمزاح والاستفزاز تكون النتيجة ان الشاب يستجيب اخيرا، ويقوم فى كثير من الاحيان بالدخول فى دوامة الإدمان ويصعب عليه بعد ذلك أن يقوم بانتشال نفسه منها. واذا وصل الامر الى هذه المرحلة فلابد ان نؤكد ضرورة قطع جميع العلاقات الضارة التى قد تؤدى الى كل ذلك وبما يتضمن الصداقات التى تدور حول تعاطى المواد المخدرة وقطع جميع الصلات بمن كانوا يسهلون له الوصول لتلك المواد الضارة.
رابط دائم: