بعد نحو ثلاثين عاما من اختيار أول مواطن سويسرى للمشاركة فى مهام وكالة الفضاء الأوروبية (إيسا)، اختارت الوكالة مؤخرا المواطن السويسرى ماركو آلان سيبر البالغ من العمر 33 عاما من بين 22500 مرشح ومرشحة تقدموا بطلبات تنافسية للفوز بوظيفة رائد فضاء التى تم إعلانها العام الماضى.
يعمل سيبر الحاصل على درجة الدكتوراه فى الجراحة الدقيقة من جامعة برن عام 2015 طبيب مسالك بولية فى مدينة بيل/بيين التابعة لمقاطعة برن العاصمة الإدارية للاتحاد السويسرى مزدوجة اللغة، حيث يجيد سيبر الألمانية والفرنسية فضلا عن إجادته اللغة الإنجليزية، وهو ما سهل مهمة اختياره للانضمام إلى الوكالة التى تتخذ من باريس مقرا لها. كما درس سيبر علوم الطيران التى أهلته للحصول على رخصة قيادة طائرة خاصة إلى جانب خبرته كضابط مظلات فى الجيش السويسرى، وتوليه مهمة كبير الموظفين الطبيين للقوات السويسرية العاملة ضمن بعثة حفظ السلام الدولية متعددة الجنسيات فى كوسوفا.
فى عدة لقاءات تليفزيونية وصحفية، أعرب سيبر عن فرحته العارمة وامتنانه مشيرا إلى أنه شرع فى الاستعداد للتقدم لتلك المسابقة منذ العام 2014، وذلك عندما أبلغه زميل دراسة بإعلانات الوكالة الأوروبية لاختيار رواد فضاء كان آخرها عام 2009. ويشير سيبر الى أن الأمر ملك عليه حياته حيث كان من أحلام طفولته المبكرة السفر إلى الفضاء، متذكرا بناءه صاروخا بدائيا مع شقيقه وشغفه برياضات المغامرات كالقفز المظلى وتسلق الجبال وركوب الأمواج. وبناء على ذلك، بدأ سيبر فى الاستعداد للأمر حتى تم الإعلان فى 2021 لقبول مرشحين جدد، فى الوقت الذى أنهى فيه دراسته فى مجال طب الطوارئ، ليتقدم بعدها بملفه إلى جانب آلاف الأشخاص ومن بينهم 668 من موطنه سويسرا (119 امرأة و549 رجلاً).
وقد استغرقت عملية الاختيار عدة أشهر وانتهت باختيار سيبر ضمن طاقم الرواد الرئيس المكون من خمسة أشخاص (صحبة بلجيكى وإسبانى وفرنسية وإنجليزية) فضلًا عن قائمة احتياطية تضم أحد عشر شخصًا من بينهم أشخاص ذوو إعاقات جسدية تحقيقًا للتنوع والمساواة ولدراسة تحملهم ومساهمتهم فى الرحلات الفضائية المقبلة، وقد اجتازوا اختبارات الذكاء والمهارات اليدوية وتحمل الضغط والإجهاد فضلًا عن تقييمات طبية ونفسية. ومن المقرر تلقى سيبر والمجموعة تدريبات مكثفة لمدة عام بداية من الربيع المقبل فى مركز رواد الفضاء الأوروبى فى كولونيا الألمانية استعدادًا لمهامهم فى محطة الفضاء الدولية وما وراءها.
الجدير بالذكر، أن سويسرا تحتفظ بمكانة متميزة وتنافسية فى مجال العلوم والفضاء بين جيرانها الأوروبيين، حيث وضعت بصمة علمائها على متن خمسين مهمة فضائية أوروبية وأمريكية وروسية وصينية، ولديها تلسكوب خاص بها للكواكب الخارجية (خوفو)، وتقنيتها موجودة أيضًا على تلسكوب جيمس ويب الفضائى، بفضل علماء وباحثى المعهدين التقنيين الفيدراليين العاليين فى كل من لوزان وزيورخ والعديد من المعاهد والكليات التقنية الأخرى، وكذلك قسم علم الفلك فى جامعة جنيف الذى حصل أستاذاه ميشال مايور وديديى كِلو على جائزة نوبل، ومعهد الفيزياء بجامعة برن.
كما تعد سويسرا أحد الأعضاء المؤسسين للوكالة الأوروبية للفضاء والمشاركين فى ميزانية الوكالة السنوية البالغة حوالى 5 مليارات فرنك سويسرى، وهو ما يجعل من اختيار سيبر منطقيًا لتمثيل بلاده فى الوكالة خلفًا لرجل سويسرا الأول فى الفضاء الطيار العسكرى وعالم الفيزياء الفلكية كلود نيكولييه، ابن مقاطعة فو الفرانكفونية، الذى انضم إلى وكالة الفضاء الأوروبية عام 1978 ومنها إلى ناسا الأمريكية، حيث شارك فى أربع رحلات فى عقد التسعينيات مع مكوك ناسا أتلانتس للمشاركة فى إصلاح تلسكوب هابل على ارتفاع 600 كم فوق كوكب الأرض، وذلك بعد سنوات من الانتظار عقب انفجار مكوك تشالنجر عام 1986.
رابط دائم: