خلق الله الأرض، وقدر فيها برحمته أقواتها وأرزاق العباد من الزروع والنباتات والأشجار والدواب والأنهار والبحار والأمطار. قال الحق تبارك وتعالي: (وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين) (فصلت: الآية 10)
فهذا الكون مسخر للبشرية حتى قيام الساعة. ولكن الصراعات والتنافس والحروب بين الدول، واستنزاف الموارد وتعطل سلاسل التوريد العالمية والاحترار الناتج عن تلوث البيئة، أحدث التغيرات المناخية الحادة التى زادت من الطين بلة، وكأن الطبيعة الغاضبة تقول للإنسان هذا ما صنعت يداك، فأصبحت هناك دول تعانى الجفاف وندرة الأمطار ودول أخرى تغرق شوارعها فى بحار من السيول وتنهار منازلها وتجرفها مياه الأمطار والسيول كما حدث فى باكستان والسودان، أيضا الانقسامات والنزاعات وأشكال عدم المساواة والأنانية واستحواذ بعض الدول على منابع الأنهار واستخدامها سلاح المياه لتحقيق أهداف جيوسياسية وضغوط سياسية واقتصادية على دول المصب الأمر الذى أدى إلى تبوير الأراضى الزراعية وتصحرها وفقدان سبل العيش والهجرة لملايين البشر.
وأثرت تداعيات كل ذلك على حياة الناس فقدحذرت الأمم المتحدة من انتشار المجاعات، وقال صندوق النقد الدولى إن الحرب فى أوكرانيا تعنى الجوع فى إفريقيا وإذا استمرت الحرب سوف يعانى الملايين نقص الغذاء حول العالم.
وأصبح العالم يواجه ظاهرة معقدة وتحديات كبيرة فى ملف الأمن الغذائى فقد حذرت أكثر من 200 منظمة عالمية من 75 دولة فى رسالة مفتوحة تدق جرس الإنذار بأن عددا مروعا من الناس يبلغ 345 مليونا يعانون آلام الجوع، يعيشون تحت خط الفقر وهذا الرقم يتضاعف، كما أفادت تلك المنظمات أن هناك شخصا يموت من الجوع كل أربع ثوان، وهناك أطفال تحولوا إلى هياكل عظمية. فهل أصبح كوكب الأرض لا يفى إمداد البشرية بالغذاء؟. لذا أصبح الأمن الغذائى ضرورة وأولوية عالمية ويتطلب ذلك إجراءات مشتركة وتعاونا بين الدول الغنية لمساعدة الدول النامية والأشد فقرا لضمان سهولة وسرعة وصول الغذاء وبتكلفة مناسبة، والمؤكد أن البشرية تحتاج إلى السلم العالمي، ووقف الحروب وإعادة بناء الثقة والشراكة، وتحتاج أيضا إلى وقف الاحترار (الاحتباس الحرارى) والتصالح مع البيئة وتحقيق التنمية المستدامة والرفاهية وجودة الحياة لكل إنسان على ظهر الأرض.
د. عادل منصور الشرقاوى ــ القاهرة الجديدة
رابط دائم: