رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«تنذكر ما تنعاد» تجربة مختلفة أم عمل غير مكتمل؟

رانيا عبدالعاطى

«هل تعلم ما هو جمال القراءة ؟ أن تدرك أن شخصا ما فى مكان ما، مختلف تماما عن مكانك وبلدك وثقافتك ودينك ومعتقداتك يشاركك نفس المخاوف ونفس الأفكار».. هكذا تكتب ميرنا الهلباوى فى عملها الثالث «تنذكر ما تنعاد»، الصادر عن الدار المصرية اللبنانية، الذى أكدت خلاله أمرين كانا العاملين المشتركين فى كتابتها،أنها تحب الكتابة عن التجارب الذاتية وأن الكتابة وسيلة تسعى من خلالها للتعافى، والسعى للمضى قدما فى الحياة،والأخير كان أمرا جليا وواضحا بشكل كبير فى «تنذكر ما تنعاد» الأمر الذى جعلها تكتب فى التعريف بالغلاف الخلفى للكتاب موجهه حديثها للقارئ «هذه الصفحات كتبتها لى قبل أن أكتبها لك» وكأنها تعلنها صريحة للقارئ «نعم سأظل اكتب عن الذات» أو أن ما ستقرأه هو تجربتى الذاتية التى أعلم أنك مررت بشبيه لها أو ربما مررت ببعض من مشاعرها.

يتناول العمل تجربة التعافى من علاقة حب فاشلة، اختارت أن تقسمها إلى 7 مراحل متتالية، يمر بها عانى من تجربة مشابهة، واستعانت فى تقسيمها بعمل عالمه النفس إليزابيت كوبلز والكاتب ديفيد كيسلر، ولكنها اختارت أن تجرى على عملهم بعض التغييرات فبدلا من المراحل الخمس التى أعلنها الكاتبان اختارت ميرنا أن تقسم مراحل الالتياع أو الحزن للفقد إلى 7 مراحل،، هى (الإنكار ــ الخوف ــ الغضب ــ الاكتئاب ــ التقبل ــ الانتكاسه ــ الأمل ) لتتناول كلا منها فى فصل مستقل من خلال مجموعة من العناوين المختلفة، لموضوعات قصيرة، حاولت بها أن تعبر عن معانى الشعور الذى يتناوله كل فصل، وتأكيدا لرغبتها فى تجربة صادقة مع القارئ قامت بترشيح أغنية فى بداية كل فصل، لتعبر عن المعانى التى شعرت بها فى كل مرحلة من مراحل التعافى، وعملت فى كل فصل على تقديم صور متنوعة بعضها كانت بمثابة حديث ذاتى وبعضها الآخر جاء فى صور أشبه ما يكون بالقصص القصيرة مثل «روبابيكيا» و«ملحمة العفاريت».

كانت الأشكال الكتابية مختلفة ومتنوعة وبقدر ما كانت الموضوعات فى حد ذاتها جيدة، إلا أنها ربما تسبب للقارئ بعضا من الإرتباك،فالرابط بين الموضوعات داخل الفصل الواحد، يكاد يكون مفقودا مما سيجعل القاريء يشعر بانفصال أجزاء الكتاب، وفى بعض الأحيان ربما يشعر بغياب العلاقة بين الموضوع الذى تتحدث عنه الصفحات وماجاء فى بداية الفصل من عنوان، وربما كان أكبر الأسباب التى ستدفعنا إلى ذلك هو تعدد لغة الخطاب فتارة توجه الكاتبة حديثها إلى القارئ، وتارة إلى حبيبها، فالقارئ الذى تتبع خطا أدنى فى عقله يتفهم منه ملامح كل مرحلة يجد نفسه أمام موضوع جديد، يسعى للاجتهاد فى قراءته لتكتمل لديه ملامح صوره علاقته بالكتاب، ففى فصل الغضب على سبيل المثال كانت قصة «مقابلة غريبة جدا» عن لقاء عالمين مختلفين استعانت فيها بقصة من الأساطير الإغريقية جاء بعدها موضوع بعنوان «ألبوم صور مفتعل» تستعرض فيه عددا من الصور التى جمعتها مع حبيبها ومشاعرها الحقيقة فى كل صورة ليليها موضوع تحت عنوان «مالم أقوى على قوله عند الوداع» فى حديث موجه إلى الحبيب السابق ليتوالى الأمر هكذا ما بين حديث للقاريء، وحديث إلى الحبيب السابق، وقصة قصيرة تحمل عبره غير موجه الخطاب بشكل محدد.

ربما كان هذا التنوع أمرا مقصودا لدفع العمل ليكون تجربة مختلفة وجديدة، ولكنه فى الوقت ذاته قد يكون أمر يدفعنا للنظر إلى الكتاب على أنه تجربة كانت ستصبح أكثر اكتمالا إذا ما تمكنت الكاتبة من خلق علاقات قوية تجعل القاريء أكثر ارتباطا بالمراحل المتتابعة لعملية التعافى التى تحاول نقلها للقارئ، من خلال خط واضح تدور حوله عملية التعافى، الأمر الذى كان سيجعلها أكثر قربا من القارئ الذى أحب فى أعمالها السابقة تجربتها الذاتية لأنها كانت قريبة من تجارب الكثيرين ممن هم فى نفس المرحلة العمرية، لتتمكن أعمالها السابقة من حصد مراتب الأكثر مبيعا لسنوات متتالية منذ بداية صدور العمل الأول « مر مثل القهوة، حلو مثل الشيكولاتة « أو العمل الثانى «كوندالينى « والذى كان الخط الدرامى به أكثر نضجا ووضوحا،جعل القارئ يدرك أن القدرة الكتابية لـميرنا الهلباوى تتعدى مرحلة القدرة على التعبير عن الذات والإفصاح عن أدق المشاعر فى رسائل واضحة، وأنها قادرة على صياغة عمل إبداعى متكامل الأركان حتى وإن ظل بمذاق التجربة الذاتية الصادقة، والحقيقة أن الصدق هو المكون الثالث والمهم الذى ترفض ميرنا التخلى عنه وربما هو السبب الرئيس فى نجاح أعمالها ككاتبة شابة تجيد التعبير بالكلمات الصادقة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق