-
هيئة الدواء المصرية : التطوير والبحث العلمى استثمار متواصل
-
رؤساء الشركات: مستقبل الدواء المصرى يسير على المسار الصحيح للتوسع فى نقل التكنولوجيا
-
شعبة الأدوية: المنتج المحلى يمثل الجناح الأكبر فى نظام التأمين الصحى الشامل
تعد صناعة الدواء من أهم وأخطر الصناعات فى العالم نظراً لارتباطها المباشر بصحة الإنسان، لذا توليها الدولة المصرية أهمية بالغة، وفى سبيل الوصول بها للريادة فى التصنيع والتوريد اتخذت المسار العلمى وأنشأت العديد من الكيانات الدوائية المتخصصة للنهوض بها، وأسفرت تلك الجهود عن اختيار منظمة الصحة العالمية لمصر لتدعمها بالتكنولوجيات الحديثة (mRNA) فى كافة الخدمات والمشاريع الصحية، خاصة المتعلقة بإنتاج المواد الخام الدوائية وخطوط التعقيم واللقاحات والأمصال، وهو ما يعزز قدرات مصر التنافسية، ويزيد من خبراتها بمجال الإنتاج الدوائي.
فى السطور القادمة ترصد «تحقيقات الأهرام» رؤى البعض من قادة الصناعة الدوائية فى مصر لتوضيح مساراتها وامكاناتها المتاحة وقدرتها على إحداث تحول حقيقى لتصبح واحدة من أهم الصناعات المتفردة إقليميا ودوليا وتعظيم عوائدها المالية.
عملية تصنيع الدواء داخل المصنع - تصوير محمد عبده
وحيث إن القطاع الدوائى وتنوعاته بكافة صنوف المستحضرات الدوائية يعتبر من السلع الشديدة الخصوصية، كما أن الخطى الدولية تتسارع من أجل الوصول لقفزات دوائية هائلة، يقول الدكتور حمادة الشريف، معاون هيئة الدواء المصرية والمتحدث الرسمى للهيئة، إن ذلك يتحقق حالياً بالتعاون البناء والشراكات المثمرة بين هيئة الدواء المصرية والشركات المتنوعة على أرض مصر، بهدف توفير منتجات دوائية للسوق المصرية، مؤكدا أهمية هذه الخطوة لضمان توفير الأدوية بالسوق المحلية وتشجع على الاستثمار فى مصر، وحيث إن الرقابة الدوائية جزء لا يتجزأ من مقومات التصنيع الناجح وتأتى أهمية دورها للنهوض بالصناعة الدوائية المصرية، خاصة فى ظل وجود عشرات الخبرات المصرية العملاقة فى هذا المجال، لاسيما أن مصر تمتلك مرجعية فائقة فى أعمال الرقابة إفريقيا وعربيا وعلى مستوى دول العالم الثالث، كما تمتلك خبرات وكفاءات متراكمة على مدى تاريخ طويل منذ خمسينيات القرن العشرين حتى الآن، جميعها كنز رقابى دوائى متكامل يستطيع إعادة التوازن ووضع الصناعة الدوائية على المسار الصحيح وهى مسألة عظيمة الأهمية بالنسبة للدواء، ويعتبر توطين صناعة الدواء فى مصر أحد مسارات إصلاح التخطيط المدرج فى رؤية مصر 2030 ، فوجود مظلة رقابية قوية يضمن جودة المنتجات ذات المواصفات القياسية العالمية وبتكلفة محلية، وتلك ضمانة تضعها فى مصاف الدول الأوائل، لافتا إلى أن التطوير والبحث العلمى استثمار متواصل.
التأمين الصحى الشامل
ويمثل الدواء المحلى الجناح الأكبر فى نظام التأمين الصحى الشامل، كما يقول الدكتورعلى عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية، مشيرا إلى أن الدولة تسعى بخطى ثابتة لتخليص سوق الدواء من تراكمات عقود، مشيرا إلى أن المنتج المحلى يمثل الجناح الأكبر فى نظام التأمين الصحى الشامل، وخلال سنوات قليلة سوف يكون كل مواطن داخل منظومة التأمين الصحى ليحصل على حقه فى العلاج طبقا للدستور والمنطق العالمي.
ويؤكد أن قطاع الأدوية المصرى يضم حاليا 153 مصنعا بها 700 خط تنتج 17 ألف مستحضر مسجل منها 6300 تغطى 88% من احتياجات السوق المحلية، ومازال 12% من احتياجاتنا يستورد، خاصة شديدة التخصص والأكثرها تعقيداً مثل أدوية السرطان، لذا فإن صادارت الإنتاج ستمثل إضافة نوعية وكمية كبيرة من الدواء والذى مازالت أرقامه تقف عند 250 مليون دولار سنوياً، ولذلك تسعى شركات عديدة للحصول على شهادات الاعتماد الأوروبية حتى تفتح أسواق أوروبا لمنتجات عالية الجودة من الدواء، ويوما بعد يوم سوف تتحقق توجيهات القيادة السياسية بزيادة الحد الأدنى للمخزون الإستراتيجى من الأدوية والمستلزمات الطبية لتصل إلى 6 شهور على الأقل، وصولاً إلى هدف تأمين مخزون لمدة تترواح بين عامين وثلاثة، وكلنا ثقة أن مصر ستشهد طفرة ملحوظة قريباً فى صادرات الدواء، فضلاً عن تحقيق نجاحات غير مسبوقة فى سبيل ضمان الأمن الدوائى وتوافر الأدوية الأساسية للمواطن المصري.
ويرى الدكتور عوف، أن حلم تصنيع الدواء المصرى يعد واحدا من أهم المشروعات القومية التى سعت الدولة لتنفيذها عبر اكتساب القدرات التكنولوجية والصناعية الحديثة فى هذا المجال الحيوى والدخول إلى عالم تصنيع الخامات الدوائية، مما ينقل صناعة الدواء فى مصر والمنطقة كلها إلى نقطة جديدة تأخرت فيها كثيراً، ويلفت الى رؤية القيادة السياسية الثاقبة فى هذا الشأن بإنشاء كيانات وطنية متخصصة تعمل بفكر عالمى لتحقيق أهداف عديدة تضمن تمكين المواطن المصرى من الحصول على علاج دوائى فعال وآمن ومطابق لمواصفات الجودة والسلامة العالميين وبالسعر المناسب، مشيرا إلى الرؤية المستنيرة فى منع الممارسات الاحتكارية داخل السوق، والأهم من ذلك جذب شركات الدواء العالمية للاستثمار فى مصر لتصنيع المستحضرات الدوائية الإستراتيجية والأساسية فى سوق الدواء مثل أدوية الأمراض المزمنة «الضغط والسكر والقلب والكلى والمخ والأعصاب» والمضادات الحيوية والهرمونات، والتوسع فى إنتاج الأمصال واللقاحات، لتصبح مصر صرحا إقليميا وعالميا لصناعة الدواء، وتلك الأهداف تصب فى بوتقة تنمية استثمارات مصر فى هذا القطاع وتنمية صادراتها ودعم الاقتصاد المصرى وتقليل فاتورة الاستيراد، ودخول مصر إلى مجال صناعات جديدة مثل صناعة الخامات الدوائية والتوسع فى صناعة أدوية الأورام.
القابضة للأدوية
وإيمانًا بأهمية الاستثمار فى صناعة الأدوية التى تمثل إحدى الصناعات الإستراتيجية والحيوية المهمة، تنفذ «القابضة للأدوية» مشروعا لتطوير وتأهيل الشركات التابعة لها للتوافق مع متطلبات التصنيع الجيد (GMP)، للنهوض بها وزيادة حصتها بالسوق المحلية والتصدير، وفى هذا الإطار، أسفرت الدراسات الفنية عن تحديد احتياجات الشركات فى مشروع (GMP) بنجو 1.8 مليار جنيه، نفذ منها أعمال بـ 473 مليون جنيه بالتمويل الذاتي، ولتوفير باقى التمويل تم توقيع حزمة تمويلات مصرفية تغطى جميع المتطلبات التمويلية لشركات القابضة للأدوية، ومنها تمويل مشروعات التوافق مع اشتراطات التصنيع الجيد GMP، التى من المتوقع الانتهاء منها خلال العام المالى 2023/2024، وتحرص الشركة القابضة على تنويع المزيج الإنتاجى لشركاتها من خلال إضافة منتجات جديدة عالية الطلب، إلى جانب الاهتمام بتطوير قطاع الدراسات والبحوث العلمية لمواكبة التطور العالمي، وكذلك تطوير أساليب البيع والتسويق، والعمل على تحقيق أقصى استفادة من الأصول المملوكة للشركات سواء كانت إنتاجية أوعقارية وبالشراكة مع القطاع الخاص، كما يجرى التنسيق المستمر والتعاون مع الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبى وإدارة التكنولوجيا الطبية.
شراكات عالمية
ويبدو التوافق فى الرؤى بين هيئة الدواء وتوجهات شركات الدواء المصرية التى تبذل كل الجهد لتحسين جودة المنتجات والخدمات فى كافة أوجه الرعاية الطبية، وهو ما يؤكده محمد جلال، المدير التنفيذى ورئيس قسم صحة المستهلك بإحدى الشركات الألمانية، لافتا إلى دعم هيئة الدواء المصرية باستثمارات 240 مليون جنيه، حيث تتبنى الشركة إستراتيجية فاعلة خلال الثلاث سنوات المقبلة تهدف إلى التوسع فى السوق المحلية من خلال إنتاج ما بين 60% و 70% من الأدوية التى لا تحتاج إلى وصفة طبية محليًا بنهاية عام 2025، مما يتيح للمستهلكين الاستفادة من أحدث العلاجات الدوائية التى تسعى لها الحكومة المصرية فى قطاع الرعاية الصحية من خلال دخول شركات الأدوية العالمية فى شراكات ومشروعات تتماشى مع رؤية مصر 2030 ، وبشكل عام فإن مستقبل الدواء المصري يسير على المسار الصحيح استنادا إلى الرؤية المستقبلية للتوسع فى نقل التكنولوجيا للصناعات المتخصصة مثل علاجات الأمراض المستعصية كالأورام والبيوتكنولوجى والمثائل الحيوية، وذلك تماشياً مع توجيهات القيادة السياسية فى توطين الصناعة وتوفير دواء آمن وفعال بأسعار مناسبة للمواطن المصري، وكذلك تأمين الأدوية الحيوية الخاصة بالأمراض المزمنة كأدوية الضغط والقلب والسكر والكلى وأدوية المخ والأعصاب ومجموعة المضادات الحيوية وغيرها، نظرا لكونها مستحضرات أساسية تمس حياة المواطنين، حيث إن الهدف الرئيسى هو تحقيق الاستفادة القصوى من الطاقات الإنتاجية ونزول المستحضرات تباعاً والاهتمام بالعنصر البشرى وتأهليه وتدريبه، مما يسهم فى بناء أساس متين لصناعة الدواء المصرى الذى أصبح ينافس بالاسواق الخارجية، بالإضافة إلى التنسيق مع هيئة الدواء المصرية لطرح أدوية حديثة بجودة عالية وأسعار مناسبة.
الشرق الأوسط
ولأن التصنيع الدوائى يحتاج لتكاتف بين شركات عامة وخاصة وقطاع أعمال ومتابعة أحدث التكنولوجيات المتقدمة، يوضح الدكتور محمد مبروك، رئيس إحدى الشركات الخاصة وخبير صناعة الأدوية، أن مصر تولى ملف الدواء اهتماما غير مسبوق، وتسعى عبر الجهود المتواصلة لسد الفجوة بين الصادرات والواردات من خلال إقامة مجموعة مصانع دوائية أبرزها مدينة الدواء، وإنشاء مصنعين آخرين أحدهما لمشتقات البلازما والآخر لأدوية الأورام وغيرها، مع البدء فى توطين صناعة اللقاحات الخاصة بكورونا فى مصر لتصبح نقطة انطلاق للاكتفاء الذاتى من اللقاحات والتصدير للأسواق المجاورة.
ويلفت إلى أهمية قطاع الأدوية الذى يعد واحدا من أهم الصناعات التحويلية لكونها من الصناعات الأساسية التى تمس صحة الإنسان وترتبط ارتباطا وثيقا بقطاع الرعاية الصحية، فضلا عن كونها من الصناعات ذات القيمة المضافة المرتفعة، فالدواء سلعة ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها، وهى سلعة «غير مرنة» من حيث العرض والطلب ويستمر الاقبال عليها حتى مع ارتفاع السعر، بل تتزايد الحاجة لها بسبب زيادة معدلات الإصابة بالأمراض، خاصة أدوية الأمراض المزمنة.
رابط دائم: