رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الأبناء.. حقوق قبل العقوق

سهير طاهر
رعاية الأبناء

  • د.مصطفى: تأهيل الآباء لتخريج جيل يبرّهم كبارًا
  • د. مرزوق: نحتاج إلى  ثقافة «التربية الرحيمة»

 

 

تأتى أهمية مراعاة الوالدين لحقوق أبنائهم، وعدم تضييعها، انطلاقًا من قول الرسول، صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول»، إذ يقول علماء الدين إنه برغم الفطرة التى جُبل عليها الوالدان من حب العطاء والتضحية لأبنائهم فإن المراقب للأوضاع الأسرية يلمس تقصيرا من قبل بعضهم فى تربيتهم، وفى إعانتهم على برهم، مما يُعد نوعًا من العقوق المُسبق، الذى قد يؤدى إلى عقوقهم للوالدين، أو أحدهما، لاحقًا.

الدكتور حامد أبو طالب، عضو مجمع البحوث الإسلامية، والعميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، يقول: إن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، أجمل الحقوق الرئيسة للأبناء، حينما دخل عليه أب يشكو من عقوق ابنه، فلما حضر جلسة التحكيم سأل الابن أمير المؤمنين: أليس للولد حقوق على أبيه؟ فأجاب عمر: بلى، فسأله: ما هى، فقال: يحسن اختيار أمه، واسمه، ويعلمه القرآن. فقال: إن أبى لم يفعل شيئا من ذلك، أما أمى فإنها زنجية كانت لمجوسى، وقد سمانى جُعلا (أى خنفساء)، ولم يعلمنى القرآن. فقال عمر للوالد: «تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يعقك». ويعلق د. أبو طالب بالقول إن من يعق أبناءه، وهم صغار، قد يعقونه وهم كبار، موضحا أن الإسلام دعا الآباء والأمهات للرفق والحب والاحتواء، فكان الرسول، صلى الله عليه وسلم، يرفق بأبنائه وأحفاده، ويقبلهم، رحمة بهم، وحبا لهم، لذا عاتب أناسا على جفائهم مع أبنائهم. فعن أبى هريرة، رضى الله عنه، أن الأقرع بن حابس أبصر النبى، صلى الله عليه وسلم، وهو يقبل الحسن، فقال له: إن لى عشرة من الأبناء ما قبلت واحدا منهم، فقال عليه الصلاة والسلام: «مَن لا يَرحم لا يُرحم».

الرحمة.. والصلاح

ويتابع د. حامد: من توجيه النبى، صلى الله عليه وسلم، نتعلم الرحمة بالأبناء، وكيف يعاملهم الآباء، فهم يُقبلونهم صغارا لكى يحسنوا إليهم كبارا، مشيرا إلى أن من البر بالأبناء كذلك عدم التفرقة بينهم، فالتمييز بينهم أو عدم إظهار الحب لأحدهم، يولد الكراهية والعقوق. ويبين أن الأم الصالحة من أهم مقومات الأسرة التى تنتج أبناء صالحين، لأنها الأساس والراعية الأولى فى الاهتمام بالأبناء، قائلا: «هذه رسالة إلى كل شاب وفتاة بأن يعلما أن اختيار الزوج الصالح ليس حقا لكل منهما فقط، بل هو حق له ولأبنائه فيما بعد، ومن قدم هواه على السنة النبوية عند الاختيار؛ ضرب بسهم من العقوق فى حق أبنائه».

ويواصل الحديث: من ربى أبناءه على غير الدين، وغلَّب الجانب المادى على الجانب الروحى، فقد ظلمهم، ويسر أمامهم أسباب العقوق.. ولابد من غذائه روحيا ومعنويا بتعليمه القرآن، وتربيته على الحلال والحرام، والخلق الحميد، والسلوك الرشيد. ويشدد على أن «هذه مسئولية الوالدين معا بالأساس».

خطوات عملية

ويوضح الدكتور عطية مصطفى، أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن للدولة -حاليا- مجهودات مستمرة وخطوات عملية على أرض الواقع للحفاظ على حقوق الأطفال، من خلال التشريعات البرلمانية التى تؤكد تلك الحقوق، وتؤصل لها. ويقول: «فى الفترة الأخيرة رأينا حراكا من قبل مؤسسات المجتمع المدنى -تحت الإشراف الكامل للدولة- لترسيخ ثقافة حقوق الطفل على مستوى واسع، وهذا من شأنه أن يحد من ظواهر اجتماعية وثقافية سلبية، بدأت تطفو على سلوكيات البعض، وتخص شريحة الأطفال، كالعنف بين الأطفال، وكذلك أطفال الشوارع، الذين كانوا, فى فترة من الفترات، صداعا يؤرق المجتمع، حتى وضعت الدولة يدها على هذا الملف، بغية انتشالهم من الضياع، وتحويلهم إلى أداة بناء، وإنقاذهم من استغلال البعض لهم فى تخريب المجتمع، وهذه الخطوات وغيرها، أرى ثمارها، ومنفعتها تعم الجميع». لذا يقترح د.عطية التوسع فى الدورات التى تنظمها المؤسسات الدينية، لتأهيل المقبلين على الزواج، لتعريفهم بكيفية التعامل بين الزوجين، واكتساب ثقافة توفير حقوق الأبناء، والتعايش الأسرى القائم على المودة والرحمة، والحوار المُفضى لتقويم السلوك، مما يسهم فى إيجاد أجيال تعيش بلا أزمات.

توعية.. وتربية

ويرى الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، العميد الأسبق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر بأسيوط، أن المجتمع بحاجة ملحة لتكثيف حملات التوعية، لنشر ثقافة التربية السليمة للنشء والأطفال، خاصة فى ظل ثورة المعلومات عبر وسائل التواصل الحديثة، وكيفية التعامل الصحيح معها، وتعليمهم كيف يستقون الثقافة الدينية، ويفرقون بين النافع والمضر، إذ إن قيام الآباء بواجباتهم نحو الأبناء - فى هذا الشأن وغيره - من أسباب صلاحهم فى المستقبل، وعدم وقوعهم فريسة للعقوق.

ويحذر من أخطاء يقع فيها بعض الآباء، أبرزها عدم تحرى الإنفاق عليهم من الحلال، إذ ينزع الحرام البركة، ومنها أيضا التقتير عليهم برغم السعة واليسر، محذرا من بعض المخالفات الشرعية، ومنها الوصية بحرمان أحدهم من الميراث، وإن كان ابنه غير بار به، فالقاعدة الفقهية تقول: «العقوق لا يمنع الحقوق»، ذلك أن المواريث حقوق اختص الله بقسمتها وتوزيعها، ولا يجوز للمورث أن يمنع أحدا حقا منحه الله إياه. ومن العقوق للأبناء إجبار أحدهم على الزواج ممن لا يرغب فيه، كما أن الإسلام سبق العصر الحديث فى إقرار حق البنت فى اختيار الزوج الذى يناسبها، ويحذر من أنه من أبشع صور المعاناة والحرمان للصغار أيضا: إهمالهم بعد الطلاق، أو استخدامهم أداة للانتقام بين الأبوين، أو التخلى عن النفقة عليهم، مضيفا أن مما يعين على صلاح الأبناء الدعاء لهم بالخير والبركة، إذ جاء رجل إلى عبدالله بن المبارك - يرحمه الله - يشكو إليه عقوق ولده، فسأله: أدعوتَ عليه؟، قال: نعم، قال: «اذهب فقد أفسدته».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق