رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

لإنعاش معدلات النمو..
الصين تبحث عن محرك اقتصادى جديد

محمد على
الاقتصاد الصينى يبحث عن مخرج

للمرة الأولى منذ عقد التسعينيات، تتأهب الصين لتسجيل ناتج اقتصادى إجمالى يقل عن نظيره الآسيوى السائد. ولمواجهة مثل هذا الوضع الاستثنائى، قد تفضل بكين تنشيط معدلات الإنفاق الاستهلاكى محليا لاستحداث نموذج آخر فى النمو. ولكن هذا البديل، إن اختارته، سوف يتطلب بعض التضحيات السياسية حتما.

تناولت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية وضع الاقتصاد الصينى حاليا، والفرص المتاحة لاستعادة قوة الدفع اللازمة فى ظل أوضاع عالمية غير مواتية، وذلك من منظور إدوارد وايت، كاتب المقال ومراسل الصحيفة فى بكين منذ عام 2021.

عودة إلى خطة الإصلاح

فى أواخر عام 2013، وتحت قيادة الرئيس الحالى شى جين بينج، كشف الحزب الشيوعى الصينى الحاكم عن برنامج واسع النطاق للإصلاح. واستهدف البرنامج إعادة التوازن لثانى أضخم اقتصاد فى العالم استنادا إلى ركيزتين: تنشيط قوى السوق، وتشجيع القطاع الخاص. وضمت هذه الخطة الطموح60 بندا عريضا للإصلاح تركزت، فى الأغلب الأعم، على إزالة العقبات التى تعرقل تحقيق معدلات للنمو، مدفوعة بمعدلات استهلاك محلى عالية. واستحدثت الخطة فرض ضريبة عقارية، ومنح امتيازات أكبر إلى فئتى المزارعين، والعمالة غير الثابتة، فى مجال الانتفاع بالأراضى. والأهم من هذا كله، أقرت فتح القطاعات التى تسيطر عليها الدولة أمام رءوس الأموال الخاصة. وأوحت هذه البنود، باعتزام الدولة التخفيف من قبضتها القوية فى قطاعات واسعة بعد فترة زمنية لن تطول كثيرا. وتنبأ المحللون الاقتصاديون آنذاك بإمكانية تسجيل الصين معدل نمو نسبته سبعة فى المائة سنويا للناتج المحلى الإجمالى (فى المتوسط) ولمدة عشرة أعوام متتالية، إذا ما طبقت الخطة كما أعلنت ودون إبطاء. بمعنى آخر، سوف تتمكن الصين بعد عقد واحد من الانتقال إلى مصاف الدول العالية الدخل.

ومن المؤسف، أنه بعد مرور قرابة عشرة أعوام على إعلان الخطة، لم تتحقق الوعود البراقة التى روجت لها. بل والأدهى من ذلك، أن، الاقتصاد الصينى مازال يواجه مشكلة تقلص العائدات نتيجة اعتماده لسنوات طويلة مضت على تسجيل معدلات للنمو مدفوعة بطفرة فى الإنشاءات العقارية، وهى أصول ثابتة هائلة الحجم محملة بأعباء من الديون المصرفية. ومن ثم، تتجه الصين فى العام الحالى إلى تسجيل معدل نمو لناتجها المحلى الإجمالى يقل عن بقية الإقليم، وذلك لأول مرة منذ مطلع التسعينيات. وعلينا أن نأخذ فى الحسبان الأوضاع الاقتصادية العالمية الخانقة، وتدهور أوضاع السوق العقارية المحلية، وسياسة القبضة الحديدية التى طبقها شى جين بينج لمواجهة جائحة كوفيد/19 مما أثار كثيرا من اللغط. ويفرض السؤال التالى نفسه: إذا قررت الصين التخلى عن طفرتها العقارية كمحرك رئيسى للاقتصاد المحلى، فما هو البديل لإنعاش معدلات النمو؟.

البحث عن بدائل

بحثا عن حلول، استطلع إدوارد وايت آراء شرائح واسعة من المواطنين الصينيين العاديين، وأساتذة الجامعة، وخبراء صندوق النقد. ونقل عن أحد المستهلكين فى مركز تجارى بالعاصمة: «ما لم تستأنف الدولة تطبيق خطة الإصلاح، ستواجه الصين نفس مصير روسيا ودول أخرى، لتسقط فى فخ البلدان المتوسطة الدخل». وأضاف أن برنامج إصلاحات السوق قد تعرض للتهميش إلى حد كبير، مما أدى إلى استعادة الدولة دورها بصورة أكبر، مع تقلص دور القطاع الخاص. وتقول يى شياو تشو الأستاذة فى جامعة استراليا الوطنية والمتخصصة فى الشئون الصينية إن إدارة شى جين بينج ضيعت «منفذا للفرصة» فى مرحلة تميزت باستقرار اقتصادى وجيوسياسى نسبيين، وكان من الأفضل تبنى سياسات إصلاحية صعبة فى تلك الفترة الهادئة. وأوصت تشو بسرعة تطبيق خطة الإصلاح واعتبار الأوضاع الراهنة «كحالة أزمة» تتطلب التدخل العاجل قبل مزيد من التدهور فى معدلات النمو.

ومن جهته، يعتبر صندوق النقد الدولى الصين لاعبا خارجيا قويا على الساحة الاقتصادية العالمية، بينما يهتز دورها محليا نتيجة لضعف معدلات الاستهلاك بصفة رئيسية. وتقدر نسبة مدخرات الصينيين من الناتج المحلى الإجمالى لبلادهم بنحو 44% مقارنة بنحو23% لمواطنى البلدان الأعضاء فى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية OECD. وبرغم هذا، يرى خبراء الصندوق أن الجانب الأكبر من مدخرات الصينيين الضخمة تلك تخصص كاحتياطى احترازى تجنبه الأسر لأغراض السكن، والرعاية الصحية، والتقاعد. ومما يثبت صحة تلك الملاحظة، أن طيلة الأعوام التى حققت فيها الصين معدلات نمو زاهرة، لم تتمكن من إنشاء منظومة معتبرة للمعاشات، وغير ذلك من شبكات الأمان الاجتماعى المتعارف عليها. ويتيح ذلك للمواطنين فى أى دولة الاطمئنان إلى مستقبلهم، والإنفاق بكل ارتياح، عوضا عن تخوفهم مما قد تأتى به الأيام. ويقدر الصندوق أنه فى حال إنفاق الصينيين بنفس معدلات نظرائهم فى البرازيل فإن مستويات استهلاكهم سوف تتضاعف حتما. ويعنى هذا تسجيل معدل نمو اقتصادى محلى عال ومستدام، أخذا فى الاعتبار ضخامة حجم الاقتصاد الصينى المعروفة.

وفى مقابل ما قد يعبر عنه سياسيون صينيون تقليديون من الآثار السلبية لتفشى نزعات الاستهلاك على النمط الغربى، يرى خبراء أن توجه شى جين بينج الإصلاحى لا رجعة عنه، وكذلك حرصه على ازدهار الأعمال الخاصة وتوسعها، وازدياد مواطنيه ثراء بطبيعة الحال. أما مكمن القلق الحقيقى فيتمثل فى احتمال تحدى من يزدادون ثراء لسلطة الحزب الشيوعى الحاكم ذاته.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق