-
أطالب العالم بسرعة الوصول إلى «صفر تلوث»
-
قمة شرم الشيخ الفرصة الأخيرة لإعادة بناء الثقة بين الشمال والجنوب
-
القضية الفلسطينية من أولويات الأمم المتحدة.. وما زلنا نعمل على حل الدولتين
-
التوصل إلى سلام فى ليبيا وسوريا واليمن يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية
-
على كل الدول أن تزيح الخيار «النووى» من على طاولتها إلى الأبد
-
التداعيات الاقتصادية للحرب «الروسية ــ الأوكرانية» أضاعت فرصة تقليل «حرارة الأرض» 1٫5 درجة
-
العمل متعدد الأطراف هو السبيل الوحيد والفعال لحل المشكلات العابرة للحدود
-
لا بديل عن فرض ضرائب على أرباح شركات «الوقود الأحفورى» لدعم الدول المتضررة من تغيرات المناخ
-
الاستثمار فى مصادر الطاقة المتجددة هو السبيل الوحيد لحل الأزمة المناخية
-
ترسيم الحدود البحرية فى لبنان يدعم أمن واستقرار المنطقة.. وملتزمون بدعم حكومة وشعب العراق

جوتيريش وثابت
ينظر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إلى قمة مؤتمر المناخ فى شرم الشيخ، باعتبارها الفرصة الأخيرة، لإعادة بناء الثقة بين الدول المتقدمة، التى تسببت فيما يشهده العالم خلال السنوات الأخيرة، من تغيرات مناخية مرعبة، وبين الدول الفقيرة، التى تدفع وحدها الثمن فادحا لمثل تلك التغيرات الدامية، ويقول فى يقين: إن الدول التى شاركت تاريخيا، فى انتشار غازات الاحتباس الحرارى فى العالم، عليها مسئولية أخلاقية كبرى، تتلخص فى ضرورة دعم المجتمعات الأكثر تضررا من تلك التغيرات، رغم أنها لم تشارك فى صنع الأزمة.
لا تزال تلك المشاهد الدامية، التى شاهدها جوتيريش فى باكستان، قبل نحو شهرين من وصوله إلى مدينة شرم الشيخ، للمشاركة فى قمة المناخ، تسيطر على وجدانه، بعدما شاهد بعينيه، كيف غرقت ثلث مساحة باكستان، تحت المياه السيول والفيضانات، التى لم تزهق فحسب أرواح المئات من البشر، وإنما ازهقت أيضا أحلامهم فى غد أفضل.
فى الليلة التى استبقت الافتتاح الرسمى لقمة المناخ، جرت ترتيبات الحوار مع الأمين العام للأمم المتحدة بسهولة ويسر، فالرجل يؤمن بأهمية الدور الذى يتعين أن يلعبه الإعلام، فى تسليط الضوء على تلك القضية الخطيرة، وقد وجدناها فرصة أيضا لإلقاء الضوء ليس فقط على تداعيات أزمة التغيرات المناخية، التى زادت من تعقيداتها الحرب الروسية – الأوكرانية الدائرة حاليا، ولكن للحديث أيضا حول المنظمة الدولية الأشهر، فيما يتعلق بالعديد من الأزمات التى يشهدها الإقليم، وفى القلب منها القضية الفلسطينية، والأزمات المتواصلة فى سوريا واليمن وليبيا.
يعول الأمين العام للأمم المتحدة، على الجهد الكبير، الذى يبذله ممثلوه فى ليبيا وسوريا واليمن، من أجل التوصل إلى حل سلمى دائم، ويقول عن ذلك: غاية ما نحتاجه للوصول الى هذا الحل، هو قدر أكبر من الإرادة السياسية، لإنهاء هذه النزاعات.
وإلى نص الحوار.
«الأهرام»: تأتى قمة المناخ فى شرم الشيخ، فى وقت تتواصل فيه الحرب الروسية الأوكرانية.. كيف تنظرون الى تداعيات تلك الحرب على ملف أزمة المناخ التى تواجه العالم؟
جوتيريش: بالفعل أدت الحرب الروسية الأوكرانية، الى تفاقم أزمة الطاقة، ومضاعفة استخدام الوقود الأحفورى بشكل خطير، فكثير من دول العالم تعمل حاليا على وضع إستراتيجيات جديدة، من أجل إحلال الوقود الأحفورى محل الوقود الروسى، والمؤكد أن هذه الخطوات على المدى القصير، سوف تؤدى الى الاعتماد طويل الأجل على هذا الوقود، وهو ما سيؤدى بالتالى إلى إغلاق نافذة العمل من أجل خفض 1.5 درجة من درجات حرارة الكوكب، ولقد شهدنا أيضًا تراجعًا فى بعض مجالات القطاع الخاص، وبالتحديد فيما يتعلق بالوقود الإحفورى، بينما لا تزال الجهات الفاعلة الأكثر ديناميكية فى مجال المناخ فى عالم الأعمال، تتعرض للعراقيل بسبب الأطر التنظيمية القديمة، والروتين والإعانات الضارة، التى ترسل إشارات خاطئة إلى الأسواق.
«الأهرام»: فى رأيك ما هو السبيل للتغلب على تلك الأزمة.. ومن أين تنطلق نقطة البداية؟
جوتيريش: البداية تنطلق دائما من الحكومات ورجال الأعمال والمستثمرين، والمؤسسات الكبرى، والجميع عليه أن يسرع باتخاذ خطوات ملموسة، من أجل الوصول إلى صفر تلوث للمناخ، والحقيقة أنه لا يجب على أى شخص أن يعود مرة أخرى للاستثمار على النحو، الذى أدى بنا الى هذه الكارثة المناخية، من الأهمية بمكان أن نتعلم مما يحدث، وأن الاستثمار فى مصادر الطاقة المتجددة، هو السبيل الوحيد للتغلب على تلك الأزمة، عبر الإسراع باستخدام هذه المصادر، والتأكد من أنها عادلة وشاملة.
والحقيقة أيضا أنه من غير الأخلاقى على الاطلاق، أن تعمل شركات الغاز والبترول من أجل الحصول على أعلى معدلات للربحية، بسبب هذه الازمة، على حساب الشعوب والمجتمعات الأكثر فقرا، وبتكلفة هائلة على المناخ، ولهذا فقد دعوت كل الحكومات لفرض الضرائب على هذه الأرباح المبالغ فيها، واستخدام هذه الأموال لدعم الفقراء فى مثل هذه الأوقات العصيبة.
«الأهرام»: كيف يمكن التقليل من تأثير التغيرات المناخية على الدول النامية التى لا تستطيع مواكبة هذه التحديات؟
جوتيريش: لقد كانت الدول النامية ولا تزال، هى الأكثر تضررا بسبب التغيرات المناخية، ومنذ شهرين تقريبا سافرت إلى باكستان، وشاهدت ثلث مساحة هذا البلد غارقا تحت المياه، حيث فقد الكثيرون حياتهم ومحاصيلهم والامل فى الغد، وقد كان المشهد داميا، على نحو لا يمكن لأحد معه أن يجادل فى عدم وجود خسائر واضرار للتغيرات المناخية، والمأساة لا تتوقف على باكستان فقط، لكنها تمتد الى دول كثيرة أخرى، فالجفاف الذى يضرب الساحل الافريقى، والمياه المرتفعة التى تهدد جزر الباسيفيك، وكذلك الأعاصير الشديدة فى الكاريبى، تمثل نماذج شديدة الوضوح للأضرار الشديدة التى أحدثها تغير المناخ، والحقيقة إن الدول التى شاركت تاريخيا فى انتشار غاز الاحتباس الحرارى فى العالم، عليها الآن مسئولية أخلاقية، تتمثل فى ضرورة دعم المجتمعات الأكثر تضررا، لأن هذه المجتمعات لم تشارك فى صنع ازمة المناخ، وقد دعوت كل الدول المتقدمة، لفرض الضرائب على الأرباح الهائلة التى تجنيها هذه الاقتصادات، من شركات الوقود الاحفورى، وهذه الأموال لابد من إعادة استخدامها فى مجالين: الأول لدعم الدول التى تعانى من الخسائر والاضرار التى أدى لها التغير المناخى، والثانى من أجل الشعوب التى تكافح بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.
إن الفشل فى العمل فى هذين السبيلين سوف يؤدى الى المزيد من الخسائر، وفقدان الثقة والمزيد من التغيرات المناخية، وهذا واجب أخلاقى لا يمكن تجاهله، واختبار حاسم للدول التى اجتمعت فى شرم الشيخ من اجل الوصول إلى نتائج فى «COP 27»، وهذه هى الغاية الكبرى لهذا المؤتمر، ففى شرم الشيخ علينا أن نعيد بناء الثقة بين الدول المتقدمة والدول النامية، والدول المتقدمة لابد لها أن تكون أكثر جدية فيما يتعلق بتمويل احتياجات الدول النامية، لقد قالوا لنا فى جلاسجو انهم سيقدمون حوالى 100 مليار دولار كاملة فى عام 2023، لذا فعليهم أن يقوموا بذلك فى شرم الشيخ، وأن يتخذوا خطوات ملموسة على هذا الطريق، والتأكد من وصول هذه الأموال لمن يحتاج اليها.
والحقيقة أننا نحتاج أيضا أن نرى أدلة ملموسة، حول كيفية مضاعفة تمويل التكيف الى 40 مليار دولار بحلول 2025، كما قرروا فى اتفاق جلاسجو العام الماضى، ووعدوا بملء صندوق التكيف المناخى، كل هذا لابد أن يكون نقطة البداية.
«الأهرام»: يعول الكثير على دور أكبر للأمم المتحدة، فى ردم الفجوة بين الولايات المتحدة والصين، على طريق التعاون فى الحد من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، فكيف ستتعامل المنظمة الأممية الأكبر مع هذا الملف؟
جوتيريش: لابد لكل الدول المشاركة فى قمة شرم الشيخ، أن تقدم للعالم رؤية واضحة حول دورها فى هذا المجال، وأننا جميعا قد أصبحنا شركاء فى هذه المواجهة، لذا فإننى أدعو الجميع لأن ينحوا جانبا خلافاتهم الجيوسياسية، وأن يتجاوزوا كل المصاعب من أجل العمل فى فضاء آمن، تقدمه الأمم المتحدة، أما فيما يتعلق بالولايات المتحدة والصين، باعتبارهما أكبر دولتين شاركتا فى اندلاع الانبعاثات، فعليهما بالطبع القيام بدور قيادى والعمل معا فى هذا الملف الخطير، وقد رأينا إمكانية قيامهما بهذا الدور فى الماضى، ولابد أن نرى هذا مرة أخرى، لكن لا يمكن لأى دولة، مهما كانت كبيرة، أن تتخطى هذه الأزمة المناخية العالمية منفردة، إننا نحتاج لكل الدول وكذلك للشركات والمستثمرين والاقاليم والمدن، وأن يسرع الجميع باتخاذ خطوات من أجل المناخ.
«الأهرام»: ماذا عن آخر الجهود التى بذلتها الأمم المتحدة، من أجل حل الازمة بين روسيا وأوكرانيا، خصوصا أن العالم بات على اعتاب سيناريوهات عدة لكارثة استخدام الأسلحة النووية؟
جوتيريش: لقد عبرت كثيرا عن مخاوفنا من التهديد، أو أى احتمال لاستخدام السلاح النووى فى سياق الحرب الأوكرانية، إن هذه التهديدات الخطرة لا يمكن تقبلها بأى حال من الأحوال، ويجب أن تتوقف، فكل الدول لابد لها أن تزيح الخيار النووى من على طاولتها وإلى الأبد.
«الأهرام»: كيف يمكن للأمم المتحدة أن تواجه التحديات المطروحة على المجتمع الدولى، مثل الإرهاب النووى، والانتشار السريع للأمراض المعدية؟
جوتيريش: لقد عملت جاهدا من أجل التوصل الى حلول للمشكلات التى نواجهها جميعا، وقد تبدى ذلك بوضوح فى الاستجابة الموحدة للمجتمع الدولى، ضد انتشار كوفيد -19، وهو ما يعنى أن العمل متعدد الأطراف، هو السبيل الوحيد والفعال لحل المشكلات العابرة للحدود، لذا، فمن الضرورى أن تلتزم كل الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة، بالعمل الدولى متعدد الأطراف.
«الأهرام»: ما هى آفاق التسوية التى يتوقعها الأمين العام للمتحدة، للأزمات الحالية فى ليبيا وسوريا واليمن؟
جوتيريش: الحقيقة أن حل تلك الأزمات مرهون دائما بتوافر إرادة سياسية بالقدر الكافى، يمكن من خلالها التوصل الى حلول لهذه الازمات، وذلك من اجل صالح الشعوب التى عانت لفترات طويلة فى ليبيا واليمن وسوريا، وممثلو الأمين العام للأمم المتحدة، فى الدول الثلاث مازالوا يعملون مع الأطراف الرئيسية من أجل التوصل الى حل سلمى ودائم، ففى ليبيا، أصبح لدينا مبعوث جديد هو عبدالله باثيلى، الذى يعمل من أجل توحيد المؤسسات المحلية، للانطلاق نحو انتخابات فى أقرب وقت ممكن، وفى اليمن، يعمل ممثلى الخاص هانز جروندبرج مع كل الأطراف، من أجل التوصل إلى هدنة فى أقرب وقت، والتقدم نحو اتفاق تسوية سلمية، والهدوء الذى شهدناه طوال الأشهر الماضية، كان فى صالح المدنيين فى اليمن، وفى سوريا مازال جير بيدرسين، الممثل الخاص للأمين العام، يعمل من أجل العودة الى المباحثات الدستورية، والمؤكد أن الحل السياسى هو السبيل لحل هذه الصراعات، ونحن نقدم كل المساعدات الإنسانية الممكنة، لملايين من الرجال والنساء والأطفال السوريين على خطوط المواجهة والعمليات.
«الأهرام»: لماذا يشعر كثير من العرب بأن القضية الفلسطينية قد تراجعت كثيرا خلال السنوات الأخيرة على أجندة الأمم المتحدة؟
جوتيريش: القضية الفلسطينية لم تتراجع أبدا، فهى من أولويات الأمم المتحدة، وما زلنا نعمل من أجل حل الدولتين، وأنا أؤكد التزام الأمم المتحدة بالعمل مع الفلسطينيين والإسرائيليين من أجل العودة الى المفاوضات لإنهاء الاحتلال، ولدينا تور وينسلاند، المنسق الخاص لهذا الشأن، يعمل مع كل الأطراف لضمان عودتهم لمائدة المفاوضات.
الأمم المتحدة مازالت تشارك بفعالية مع كل الأطراف، ومازالت ملتزمة بدعم الحقوق الفلسطينية والإسرائيلية من أجل حل هذا الصراع، وإنهاء الاحتلال وتحقيق حل إقامة الدولتين على أساس خطوط 1967، وذلك حسب مقررات الأمم المتحدة والقانون الدولى والاتفاقات الثنائية، وفى الوقت نفسه، فإن للأمم المتحدة أكبر وكالة عمليات فى العالم وهى «الاونروا»، وهذه الوكالة تعمل على الأرض لأكثر من سبعين عاما، وهى شاهد على التزام الأمم المتحدة المستمر نحو اللاجئين الفلسطينيين، وعلى الرغم من أن «الاونروا» تواجه الآن تحديات هائلة بسبب محدودية التمويل والقيود، غير أن العاملين بها يواصلون تقديم المساعدة وتوفير التعليم والخدمات الصحية، وهذه المنظمة تعد شريان الحياة بالنسبة لأعداد كبيرة من اللاجئين، خاصة فى قطاع غزة، حيث أدى الحصار الذى استمر لخمسة عشر عاما، إلى تقييد حركة الناس، وعلينا ان نستمر فى دعم الاونروا واللاجئين الفلسطينيين حتى يتم التوصل الى حل عادل لهذا الصراع
«الأهرام»: توصل لبنان وإسرائيل مؤخرا الى اتفاقية لترسيم الحدود بين البلدين، فكيف تنظر الى تلك الاتفاقية؟
جوتيريش: إننى أرحب بتوقيع الاتفاق التاريخى لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وهذا الاتفاق بمثابة خطوة لبناء الثقة، ودعم الأمن والاستقرار فى المنطقة، كما أنه سيعود بمنافع اقتصادية على الدولتين وعلى المنطقة بأسرها، وهنا أنتهز الفرصة للترحيب بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة محمد السودانى، وأدعو هذه الحكومة إلى الوفاء بالمطالب التى طال أمدها لشعب العراق، من أجل الإصلاح ومن أجل مستقبل أفضل، ونحن لدينا مهمه سياسية فى العراق، ويمكننى القول بأننا ملتزمون بالكامل بدعم حكومة وشعب العراق.
رابط دائم: