رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى قضايا المناخ بروتوكول «كيوتو» كلمة البداية

إيمان عارف

كلما تطرق الحديث لقضايا تغير المناخ والالتزامات الدولية لمواجهة الاحتباس الحرارى والانبعاثات الضارة، يتحول الحديث تلقائيا نحو اتفاقية كيوتو للمناخ، التى اعتبرت ضربة البداية للعمل الجماعى على المستوى الدولى لمواجهة هذه القضية التى تجاهلها البعض وأنكرها البعض الآخر. فما قصة هذه الاتفاقية؟ وما موقف اليابان الفعلى تجاه هذه القضية المحورية، وهل يتناسب الجهد الذى تبذله مع التحديات القائمة وكونها احتضنت إرهاصات الجهد الدولى المبذول؟

تعود بدايات الجهد الدولى حول الحفاظ على البيئة إلى مؤتمر إستوكهولم الذى عقد عام 1972، وحضره 113 مندوبًا ورئيسا دولتين، وأسفر عن العديد من الاتفاقيات البيئية الدولية، التى كان على رأسها قمة الأرض عام 1992، وما تبعها لاحقا من أول تطبيق عملى وملزم للاتفاقية، رسميًا بفضل بروتوكول كيوتو الموقع فى اليابان، الذى تم اعتماده عام 1997، ودخل حيز التنفيذ فى عام 2005، وبدءا من عام 2008، صدق 183 طرفًا على الاتفاقية، فى حين لم تصدق الولايات المتحدة الأمريكية على البروتوكول إطلاقا.

ويعد هذا البروتوكول بمنزلة أول اتفاقية جماعية للحفاظ على البيئة والحد من تلوثها، واعتبرت تعكس وعيًا مشتركًا بين سكان الأرض تجاه مسئولية الحفاظ على كوكب الأرض، حيث انعقدت عليها الآمال للحد من تلوث البيئة والحفاظ على درجة حرارة الأرض، كونها تلزم الدول المصدقة بتخفيض انبعاث الغازات الناتجة عن عملية التصنيع بنسبة 5% من مستواها المسجل عام 1990، كما تعد حصاد جهود مستمرة ومناقشات موسعة دعت إليها الأمم المتحدة بهدف استباق التبعات المدمرة لظاهرتى الاحتباس الحرارى والتلوث البيئي.

وبشكل مبسط تعمل آلية البروتوكول على تفعيل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ من خلال إلزام البلدان الصناعية والاقتصادات التى تمر بمرحلة انتقالية بالحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى وخفضها وفقا للأهداف الفردية المتفق عليها، كما تطلب الاتفاقية من تلك البلدان أن تتبنى سياسات وتدابير للتخفيف وأن تقدم تقارير دورية.

ويستند البروتوكول إلى مبادئ وأحكام الاتفاقية، ومن ثم فهو يلزم البلدان المتقدمة فقط، ويضع عبئا أكبر عليها بموجب مبدأ «المسئولية المشتركة ولكن المتباينة»، لأنه يعترف بأن الدول الكبرى مسئولة إلى حد كبير عن المستويات العالية الحالية للانبعاثات الحرارية،أى أن الهدف الرئيسى لبروتوكول كيوتو هو التحكم فى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى بطرق تعكس الاختلافات الوطنية الأساسية فى الثروة والقدرة على إجراء التخفيضات.

كما يحدد البروتوكول أهدافًا ملزمة لخفض الانبعاثات لـ 37 دولة صناعية واقتصادات تمر بمرحلة انتقالية، إلى جانب دول الاتحاد الأوروبي، أما جميع البلدان، فلم تلتزم بمعدلات محددة بل اشتركت فى عملية مكافحة تغير المناخ عبر آليات تحفيزية، ويتضمن اتفاق كيوتو كذلك مجموعتين من الالتزامات المحددة، تتضمن المجموعة الأولى منها الالتزامات التى تتكفل بها جميع الأطراف المتعاقدة، فى حين تختص المجموعة الثانية بمجموعة الالتزامات التى تتحملها الدول المتقدمة حيال الدول النامية.

ويمكن القول إن البروتوكول يلزم الدول الموقعة عليه بقائمة محددة من الالتزامات لا يتم التفرقة فيها بين الدول المتقدمة والدول النامية، فهى التزامات مشتركة تتكفل بتنفيذها جميع الأطراف المتعاقدة.

وتتلخص هذه الالتزامات فى قيام 38 دولة متقدمة بتخفيض الانبعاثات الضارة بنسب تختلف من دولة لأخرى، على أن يجرى هذا التخفيض خلال فترة زمنية محددة تبدأ فى عام 2008 وتستمر حتى عام 2012، والحفاظ على الغابات، والعمل على زيادتها، وإقامة نظم ومناهج بحث لتقدير الانبعاثات وكذلك دراسة الآثار السلبية الناجمة عنها، والتبعات الاقتصادية والاجتماعية لمختلف سياسات مواجهة المشكلة، إلى جانب التعاون الفعال فى مجالات تطوير التعليم وبرامج التدريب والتوعية العامة فى مجال التغير المناخي، والعمل على إنتاج وتطوير تقنيات صديقة للبيئة من خلال التركيز على الأنواع الأقل استهلاكًا فى الوقود، وبالتالى الأقل من حيث انبعاثات الغازات الضارة.

أما الالتزامات التى تحتويها المجموعة الثانية، فهى التى تتعهد بها الدول المتقدمة وحدها، وتلتزم بها فى مواجهة الدول النامية لمساعدة هذه الأخيرة على الالتزام بالأحكام الواردة فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية من ناحية، وتشجيع الدول النامية على التعاون الفعال فى إطار المنظومة الدولية لحماية البيئة من ناحية أخرى، ويمكن تحديدها فى تعهد الدول المتقدمة بتمويل وتسهيل أنشطة نقل التكنولوجيا منها إلى الدول النامية والأقل نموًا، خاصة تلك التقنيات صديقة البيئة فى مجالات الطاقة والنقل والمواصلات وغيرها، وكذلك تعهد الدول المتقدمة بدعم جهود الدول النامية والأقل نموا فى مجالات مواجهة الآثار السلبية للتغير المناخى والتأقلم معها.

فضلا عن التعاون المشترك مع الدول النامية والأقل نموًا فى آلية التنمية النظيفة، التى تعد إحدى أهم الآليات التى حددها اتفاق كيوتو، وتنص هذه الآلية على التزام واضح من جانب الدول المتقدمة بالقيام بمشروعات فى الدول النامية بغرض مساعدتها على الوفاء بمتطلبات التنمية المستدامة.

وهذه الآلية ستفيد كلا من الدول المتقدمة والدول النامية على حد سواء، وتتمثل الفائدة التى تعود على اقتصادات الدول النامية فى وجود الاستثمارات القادمة من الدول المتقدمة على أراضيها، فى حين تتمكن الدول المتقدمة من استخدام الانبعاثات الناتجة من أنشطة هذه المشروعات للإسهام فى تحقيق جزء من التزاماتها الخاصة بتحديد وتخفيض كمى للانبعاثات.

ومن هنا فإن الدول النامية والأقل نموًا تنظر بارتياح إلى اتفاق كيوتو لقلة الالتزامات التى ألقاها على عاتقها فى مجال حماية البيئة، ومكافحة التلوث المناخي.

وعلى العكس من ذلك، ترى الولايات المتحدة أن الاتفاق ظالم لها، ولا يحقق مصالحها، واستندت الولايات المتحدة فى ذلك إلى وجود دول وإن كانت نامية فى الوقت الحالي، إلا أنها لن تكون كذلك فى المستقبل القريب. واستناداً إلى وجهة النظر الأمريكية لحالة عدم التوازن فى الالتزامات التى يتضمنها اتفاق كيوتو، دعا الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن، إلى معارضة تصديق الولايات المتحدة على الاتفاق،وقد رأت الإدارة الأمريكية آنذاك أن التزام الولايات المتحدة بتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبه 7% أقل من المستوى الذى كانت عليه 1990 خلال الفترة 2008-2012 لن يتم إلا بتكلفة عالية جدا.

ولضمان نجاح هذا البروتوكول، فقد استهدف إيجاد آليات تهدف لربط التلوث البيئى بمردود اقتصادي،بمعنى أن لكل منشأة صناعية الحق بحصة محددة من الغازات المنبعثة، فإذا تعدتها تحتم عليها شراء حصص إضافية من مصانع أخرى أطلقت غازات أقل مما يحق لها، وعليه يمكن للمنشآت التى اقتصدت فى كمية الغاز المسموح لها إطلاقها بيع الحصص التى لا تحتاجها وتحقيق أرباح من وراء ذلك.

من ناحية أخرى تشجع الاتفاقية على إقامة مشروعات بيئية بين الدول الموقعة، فقد أوجدت آلية تدعى آلية النمو الصناعى النظيف، وبمقتضاها تستثمر دولة صناعية أموالها فى مشروعات بيئية داخل دولة نامية، وهناك المشروعات المشتركة التى تدخل بمقتضاها الدول الصناعية فى مشروعات بينها لدعم الحفاظ على البيئة، وتقوم هذه المشروعات عادة بين دول فى غرب أوروبا ودول فى وسط وشرق أوروبا.

ورغم أن البروتوكول اعتمد عام 1997، إلا أنه بسبب عملية التصديق المعقدة، دخل حيز التنفيذ فعليا عام 2005، وقد وصل العدد حاليا للموقعين على البروتوكول إلى 192 طرفًا.

وتم الاتفاق على أن أحد أهم العناصر فى هذا البروتوكول هو إنشاء آليات سوق مرنة،وبموجب البروتوكول، يجب على الدول تحقيق أهدافها فى المقام الأول من خلال التدابير الوطنية، ويوفر لهم البروتوكول أيضًا وسيلة إضافية لتحقيق أهدافهم عن طريق ثلاث آليات قائمة على السوق، منها على سبيل المثال تحفيز الاستثمار الأخضر فى البلدان النامية وإشراك القطاع الخاص فى هذا المسعى لخفض الانبعاثات الحرارية والحفاظ عليها عند مستوى آمن، وإنشاء نظام صارم للرصد والمراجعة والتحقق، ومساعدة الدول فى التكيف مع الآثار الضارة لتغير المناخ، عن طريق تطوير ونشر التقنيات التى يمكن أن تساعد فى زيادة المرونة لتأثيرات تغير المناخ، ولذلك تم إنشاء صندوق التكيف لتمويل مشروعات وبرامج التكيف فى الدول النامية الأطراف فى بروتوكول كيوتو.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق