رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

صناع «الطرابيش» يلتقون حرفيى المصاغ..
قيسارية سوهاج.. تتجدد لتحتفظ بقديمها

سوهاج ــ نيفين مصطفى
جانب من القيسارية العريقة

«قيسارية سوهاج».. ذلك السوق الذى تنامى على مر الزمن وشبهه كثيرون بمنطقة «خان الخليلي» القاهرية ، هو أحد أقدم وأكبر المناطق التجارية ليس فى منطقة الجنوب فحسب، بل وفى مختلف أنحاء مصر.

القيسارية التى تضم حاليا أكثر من 300 محل تجارى، تجمع بذكاء محبب بين الماضى والحاضر. فتاريخ تشييدها يرجع إلى أكثر من 700 عام، ويرجح قيامها الأول فى زمن دولة المماليك. تتميز بكثرة شوارعها وتقاطعاتها. مسقوفة بالألواح والعروق الخشبية التى يقدر عمرها بمئات السنين، تعتمد فى أغلبها على إنارة الكهرباء وكأنها تعيش فى ليل مضاء دوما. التجول بين جنباتها، يذهب بالزائر فى رحلة بين فنون العمارة القديمة التى مازالت تتباهى بعراقة الماضى، والقدرة على التواصل مع الحاضر.

يقول أحمد الشطورى، رئيس حى غرب والذى تتبعه منطقة «قيسارية سوهاج» إن «القيسارية»، والمسمى يعنى «السوق»، تعد متعة للزائرين، لكونها تجمع عددا من الحرف التقليدية التى قد لا يتكرر وجودها واجتماعها إلا بين جنبات تلك القيسارية. ففيها، متاجر لحرف صناعة الطرابيش، جنبا إلى جنب مع صناعة الأحذية والفوانيس والموازين والزجاج والمناجل. وتتباهى "قيسارية سوهاج" باحتضانها «صاغة» فخمة للتجارة فى الحلى الذهبية. كما تضم بعض أقدم وأشهر العطارين فى مصر، بمخزونهم من معارف التداوى والتطبيب العتيقة، وثروات من الأعشاب النادرة، التى قد لا يتكرر وجودها فى موقع آخر.

ويكمل الشطورى، مشيرا إلى ما تضمه «القيسارية» من لمسات حديثة متمثلة فى تجمعات تجارية تشبه الـ «مول» بمعناه المعاصر، والتى تعد وجهة مثالية للراغبين فى تجهيز العرائس. ويقصدها الوافدون من مختلف أنحاء سوهاج لتنوع ووفرة البضائع بين أقمشة، وملابس، وأدوات منزلية، والتى تباع كلها بأسعار تلائم كافة الفئات. ولا تغفل «القيسارية» أن تضم بعض أشهر متاجر الأسماك، والجزارة، والمأكولات المختلفة.

ويكمل المسئول السوهاجى موضحا أنه برغم قدم وعراقة هذه المنطقة، إلا أنه لم يتم إدراجها على قائمة المواقع الأثرية حتى الآن. كما أن "مسجد على بك الكبير"، والذى يعد من علامات "القيسارية" التاريخية، لم يتم تسجيله كأثر ، وإن كان قد خضع مؤخرا لمشروع تجديد طموح، شمل معه مسجد «الفرشوطى» وبعض الأضرحة لبعض المشايخ، والكنائس القبطية بالمنطقة.


من داخل مسجد الفرشوطى

ومسجد «الفرشوطى» تحديدا، يرجع تاريخه الى العصر الفاطمى حيث شيد فى عصر الخليفة الحافظ لدين الله الفاطمى عام 527 هجريا. ويقع مقر المسجد بميدان "الفرشوطى"، وقد سمى بهذا الأسم فى مرحلة لاحقة من تاريخه نسبة إلى الشيخ عبد المنعم بن إبراهيم الفرشوطى والذى قدم من قنا ليستقر فى سوهاج، وتحديدا فى المسجد الذى بات ينسب له. وقد تعرض المسجد العتيق لمرات متعددة من الهدم وإعادة التشييد، حتى لم يعد يتبقى منه سوى لوحتين يجمعان مرسوما من السلطان الغورى يثبت فيها ملكية أصحاب الحرف فى عهده للأملاك التى أوقفها لخدمتهم، وذلك إلى جوار النص التأسيسى للمسجد الأصلى. ويرد فى نص وقف الغورى، مايلى: «بسم الله الرحمن الرحيم. رسم بأمر مولانا المقام الشريف السلطان الملك الأشرف أبوالنصر قانصوه الغورى خلد الله ملكه وثبت قواعد دولته يمنع من يتعرض للبزازين الصنايعية والفرازين والاسكافية بناحية سوهاج فى وقف الشهيد الأشرف قايتباى».

وجماليات القيسارية لا تنتهى هنا. ففى محيطها، يقع مسجد آخر من أهم الأثار الإسلامية بمحافظة سوهاج، وهو مسجد «العارف بالله»، الذى يرجع تاريخ تشييده إلى القرن الثامن الهجرى. وقد أعيد بناؤه عام 1968 فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. ويضم ضريح العارف بالله، وذلك فى جناح ملحق بالمسجد. والعارف بالله هو فى الأساس لقب أطلق على إسماعيل بن على بن عبد السميع بن عبدالعال اليمانى، الملقب بحسين أبو طقية. والذى ولد بقرية دندرة بقنا، ثم انتقل هو الآخر إلى سوهاج. وهو من «الأشراف» وبجوار المسجد، مدافن للأمراء وقبر «مراد بك الكبير» .

وفى لقاء مع عدد من أهالى منطقة القيسارية، كانت الإشادة بالتجديدات التى خضعت لها قيساريتهم من تجديد للأرضيات ودعم لنظم الإضاءة بها، فضلا عن إقامة وحدة إطفاء بغرض التدخل السريع. ولكنهم طالبوا بتكثيف حملات التفتيش على المرافق والاشغالات، لمنع تنامى ظاهرة الباعة الجائلين وغير النظاميين، وكذلك الوقوف لبعض وقائع تعدى أصحاب المتاجر على حرم الشارع. فجميع من تمت مقابلتهم اتفقوا على ضرورة الحفاظ على ما تم إنجازه بقيسارية سوهاج التى عاندت الزمن وتغييرات شتى.w

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق