رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

إعصار الحرب يبتلع اقتصاد العالم

أمنية نصر
الحرب واقتصاد العالم

حين ظن العالم أنه قد حان الوقت ليشحذ قواه للتعافى من الأزمة الاقتصادية التى خلفتها جائحة كورونا، جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتقضى على تلك الآمال وتصيبه بضربة جديدة أشد قوة وأكبر تأثيراً، لتهدد أكبر الدول والكيانات الاقتصادية بالركود، فتتفاقم مشكلة الطاقة وتتغول أزمة الغذاء وسلاسل الإمداد. الأمر هنا أنه فى الوقت الحالى ومع تزايد حالة الانقسام العالمى ما بين مؤيد ومعارض أو حتى غير مهتم، لا نرى ولا يوجد أفق لحل تلك المعضلة الصعبة.

وعندما أطلقت روسيا حربها على أوكرانيا كان المفترض أنها ستكون عملية محدودة، غير أنها وبعد 234 يوما،ً يستمر الصراع فى دفع أوروبا إلى حافة الهاوية خاصة مع انخفاض درجات الحرارة ودخول فصل الشتاء، بالتزامن مع مشكلة تضخم أسعار الغذاء العالمية. بالطبع للحرب تكاليف إنسانية لا تقدر بثمن وفى الوقت نفسه فإن آثارها الاقتصادية مروعة وتستمر لأعوام، خاصة مع تواتر الأنباء والتحذيرات من مواجهة نووية مرعبة مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلنطى «الناتو». الحقيقة أن الصدمات الاقتصادية التى تسببت بها الحرب فاقت جميع التوقعات وأثرت على إمدادات الطاقة العالمية والأسواق بطرق لم يكن من الممكن تصورها من قبل وكان من آثارها قرار منظمة أوبك بلس بخفض إنتاج النفط العالمى برغم المناشدات الأمريكية. ومع اقتراب الركود العالمى وارتفاع مستويات التضخم والديون، يتم التخلص من الأهداف المناخية بالجملة وسط تدافع مذعور باتجاه الوقود الأحفورى، كما هو الحال فى المملكة المتحدة وألمانيا.

ولا تقتصر آثار الحرب على أوروبا فقط بل تجاوزتها إلى إفريقيا، فقد أدى تعطل صادرات الحبوب الأوكرانية بالإضافة لموجات الجفاف مثلاً فى شرق أفريقيا، لتعريض حياة الملايين للخطر وبحسب التقارير الدولية فأكثر من 14 مليون شخص فى الصومال وإثيوبيا وكينيا على وشك المجاعة بالفعل - حوالى نصفهم من الأطفال. قد يرتفع هذا العدد إلى 20 مليون إذا فشل العالم فى اتخاذ إجراءات عاجلة.

أما فى الشرق الأوسط، أدت الحرب فى أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار القمح والوقود، وهى فاتورة باهظة يدفعها اللاجئون فى سوريا واليمن حيث أنهم من بين الأكثر تضررا، ولا يمتلك الكثيرون منهم الدخل أو حتى يحصلوا على المساعدات الكافية لتغطية تكاليف المعيشة المتزايدة بشكل كبير. وحتى فى منطقة أمريكا الوسطى، تضاعفت أسعار الأطعمة الأساسية.

 الحرب فى أوكرانيا مأساة إنسانية، لكن تداعياتها الاقتصادية عالمية جعلت أكبر الاقتصادات فى بلد مثل الولايات المتحدة تواجه مخاطر كبرى. وإلى جانب الآثار المباشرة، فإن الآثار طويلة المدى للحرب على التجارة والاستثمار العالميين ستعتمد إلى حد كبير على كيفية استجابة الحكومات للبيئة الجيوسياسية المتغيرة، خاصة مع تحذيرات البنك الدولى من أن الاقتصاد العالمى سيدفع «ثمنا باهظا» للحرب وستتحمل الأسواق الصاعدة والبلدان النامية العبء الأكبر.

وتشير أحدث التوقعات الصادرة عن البنك الدولى إلى أن اقتصاد الدول الصاعدة فى أوروبا وآسيا الوسطى سينكمش بنسبة 4.1% هذا العام. إذ أن الصدمات الاقتصادية الناجمة عن الحرب تؤدى إلى تفاقم الآثار المستمرة لجائحة كورونا. وسيكون هذا الانكماش هو الثانى خلال عامين، كما سيكون أكبر بمعدل مرتين من الانكماش الذى نجم عن الجائحة فى عام 2020 ومن أجل تجنب السقوط فى هوة الانهيارالاقتصادى يتحتم على العالم التكاتف لحل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا ثم البحث عن حلول عادلة لإنقاذ الملايين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق