رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الإسراف.. إهدارٌ للنعمة

تحقيق : إبراهيم عمران [ إشراف : خالد أحمد المطعنى]

حذر علماء ومتخصصون من إهدار الطعام من قبل البعض فى المجتمع، خاصة بعد ما أظهر استطلاع رأى لمركز المعلومات بمجلس الوزراء، أن 45.1% من أرباب الأسر يرون أنه منتشر فى المجتمع المصرى، مؤكدين أنه «اغتيال للنعمة وإهدار لها»، وجريمة تقع تحت باب المحرمات، مطالبين الجميع فى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية بالالتزام بالترشيد، وضوابط الإنفاق، بحيث يكون متوازنا مع الكسب، فلا يجوز لإنسان أن ينفق أكثر مما يكسب، حتى لا يقع تحت عبء الحوائج، وهمّ الديون، مؤكدين كذلك أهمية تنظيم حملات توعية لتصحيح السلوكيات الخاطئة فى المجتمع.


> الإنفاق الزائد على الحاجة تبذير يجب التوقف عنه

الدكتور عبدالله عزب، عميد كلية أصول الدين بالقاهرة، يقول إن من العادات الاجتماعية السيئة التى اعتادها البعض، تخزين الطعام، وحتى الخضراوات والفواكه التى يتلف الكثير منها، وتقديم الطعام لأهل البيت أو الضيوف، بطريقة تزيد على الحاجة، مما يؤدى إلى إهدار الكثير منه، وإلقائه فى صناديق القمامة، وهى مظاهر لا تُوجد فى المجتمعات المتحضرة التى لا تنفق إلا بقدر حاجتها مهما يكن ثراؤها، وهى عادات بلا شك تتعارض مع جميع الشرائع السماوية، جملة وتفصيلا، لما فيها من التبذير والإسراف المنهى عنه شرعا.

ويوضح أن الدين وضع ضوابط فى كسب المال وإنفاقه، فلا ينبغى لأحد أن يشترى فوق احتياجاته، ولا يأخذ من الطعام إلا بقدر حاجته، داعيا إلى التخلص من هذه العادات بأن يأخذ الإنسان بالقدر الذى يكفيه من الطعام دون زيادة، لأن ما زاد وكان مصيره للقمامة سيُسأل عنه الإنسان، حتى ولو لقمة أو حبة من الأرز.

ويتابع: لذلك حذر الحق تبارك وتعالى من إهدار المال بالإسراف فيه، فقال: «وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا»، أى الذين ليسوا مبذّرين فى إنفاقهم، فلا ينفقون فوق حاجتهم، ولا يبخلون على أنفسهم وأهليهم فيقصّرون فى ما يجب عليهم، بل ينفقون إنفاقا عدلا وسطا، ولو كان الإسراف والإقتار فى النفقة مرخصا فيهما ما كانا مذمومين، وما كان فاعلهما كالشياطين. ويضيف: جعل الشرع للإنفاق والتمتع بالطيبات من المطعومات والمشروبات ضوابط يجب أن يلتزم بها المنفق، منها أن يكون فى المباحات أو المسنونات أو الواجبات، وأن يكون الإنفاق متوازنا مع الكسب، فلا يجوز لإنسان أن ينفق أكثر مما يكسب حتى لا يقع تحت عبء الحوائج، وهمّ الديون، بل الواجب أن يبقى عنده فضل غنى يدخره لنوائب الدهر، محذرا من أن المبذر المسرف يعصى الله بسلوكه هذا، ولو تصدق بما أهدره على الفقراء والمساكين والمحتاجين لتبدلت معصيته إلى طاعة، وأصبح مشاركا فى التكافل الاجتماعى، الذى يجعل المجتمع كله كالجسد الواحد.


د. محمود عبد الحميد

مظاهر كاذبة

فى سياق متصل، يؤكد الدكتور محمود عبد الحميد، أستاذ علم الاجتماع ومقرر اللجنة العلمية بجامعة الأزهر، أن ترشيد الاستهلاك فى جميع مجالات الحياة يسهم فى عبور الأزمات، ويعد من أبرز الأمور التى تهم المشتغلين بقضايا الاجتماع الاقتصادى ودراسات التنمية، ويُعتبر أحد معايير التمييز بين الدول المتقدمة، كما أنه مؤشر للتنمية، بينما يُعد الاستهلاك غير الرشيد مؤشرا ومعيارا للتخلف، وفى الوقت ذاته، هو سلوك يتنافى مع قيم وأخلاق جميع الشرائع. ويستدرك: للأسف الشديد لدينا فى مجتمعاتنا نماذج للاستهلاك المظهرى أو التفاخر، ومثلا فى الزواج نجد ضغوطا شديدة على راغبى الزواج من شبان وشابات فى مقتبل حياتهم لشراء أغلى الأشياء وأكثرها ثمنا من الأثاث، وتجهيز شقة الزوجية بكل ما يلزم وما لا يلزم فقط بقصد التفاخر والتباهى والمظهرية الكاذبة، وقبلها الخطوبة وشراء أكبر كمية من الذهب للعروس، وتنظيم حفل ضخم وتقديم أغلى الأطعمة بقصد التفاخر والمظهرية، بل حتى فى حالة الوفاة يتناسى الجميع ذكر الموت والعظة منه لينطلق الجميع لإعداد أكبر السرادقات، علاوة على عدم ترشيد الوقت، فإذا رجعنا إلى ديننا الحنيف وجدنا توجيها بعدم الإسراف.

من جانبه، يوضح الدكتور محمود الصاوى، أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن الإسراف فى الاستهلاك المنزلى، مسألة بالغة الأهمية، يجب أن تسلط عليها الأضواء، وأنه لا بد من حملة قومية تشارك فيها كل المؤسسات المجتمعية لنشر ثقافة اقتصاد الأسرة، للحفاظ على الموارد من جهة، ومنع الإهدار من جهة أخرى، مؤكدا أنه من باب شكر النعمة ألا نسرف فى استخدامها واستهلاكها. ويحذر من أن عدم الالتزام بالمنظومة الشرعية فى الإنفاق يدخل الفرد والأسرة والمجتمع فى الإسراف، إذ قال الله تعالى: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ».


د. جيهان يحيى

الإعلام وحفظ النعمة

وترى الدكتورة جيهان يحيى، أستاذة الإعلام بجامعة الأزهر، أنه يجب على وسائل الإعلام تنظيم حملات توعية لترشيد الاستهلاك، بحيث لا تسرف أى أسرة فى شراء احتياجاتها، ليس فى الطعام فقط، بل فى كل المواد، خاصة أن العالم يمر بأزمة اقتصادية فى ظل الحرب الروسية - الأوكرانية، إلى جانب دور القطاعات المؤسسية فى الدولة، وليس الإعلام فقط، بحيث يتعدى الى منظمات المجتمع المدنى وعلماء الدين والاجتماع والنفس، على أن تكون التوعية شاملة من أجل تصحيح السلوكيات الخاطئة، وبناء مجتمع لديه ثقافة إيجابية فى كل شىء.

أما الدكتورة أسماء عبد الحكيم راتب، مدرسة الأدب والنقد بكلية البنات الإسلامية بأسيوط، فتوضح أن حفظ نعمة الطعام يكون بشكر المنعم، وشكر النعمة سبب فى زيادتها، بينما إهدارها سبب للعذاب الشديد، إذ يقول الله تعالى: «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ». وتوضح أن الشكر لا يكون إلا بالحفاظ على النعم، وعدم الاستهانة بها، أو إهدارها ورميها فى النفايات، فإهدار الطعام بإلقائه فى القمامة سبب فى زوالها، ويستوجب حرمان العبد منها، وقد توعد الله، تعالى، أمثال هؤلاء بالجوع والخوف عقابا على فعلهم، إذ يقول سبحانه: «وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ». وتشدد على أن إلقاء الطعام فى النفايات ذنب عظيم، وإثم كبير؛ باعتباره دليلا على الإسراف والتبذير.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق