أول انطباع انتابنى عند متابعة مسرحية «شاطارا» المغربية ضمن عروض مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي فى دورته التاسعة والعشرين أن الفكرة قديمة ومكررة.. صحيح أن المخرج أمين ناسور قد وضع بطلاته الثلاث داخل أقفاص متحركة لتوحى بقيود المجتمع الذكورى وصحيح أيضا أنه قدم تشكيلات حركية صعبة من داخل هذه الأقفاص إلا أن هذا التجديد فى الشكل لا يخفي معالم الفكرة الأصلية القديمة.. وهى تجارب النساء اللاتى هاجرن من أوطانهن إلي أراض جديدة هربا من معاناة وظروف قاسية فوجدن حياة أكثر قسوة وصعوبة..
هى نفس فكرة المسرحية السورية «نساء بلا غد» للمخرجة نور نواف والتى تصف معاناة ثلاث سيدات هاجرن من ويلات الحرب فى سوريا هجرة غير شرعية وتم احتجازهن في معسكر للاجئين بألمانيا وكل واحدة منهن تروي تجربتها من داخل المعسكر وما دفعها إلى الهجرة.. ونفس هذه الفكرة قدمتها المخرجة اللبنانية لينا أبيض فى عرض حمل عنوان «أمريكا» يتناول أيضا تجربة هجرة ثلاث سيدات من لبنان إلى أمريكا بحثا عن الحرية والاستقرار والظروف المعيشية الأفضل وإذا بهن يجدن معاناة جديدة ولا ينسين تجارب الماضي المؤلمة.. ولا ندري لماذا يصر الجميع على رقم 3 فى اقتباسهم لنفس الموضوع !
أما عن التقنيات الحديثة وتوظيفها بذكاء داخل العرض المسرحي فبكل تأكيد نجح المخرج أمين ناسور فى استخدام وحدات من الديكور المتحرك توحى بالسجن وتشير إلى ما تعانيه المرأة العربية من قمع وتضييق وقد اختار المخرج تقديم العرض بثلاث لغات هى العربية والفرنسية والأمازيغية أو الصحراوية وهى بالفعل لغات منتشرة فى المملكة المغربية الشقيقة والفتاة الأولي ربيعة هاجرت من تقاليد المجتمع بحثا عن الحرية مختبئة فى سيارة نقل بضائع! والثانية شانى هاجرت من جنوب الصحراء دون أوراق إثبات شخصية أما الثالثة تاليا فقد فرت من الحروب والصراعات فى منطقة الشرق الأوسط.. وهن يتبادلن الحكايات عن أحداث جرت لهن كان بطلها الحبيب الغادر أو الأب غير المبالي أو المجتمع ذو النظرة الرجعية المستهينة بحق المرأة وتحمل كل حكاية تفصيلة صغيرة تعرفنا أكثر بالشخصيات والحقيقة أن الموسيقى والأغاني كانتا أجمل ما فى العرض من عناصر فنية خاصة عندما امتزجت الموسيقي الصوفية مع عبارة «إلهى لا تلمنى واعف عني» مع ما يشبه الترانيم الكنسية فى تناغم روحانى جميل.. كما أن الممثلات يمتلكن حضورا مسرحيا وقدرة على التأثير خاصة مع تباين اللغات وصعوبة فهم الحوار أو بمعنى أصح صعوبة فهم المونولوجات الطويلة وقد أكدت اللوحة قبل الأخيرة على أن اللغة لا تهم والمهم أن يصل الإحساس للمتلقي وهو ما يدفعنا إلى طرح سؤال جريء على المخرج فما دامت اللغة صعبة لأنها مزيج بين العربية والفرنسية والصحراوية التي لا يفهمها إلا من يتحدث بها فلماذا لم يفكر فى استبدال المونولوجات الطويلة بمشاهد من الأداء الحركي والغناء حتى تصل الرسالة بوضوح أكثر؟ أم أن عدم الوضوح من ضمن أهداف العرض على سبيل التجريب ؟!
رابط دائم: