رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى فصل الحنين والرحيل
لوحات عالمية تحتفل بالخريف

نسرين مهران
ء

يقظة ففرح فحزن فنزاع.. الخريف هو موسم كل المفارقات.. نهاية العديد من الأشياء، كذلك هو البدايات.. رياحه تعصف بأوراق الشجر الذهبية جنبا إلى جنب مع الأشجار دائمة الخضرة. هو خلوة للتأمل لكثير من عمالقة الفن وجدوا فيه موسم السعادة الهادئة والكآبة الإبداعية.. وقد تجلى ذلك فى كم هائل من اللوحات التى صوّرته، وحسبنا أن نذكر هنا أسماء بعضها: «حصاد الخريف» لكريستى بلكورت، و«طريق الشجر فى الخريف» لهانز أندرسن برينديكيلد، و«ليديا فى الخريف»، و«لمارى كاسات»، وغيرها الكثير.


إذا كنت من محبى الخريف، إليك روائع بألوان متلألئة ستدفئ قلبك وهى تعد الأكثر شهرة فى تجسيد جمال هذا الفصل.. لا شك أن أفضل من صوّر الخريف على نهر السين كان الفنان كلود مونيه. فى عام 1871 انتقل الرسام الفرنسى إلى مدينة جميلة على ضفاف نهر السين، تُدعى أرجينتوى حيث كان يرسم من فوق قاربه الذى حوّله إلى استوديو، فرسم العديد من اللوحات لليخوت والأشخاص والطبيعة هناك..

فى لوحته «أرجينتوى»، يظهر لنا أسلوب مونيه الفريد، باستخدامه لضربات الفرشاة السريعة والمائلة، وكذلك شغفه فى إظهار الأضواء والانعكاسات التى تبرز على سطح مياه البحر.

كان مونيه رائد المدرسة الانطباعية فى الرسم، لذلك ظل العنصر المائى هو الطاغى فى أعماله. على ضفاف نهر السين تنعكس الألوان الرائعة فى التفاصيل بحيث يكاد يكون من الصعب إدراك ضفة النهر. على يسار التكوين، لا تزال الأشجار مغطاة بأوراق ذهبية، بينما على اليمين تكون الألوان بالفعل أكثر برودة وأكثر شتوية.


لوحة تصور ضفاف نهر السين لمونيه


فى نهاية أكتوبر 1884 رسم الفنان الهولندى فان جوخ لوحة تعكس مزاج الحزن والفرح فى قماش واحد، وأطلق عليها «زقاق الحور». بريشته السحرية نجح جوخ فى أن ينقل لك مزاج الخريف المتناقض.. فتشاهد السماء بلونها الأزرق الفاتح تتناغم مع التيجان الصفراء لأوراق الشجر.

ممر من أشجار الحور المرتفعة يمتد على مساحة كبيرة من اللوحة، وفى نهاية الممر يقبع بيت فلاح صغير. يبدو الجزء العلوى من اللوحة مشرقا بفضل ألوان السماء الصافية، بينما الجزء السفلى يبدو حزينا خاصة أن هناك امرأة على اليمين ترتدى ثوبًا أسود.

فان جوخ الذى أحب هذا الوقت من السنة، قال إنه يريد الذهاب إلى أرض حيث سيكون هناك خريف أبدى.

فى «غابة بيرش» لــ جوستاف كليمت، لا مكان للسماء الزرقاء فى الخريف. ترتفع جذوع الفضة وكأنها سجادة من الأوراق المتوهجة، تمتص المشاهد تمامًا فى هذه الشجيرات التى، كما هى الحال فى كثير من الأحيان فى المناظر الطبيعية لكليمت، لا يمر بها أى حيوان أو شخص. يبدو أن الوقت ثابت، والجو خانق، هنا يدعونا المصور والرسام النمساوى إلى التفكير فى الغابة كما كان يفكر فيها هو نفسه. نعم، الفنان هو الذى يعرف وحده كيف يقرأ ألغاز الطبيعة ليقدم صورة عنها إلى البشر العاديين.

لا يمكن المرور على الخريف دون الوقوف عند لوحات الرسام الألمانى كونراد ألكسندر مولر، التى تكشف مدى مقدرته فى إبراز «الخريف بكل رتابة». غاباته عصفها ألف خريف و ما زالت تحمل إكليلاً من الورد فى قلبا. على سبيل المثال، فى لوحة «جدول فى الغابة»، تنفصل الأوراق الذهبية عن الأشجار وتدور وتتألق وتنهى مسارها فى جدول الماء. كل سحر الخريف الذى استحوذ عليه هذا الرسام الألمانى الطبيعى فى أوائل القرن العشرين، مع الأسف تم تدمير معظم أعماله خلال الحرب العالمية الثانية.

لا شك أن كثيرا من الفنانين اقتاتوا أوجاعهم وصاغوها ألحانا جميلة فى أعمالهم عن هذا الفصل. لقد حالف البير كامو التوفيق حين قال: «الخريف هو ربيع ثان، حين تكون كل ورقة زهرة».


لوحة زقاق الحور لفان جوخ

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق