رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كيف ستحدد علاقة أمريكا مع اليابان القرن الـ٢١؟

إعداد ــ دينا عمارة
حاملات الطائرات التابعة للبحرية الامريكية مع المدمرة اليابانية ذات الصواريخ الموجهة في أثناء عبور بح

شهد العالم خلال الشهر الماضى جنازتين مهمتين، الأولى كانت فى 19 سبتمبر الماضى، عندما تابع الملايين من جميع أنحاء العالم الوداع الأخير للملكة اليزابيث الثانية، وهو الحدث الذى استدعى لأذهان الشعب الأمريكى تلك «العلاقة الخاصة» التى تمتعت بها الولايات المتحدة الأمريكية مع المملكة المتحدة، والتى استمرت لأكثر من 70 عاما. أما الجنازة الثانية، والتى أقيمت فى طوكيو فى 27 سبتمبر الماضى، فكانت لرئيس الوزراء اليابانى السابق شينزو آبى، الذى توفى إثر إصابته بطلق نارى خلال تجمع انتخابى له فى مدينة نارا اليابانية.

وعلى الرغم من أن جنازة آبى لم تحظ بنفس الزخم الذى تمتعت به جنازة الملكة إليزابيث الثانية، لكنها كانت لافتة بشكل خاص نظرا لأنها تعتبر أول جنازة رسمية لرئيس وزراء يابانى منذ 55 عاما. لذلك لم يكن من المستغرب أن تثير غضب المعارضين السياسيين لرئيس الوزراء الحالى فوميو كيشيدا، بسبب التكاليف الباهظة التى تم إنفاقها على هذه المراسم (نحو 11.5 مليون دولار حسب رويترز)، فى ظل صعوبات اقتصادية قائمة.

وبغض النظر عن الجدل الدائر، فإن جنازة رئيس الوزراء الراحل يجب أن تذكر الأمريكيين بـ «العلاقة الخاصة» الأخرى التى ستأتى بعد رحيل آبى، وهى علاقة الولايات المتحدة الأمريكية مع اليابان: الحليف الذى لا غنى عنه والذى يمكن أن يساعد الولايات المتحدة فى إعادة التوازن مع تنامى قوة الصين فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ خلال القرن الحادى والعشرين.

إن آبى كان من أكثر الرؤساء تأثيرا على مكانة اليابان فى العالم فى فترة ما بعد الحرب، حيث استطاع فهم تغيير موازين القوى، وبدأ العمل على إعادة التنظيم، بما فى ذلك تحالف دائم استمر 70 عاما مع الولايات المتحدة، بمكانتها كثالث أكبر اقتصاد فى العالم، من أجل مواجهة التهديد المتزايد من الصين، وجعل اليابان الشريك الأساسى لأمريكا فى استقرار المنطقة والحفاظ على السلام.

كما أن مفتاح إعادة التنظيم هذا لم يكن فقط إلغاء عقود من السياسة الوطنية شبه السلمية، لكن الأمر تطلب أيضا إعادة التنظيم والاستفادة من علاقته الشخصية مع الرئيس الأمريكى وقتها، دونالد ترامب، لتأمين روابط التعاون الثنائى، ولتعزيز رؤية آبى الإستراتيجية من أجل منطقة المحيطين الهندى والهادئ المفتوحة والممتدة من هاواى إلى شواطئ إفريقيا والهند.

والأمر يعود الآن للولايات المتحدة للاستفادة الكاملة مما بناه آبى،  عندما تتعامل مع خلفائه فى الحزب الليبرالى الديمقراطى الحاكم، لتعزيز مهمتها لإحباط محاولة الصين للهيمنة على العالم. فحسب ما أورد التقرير فإن موقف الصين فى بحر الصين الجنوبي، ومطالباتها بجزر سينكاكو اليابانية، كلها عوامل دفعت آبى إلى إدراك أن التحالف بين الولايات المتحدة واليابان هو السبيل الوحيد لإحباط التهديد الإستراتيجى المتنامى من بكين.

كان هذا التهديد دائما فى الصدارة خلال فترة رئاسة آبى للوزراء، أولا فى 2006-2007، وبعد ذلك، بشكل أكثر حسما، من 2012 إلى 2020 - أطول فترة لرئيس وزراء فى تاريخ اليابان بعد الحرب. فعلى سبيل المثال، أدرك آبى أن حكومة اليابان بحاجة إلى إصلاح إدارى للتنافس مع الصين من الناحية الجيوسياسية، لذلك فقد جعل عملية صنع قرارات الأمن القومى مركزية فى مكتب رئيس الوزراء من خلال إنشاء أول مجلس حقيقى للأمن القومى فى اليابان فى عام 2013.

عكس آبى عقدين من تراجع ميزانيات الدفاع اليابانية، مع زيادات مطردة كل عام منذ عام 2012. كما خفف حظر اليابان بعد الحرب على صادرات الأسلحة، مما مكّن البلاد من تصدير التكنولوجيا المتعلقة بالدفاع التى طورتها فى الداخل، إلى دول أخرى، بما فى ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.

مع وضع ذلك فى الاعتبار، زادت إدارة رئيس الوزراء آبى بشكل كبير من الإنفاق على جهود البحث والتطوير فى العلوم والتكنولوجيا، وبحثت عن طرق لتوسيع وتكثيف التعاون مع الولايات المتحدة فى المجالات الرئيسية للعلوم والتكنولوجيا. لقد فهم آبى أنه لكى تحافظ اليابان والولايات المتحدة على مكانتهما كدولتين رائدين فى هذه المجالات، لابد أن يكون هناك تعاون ثنائى أكبر بشأن التقنيات الاستراتيجية المهمة.

ويشمل هذا التعاون دفاع الصواريخ الباليستية، مثل اعتراض طور التعزيز المحمول جوا والذى يشمل الطائرات بدون طيار وحاملات الطائرات، والصواريخ الاعتراضية المتقدمة. كما تشمل المجالات الأخرى للتعاون الفضاء والذكاء الاصطناعى والأنظمة التى تفوق سرعة الصوت والأنظمة الذاتية. والآن بعد رحيل آبى، هل تستفيد أمريكا من إرثه الطويل لتحدد ملامح القرن الحادى والعشرين؟.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق