رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

العراقى أزهر جرجيس يتحدى السلطة بـ «حجر السعادة»

هبة عبدالستار

تأتى الرواية الجديدة للكاتب العراقى أزهر جرجيس «حجر السعادة»، الصادرة عن دار الرافدين لتقدم انتقادات لتابوهات السلطة «الأبوية والدينية والسياسية» التى تحكم المجتمعات العربية فى نفس الوقت الذى تغوص فيه فى مآسى الإنسان الذى قست عليه الحياة ولا يزال يحاول الحفاظ على الخير داخله رغم معاناته، فكانت النتيجة رواية محتشدة بالرموز والدلالات والصراعات.

تدور أحداث الرواية بين الموصل وبغداد خلال الفترة الزمنية 1962 ـــ 2018، تتبع حياة كمال أو كيمو منذ كان طفلا فى العاشرة من عمره، يتيم الأم يعانى عنف والده وزوجة أبيه، الذى يتخطى الضرب المبرح فى كثير من الأحيان لينال من طفولة كمال ويتسبب بضعفه وإصابته بالتأتأة وتعرضه الدائم للتنمر، فيجد ملاذه فى مطاردة حلم شغف به أن يكون مصورا فوتوغرافيا حتى أنه يصنع كاميرا ورقية ليلهو بها.

تنقلب حياة كمال عندما يصطحب أخاه ريمون للعب فيدفعه أحدهم إلى نهر دجلة فيفقد حياته، وتكبر عقدة الذنب داخل كمال الذى يشعر أنه السبب بموت أخيه ويسعى للهرب رعبا وخوفا من غضب وأذى والده وزوجته، خشية اتهامه بقتل أخيه، فيتخفى بأحدى الشاحنات المتوجهة إلى بغداد، وقبل هربه من الموصل يدخل كمال إلى بستان الجن الذى تحيطه الخرافات ويهابه الجميع، فيلتقط منه حجر صغير، يقرر الاحتفاظ به ظنا منه أنه سيجلب له السعادة ويخلصه من ضعفه وغضبه وتأتأته. لكن بنهاية الرواية يتمرد كمال على تابو سيطرة الخرافة بالتخلص من حجر السعادة عندما يدرك أنه منحه النسيان وسعادة مزيفة وراحة كاذبة.

بعد وصوله إلى بغداد يعيش كمال حياة أطفال الشوارع ومآسيهم خلال رحلته للبحث عن مأوى، حتى يلتقى "مولانا" صاحب "خان الرحمة" الذى يظنه رجلا صالحا بالبداية لكنه يكتشف أنه يصوم ويصلى، بينما يجند الصبية المشردين لسرقة الأغنياء، ويغتصب الأطفال. يفشل كمال فى مهمات السرقة ويسعى للفرار من قبضة مولانا ويشعل حريقا فى خان الرحمة. ما يحدث لمولانا وخان الرحمة على يد كمال رمزية يدين بها السلطة التى تتخفى خلف الدين وتتناقض حقيقة جوهرها مع مظهرها فى كثير من الأحيان. كما ينتقد السلطة الدينية، عندما يكشف حقيقة رجل دين مسيحى فى الموصل قبل هربه ليؤكد نفس الرسالة. بعد هربه من خان الرحمة يلتقى كمال مع خليل، المصور الذى يمتلك ستوديو تصوير ويسعى لاحتضان كمال كابن له إلا أن كمال يرفض ويفضل العيش بعيدا مستقلا لكنه يلازمه بالاستوديو ليحقق حلمه وشغفه القديم فيصبح مصورا جوالا يحمل الكاميرا ويجوب الشوارع ليؤرخ ويوثق حياة الناس وتحولات بغداد فى ظل ما يمر به العراق من اضطرابات سياسية وغزو واحتلال أجنبى وحرب أهلية تدفع به فى طريق الميليشيات المسلحة، يشجعه المصور خليل على توثيق حاضر بغداد بالصور ليتم جمع الصور وأرشفتها فى المطبعة ليؤسس ما يطلقون عليه " متحف السلام". يقع كمال فى حب نادية ابنة صاحب المطبعة بالحى، لكنه حب لا يكتمل، حيث تتزوج نادية وتعود بعد سقوط نظام صدام حسين لتكتب وتناضل سرا ضد الحرب الطائفية وسيطرة الميليشيات المسلحة وفساد الحاكم، طاهر الحنش، حتى تتطور الأحداث ويحتج الشعب ويتم إسقاط الحاكم الذى صوره جرجيس هنا كرمز للسلطة السياسية وتحديها حتى إسقاطها.

شخصية طاهر الحنش أو طزون، مهرب الآثار الذى يقود مليشيات فاسدة باسم "فرسان بغداد" تستبيح المدينة وتعيث فيها فسادا، تعمل على تغيير هوية بغداد وتدمر "متحف السلام" فى إشارة لكل ديكتاتور سلطوى ومحتل يسعى لتغيير الهوية وتدمير التاريخ الحقيقى ظنا منه أنه سيكتب التاريخ كما يشاء بما يفعله فى الحاضر لذا كان لسقوطه بضغط الشعب دلالة ورمزية قوية.

جرجيس جعل كمال هو السارد والراوى الوحيد للرواية، وكنتيجة للبؤس والعنف الذى عانى منه طفلا وشابا عكست لغة السرد مزيجا من الغضب والحزن والسخرية. ونجح فى استخدام الكاميرا كتقنية موازية للسرد بما توثقه من خلال الصور لتعمل كراو وكمحرك للسرد أيضا وأداة له كما هى أداة لتدوين التاريخ الذى يشهد عليه البطل فى الحاضر قبل أن يمسى تاريخا، حيث تصبح تلك الصور شهادة موثقة على تحولات العراق. كما تعمل كشاهد على الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحق أهله مثل واقعة اختطاف فتاة الجسرعلى يد مليشيات الحنش، حيث التقط كمال صور الاختطاف الذى جعل الحنش يدفع بقاتل مأجور ليطارد كمال ويحاول قتله والحصول على الصور لدفن الحادثة وإزالتها من الوجود، خشية فضح فسادهم وجرائمهم أمام الناس، لكن كمال ينجو بالنهاية وتنجو الصور وشهادتها ويسقط الحنش.

رابط دائم: 
كلمات البحث:
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق