الرئيس السيسى تبنى إستراتيجية متعددة المحاور لإعادة بناء القوات المسلحة ومواجهة التهديدات وتأمين حدودنا البرية والبحرية
قواعد عسكرية جديدة ونقل وتوطين تكنولوجيا التصنيع العسكري
دائما وأبدا، تبقى قواتنا المسلحة حامية للدولة ومحافظة على الأمن القومي المصري بمفهومه الشامل، وسدا منيعا أمام كل معتد على مقدرات الوطن، ولا تقف مكتوفة الأيدي أمام الأطماع الخارجية، ولنا دروس عديدة في هذا المجال، تأتي على رأسها حرب أكتوبر المجيدة التي أذهلت فيها القوات المسلحة المصرية العالم بأسره بعدما استطاعت وبأقل الامكانات المتاحة وقتها، ان تتجاوز اصعب الظروف وأن تحقق نصرا غاليا عظيما، استعادت به الأرض وكسرت غرور العدو الذي ظن انه لن يقهر، وأنهت على نظرية الأمن الإسرائيلي، وقطعت اليد الطولى للعدو، لتحقق مصر معجزة عسكرية بكل المقاييس، وتستمر من بعدها بطولات رجال القوات المسلحة حتى اليوم من أجل البناء والتنمية والازدهار ودحر الإرهاب.
واذا نظرنا في البداية الى الفترة التي تلت حرب يونيو 67، واحتلال اسرائيل لشبه جزيرة سيناء، الا أن رجال القوات المسلحة بعد تلك الهزيمة، كان قرارهم واحدا، وهو أنه لا حياد عن استرداد ارض سيناء بالكامل، واستعادة الكرامة مرة اخرى، والاستعداد الفوري لخوض المعركة.
ومن هذا المنطلق بدأت القوات على الفور بالتدريب القوي والشاق، وجاءت معركة «رأس العش» بعد معركة يونيو باسبوعين فقط لتحقق المفاجأة التي مثلت صدمة حقيقية للجيش الاسرائيلي حيث استطاع رجال سرية صاعقة مصرية وبأسلحة خفيفة تدمير كتيبة دبابات اسرائيلية، وكانت تلك المعركة ايذانا بأن الحرب لم تنته، ولتؤكد للعالم أن الجيش المصري لن يهدأ الا بعد عودة الارض، ومن بعدها بدأت العمليات العسكرية لقواتنا، والتي ألحقت خسائر كبيرة في قوات العدو.
وكان من أهم استعدادات قواتنا المسلحة لحرب تحرير سيناء بناء حائط الصواريخ بطول خط المواجهة لمواجهة الطائرات الاسرائيلية، وصدها ومنعها من عبور القناة أو تنفيذ عمليات في العمق المصري، ثم بدأت حرب الاستنزاف والتي قدم فيها الجيش المصري بطولات عديدة حققت من خلالها نجاحات عديدة، وأكدت خلالها ان مصر لا يمكن لها ان تقف مكتوفة الايدي أمام كل من يعتدي على تراب الوطن ومقدراته، وأنها لا يمكن أن تتنازل عن شبر واحد من أرضها مهما بلغت التضحيات.
موعد مع النصر
جاء يوم السادس من أكتوبر 1973 كالصاعقة على رأس الجيش الاسرائيلي، وزلزلت الأرض تحت أقدام القادة الذين اصيبوا بالغرور لدرجة أنهم لم يتخيلوا يوما ان تبادر مصر بشن هجوم على قوات الاحتلال الاسرائيلي، وتدخلت الولايات المتحدة والامم المتحدة لوقف اطلاق النار، ومن بعدها خاضت مصر مفاوضات الكيلو 101، وصولا الى اتفاقية السلام مع اسرائيل، ولم تكن اسرائيل تقبل ان تدخل في سلام مع مصر الا بعد ان اقتنعت على الارض ان القوات المسلحة المصرية قادرة على أن تحقق نصرا جديدا اكثر من مرة على اسرائيل، واصبحت مصر تمتلك القوة التي تحمي السلام.
تحديات 25 يناير
وجاءت اللحظة الفارقة في تاريخ مصر في احداث 25 يناير والمحاولات العديدة لهدم الدولة المصرية، ولكن رجال القوات المسلحة كانوا دائما على العهد والوعد بحفظ الوطن ومقدراته، ووقفت قواتنا المسلحة بالمرصاد لجميع المؤامرات وقت توليها مسئولية ادارة شئون البلاد، واستطاعت بحكمة قياداتها العبور بالازمة إلى بر الأمان واجراء انتخابات رئاسية، وتسليم السلطة لرئيس منتخب الا أنه مع تدهور الأوضاع داخل البلاد خلال عام واحد خرجت ملايين الشعب المصري الى الشوارع لازاحة أكبر تنظيم ارهابي من حكم البلاد، واستطاعت القوات المسلحة ان تحمي المتظاهرين في اطار دورها لحماية الأمن وقت الأزمات بالتعاون مع رجال الشرطة، ووضعت القيادة العامة للقوات المسلحة خارطة طريق تم تنفيذها بدقة وسط حماية حقيقية من القوات المسلحة بصفتها الداعم والحامي للأمن القومي المصري بمفهومه الشامل.
وتعتبر الفترة التي أعقبت ثورة 30 يونيو من أصعب الفترات التي مرت على القوات المسلحة، وذلك للاسباب الآتية:
•أولا: بدأت العمليات الارهابية في سيناء لمواجهة الجيش.
•ثانيا: أوقفت الولايات المتحدة تسليم السلاح لمصر، خاصة الطائرات المقاتلة والاباتشي لمواجهة الارهاب، وحماية الحدود.
•ثالثا: مساندة القوات المسلحة لأجهزة الدولة من أجل تحقيق الاستقرار.
•رابعا: الأطماع الخارجية من بعض القوى الاقليمية والدولية في المنطقة.
•خامسا: محاولات السيطرة على شرق المتوسط وثروات الغاز بها.
•سادسا: تهديد المجرى الملاحي في البحر الأحمر
• سابعا: نقل تنظيمات ارهابية الى مناطق تماس مع الحدود المصرية، لتنفيذ عمليات اعادة انتشار مرة اخرى للوصول الى الاراضي المصرية.
استراتيجية المواجهة
لمواجهة العدائيات والتهديدات والتحديات التي تمر بها الدولة المصرية في ذلك الوقت، وضعت القيادة العامة للقوات المسلحة بقيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع – حينذاك - استراتيجيتها الجديدة، ومن أبرز محاورها:
• أولا: تنوع مصادر التسليح وعدم الاعتماد على دولة واحدة فقط بيدها المنح والمنع.
• ثانيا: امتلاك الجيش المصري أحدث ما توصل اليه العلم الحديث في مجال التسليح، والعمل على نقل التكنولوجيا العسكرية وتوطين الصناعات العسكرية في مصر مع زيادة المنتج المحلي بها وصولا الى التصنيع الكامل.
• ثالثا: انشاء قوات التدخل السريع التي تتكون من كافة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة والأسلحة المشتركة للوصول الى أبعد نقطة داخل وخارج مصر لمواجهة أي تهديدات عدائية محتملة للدولة مع امتلاك وسائل الوصول الى تلك النقطة.
• رابعا: إنشاء عدد من القواعد العسكرية البرية والبحرية بالتعاون مع الجيوش والمناطق العسكرية المختلفة من أجل السيطرة الكاملة على الحدود بالكامل.
• خامسا: البدء الفوري في تنفيذ عمليات عسكرية لمواجهة التنظيمات الإرهابية في سيناء، والقضاء عليها في اسرع وقت.
• سادسا: توسيع دائرة التعاون العسكري مع الدول التي تمتلك تكنولوجيا عالية في مجال التسليح.
• سابعا: الاهتمام والارتقاء بالفرد المقاتل واعداده قتاليا على أعلى مستوى من خلال التدريب المستمر.
• ثامنا: توسيع دائرة التدريبات العسكرية المشتركة.
• تاسعا: السيطرة الكاملة على الحدود البحرية من خلال انشاء أسطولين شمالي وجنوبي مع انشاء قواعد بحرية جديدة لبسط النفوذ على المصالح الحيوية.
• عاشرا: تطوير وتحديث نظم التعليم بالكليات والمعاهد العسكرية، والارتقاء بالمستوى التعليمي والتدريبي للطلبة.
• الحادي عشر: التعاون مع الدول الافريقية والعربية في مجال مكافحة الإرهاب.
• الثاني عشر: مساهمة القوات المسلحة في عملية التنمية الشاملة في الدولة.
توطين الصناعات العسكرية
وبدأت القوات المسلحة على الفور في تنفيذ تلك الاستراتيجية ومع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مسئولية البلاد شهدت القوات المسلحة طفرة غير مسبوقة في كافة المجالات من خلال امتلاك أحدث ما توصل اليه العلم والتكنولوجيا العسكرية، حتى اصبحت قواتنا المسلحة قوة ردع لكل من يسعى الى الاقتراب من مقدرات الدولة المصرية، وحققت الحماية للمصالح الحيوية، والسيطرة على الحدود لمنع أي عمليات تسلل.
كما استطاعت القوات المسلحة نقل التكنولوجيا وتوطينها داخل المصانع الحربية والهيئة العربية للتصنيع والترسانة البحرية، فضلا على الانفتاح على مدارس عسكرية مختلفة، مع تنوع مصادر السلاح.
اقتلاع جذور الارهاب
على الجانب الآخر كانت قواتنا المسلحة تخوض ملحمة عسكرية على ارض سيناء مليئة بالتضحيات لمواجهة والقضاء على التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود والتي استوطنت أرض سيناء وقت حكم التنظيم الارهابي لمصر، وبدأت العمليات العسكرية بالعملية نسر، والعملية «حق الشهيد» بمراحلها الأربع بهدف فرض السيطرة الكاملة على أرض سيناء ومن بعدها كانت «العملية الشاملة - سيناء 2018»، التي تمكنت خلالها قواتنا المسلحة وبمعاونة رجال الشرطة من ضرب البنية التحتية بالكامل لمعاقل الإرهاب والعمل على تطهير الأراضي بالكامل، وكانت بالفعل عمليات عسكرية دقيقة نظرا للحرص الشديد للقوات المسلحة على عدم تهديد أو إصابة المدنيين والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة.
العهد والوعد
إن القوات المسلحة المصرية تحافظ على عهدها ووعدها بحماية الأمن القومي المصري ومقدسات الدولة، وتتصدى لكل من يسعى للتدخل في الشأن المصري وتدافع عن الأمن القومي العربي كجزء لا يتجزأ من أمن مصر، وما تم حتى الآن هو امتداد لـ «روح اكتوبر» العظيمة التي لا تعرف المستحيل، ولا تقبل أي تدخل ولا تترك حقها أبدا، ومستمرة في ذلك فكل جيل يسلم جيلا بعقيدة واحدة وروح واحدة، وستبقى «روح اكتوبر» مفتاحا للنصر واستمرارا لمسيرة البناء والتنمية الشاملة التي تشارك فيها القوات المسلحة جنبا الى جنب مع مهامها في الحفاظ على أمن مصر ومقدراتها وشعبها الذي لا يعرف الهزيمة.
رابط دائم: