رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

منذ 3 سنوات لم تخرج من شقتها
«صافى ناز كاظم»: أنا بخير طالما لدى «شعلة داخلية»

أسامة الرحيمى

  • أكتب بمنطق من يجرى وراء طفله ليطعمه
  • أغفر لأى أحد دمه خفيف أو عنده موهبة
  • لا اليسار قبلونى ولا اليمين رحبوا بى.. طول عمرى فى حالة سباحة حرة
  • سلوى بكر عميدة الأدب
  • دنيا وإيمى سمير غانم حلوين قوى
  • راضية عن مسيرتى غاية الرضا



حتى فى أشد لحظات انفعالها لا يغيب عنِّيِ أنها كاتبة رائعة، وناقدة نافذة البصيرة، أخلصت للصحافة، والتزمت بالتقاليد المرعية، اجتماعيا وثقافيا، وأمسكت بتلابيب الكتابة العذبة. وما تزال!.

ولا يضيرنى أبدا تحمُّل جديتها فى التعامل مع البعض، وفى قضايا بعينها، وذَوْدِهَاَ عمّا تعتقده وتعتنقه طوال الوقت. فلها ما لغيرها، وبزيادة من عندى «حبتين» توقيرا لها ودورها المشهود.

بدأت العمل بالصحافة عام 1955. قبل ولادتى بعقدٍ تقريبا، وعاصرت أساتذة كبارا، ومطبوعات مزدهرة فى عز نجاحها وانتشارها. قبل أن تكتفى بالنشر فى صفحتها على فيسبوك.

رحلة حيوية امتلأت بالأحلام، والعلم، والإبداع، والالتصاق بأبهى المعانى، التى يتصدرها الوطن!.

كان طبيعيا أن تُثمر 18 كتابا، تتألق فيها المقالات بجماليات الشعر، وتحليقاته، وتختلط فيها الجدية بالصدق واللطافة، وتتزيّن اللغة بأبهى إهاب.

تجلس الناقدة «صافى ناز كاظم» مطمئنة على ناصية سبعة عقود من الدأب، والرؤى. وتقول إنها فى «تمام الرضا» عن مسيرتها، وما قدمته عبر مشوارها العامر متّعها الله بالصحة والعمر.




«ما شاء الله», تتمتعين الآن بمجمل منافع وثمرات الكتابة، أو تقفين على «دِلتا الخبرات»، وبذهنية عالية مازلتِ تتفاعلين بحيوية مع بعض الأفكار والكتابات على الفيس، وتمتلكين رؤى نقدية مدهشة، ومستوى رفيعا من التناولات النقدية الخاصة، ولغة غاية فى العمق والوضوح والعذوبة؟ فكيف لمن يتمتع بهذه الإمكانيات أن يتوقف عن الكتابة للصحف والمجلات؟.

سؤالى ليس عادياً. بل مهم جدا بنظرى، فكيف تتم مقاطعة ناقدة كبيرة مثلك بهذه البساطة؟ هل هو تجاهل من الإصدارات؟ أم استراحة متعمدة منك؟ أم احتجاجك على عبث الواقع؟ وإذا سمحت لى.

هل يخشى الناس جَدْيَّتِك أو صرامتك أو حِدَّتِك. كيف ترين هذا العجب؟.

هذا ليس سؤالا، بل تقييما كريما منك أوافق عليه، وليس لدى شعور بالانعزال ولا بالظلم، حتى لو شاء الناس أن يظلمونى، كل ما يحط عليّ سواء ابتلاء أو حقيقة أو مديح، أعتبره كرما من ربنا، وطول عمرى أقول طالما لدى «شعلة داخلية» أنا بخير.

فماذا لو بدا لك أن المحيط معادٍ للشعلة؟ أو أنها تحرق بعض الناس أحيانا؟

لا أبدا. هى تضىء ذهنى، ونحن فى النهاية لن نأخذ زماننا وزمن غيرنا. وأذكر أننى منعت من النشر 12 سنة وكان هذا قاسيا فى حينه، لأنه جاء فى عز عطائى. لكنى الآن راضية جدا بالمساحة المتاحة لى على الفيس، وعندى رضا واكتفاء، مفيش حاجة ما كتبتهاش، وربنا أعطانى وسيلة الفيس هذه ليعوضنى، وهناك من يحبونى جدا، ومن يشتمونى أيضا، وأعيد نشر مقالاتى القديمة أحيانا، وبعض الناس يتعرّفون عليّ وكأنى مبتدئة، والفيس يذكرنى بأيام ما كنا نجرى وراء أولادنا بالساندوتشات لنطعمهم، وأنا أكتب الآن بهذا المنطق للقراء، أجرى خلفهم لأطعمهم، فيرحب بعضهم بى كأنى اكتشاف جديد، وبعضهم يقول اكتبى لنا عن كذا، كأنى نادل طلبات على مقهى، وخصوصا لمَّا يكون دمهم ثقيلا وعندهم ثقة هائلة بذاتهم. أغفر لأى أحد دمه خفيف، أو لديه موهبة، الناس لم يعد عندهم خُلق للقراءة، ويملُّون الكتابة الطويلة.

لكنى عموما أنا مبسوطة، رغم وهن عظمى، وضعف ذاكرتى نسبيا، ربنا أنعم على بإحساس جميل، أنى مبسوطة.. أعمل إيه؟ لا «أشحت» النشر، ولا «ألوم» أحدا. فما ذكرته أنت كثير عندى، وطوال عمرى لم أفرض نفسى على أى مطبوعة، ولا بد أن يطلبوا كتاباتى.

متى تكتبين بسهولة؟ ومتى تشعرين بأن الكتابة مشقة؟

أنا من النوع الذى يكتب بصعوبة. خصوصا فى شبابى، أطلّع فى الروح لغاية ما أوصل إلى المعنى الذى أريده، ولا أحب الرطرطة، بل الاختصار، وأحسن مرحلة كتبت فيها بانبساط ورضا أيام ما كان «مصطفى نبيل» الله يرحمه رئيس تحرير مجلة الهلال، وكان يعرف يولّف العدد، بكل أطياف التعبير، وبعده المسائل لطّشت معى شوية.

تكنيك التقطيع فى مقالاتك مدهش، مثل الإبداع الأدبى تماما؟

واحد على الفيس قال لى: «أنا اتبسطت من مقالتك قوى مع إنهم بيقولوا عليك ناقدة». قلت له: أنا ناقدة إبداعية. ومن قمم النقد الإبداعى مثلا الدكاترة «زكى مبارك»، والفنان التشكيلى المعروف «حسن سليمان». كنت أحب مقالاته أكثر من رسومه، فهو كان من مدرستى، وكتابته «من ميّتى».

توصلت لهذا المستوى بالموهبة، أم الدراسة، أم بتكرار الكتابة، أم تأثرا بتكنيك الرواية؟

بإيقاع الشعر إن شئت الدقّة. والشعر كان مدخلى للكتابة بشكل عام، وقبل ما يقولوا حكاية «السرد» دى، كتبتها فى كتابى «رومانتيكيات» وهو مجموعة مقالات كتبتها فى الستينيات، كأنى كنت أصيغ عقد لولى. رغم إنهم وقتها زهّقُونا من النشر والرقابة، والفيس أفادنى فى الكتابة بسرعة، والاختصار والتركيز، ولما أكتب «حتة كُرُوِشيِه» وتعجبنى قوى، أقرأها مع القراء مرة واتنين وتلاتة، وكلما قرأتها أحبها أكثر. أنا يعجبنى شغلى جدا، وعادة أكون عاوزه أى رئيس تحرير يُغمى عليه من الفرحة لما يقرا مقالتى.

موسى صبرى كانت تعجبه كتابتى، ولما أديله المقالة أبقى منتظرة يهتف بجمالها، فيضحك ويقول هتفضلى واقفة لى لغاية ما أخلص المقالة. وأحمد بهاء الدين فى المصور كنت أدخل عليه بالمقالة، يقول لى مالك متهللة، أقول له: «كتبت حتة مقالة تجنن»!، فيقول لى طيب استنى لما أشوفها، ويخلّصها أقول له هه إيه،؟ ومكرم كنت أقول له: «كتبت حتّة سجادة عجمى»، فيقول: «ولاحلوة ولاحاجة»، ولولا «محمود السعدنى» كان معجبا بكتابتى ويقول له لم يكن ينشر لى، كان فيه مجموعة تحب شغلى، «السعدنى، وصلاح جاهين، وأحمد بهاء الدين».

«وقتها ما كانش لسه التاتش الإسلامى»؟

طول عمرى عندى «التاتش الإيمانى». قبل ما أغطى شعرى، وطول عمرى أقول الحق وأنبسط، خاصة لمّا يكون حد دمه ثقيل لا أرتاح إلا حين أقول له دمك ثقيل.

ألا تعتقدين أن مرور السنوات بلا كتابة هكذا إهدار لموهبتك وطاقتك،؟ أم تظنين أنك أديت واجبك بالكتب التى قدمتيها؟ وهل يتوقف دور الكاتب عند مرحلة أو سنٍّ محددة؟

قلت مرة فى مقال لى عن الأستاذة زينب صادق، إن زينب تحب الكتابة وتعيش لتكتب، الكتابة عندها كانت أهم من الحياة، لكن الحياة عندى أهم من الكتابة، كل ما أكتبه تدوين لحياة عشتها.

هذا يعيدنى للسؤال. هل الكتابة بهذه الدرجة من الانفعال تكون لضرورات موضوعية، أم طبيعة الكاتب الشخصية؟.

انفعالاتى فى الكتابة موضوعية، رؤى وذات، وذاتى مختلطة جدا بالعقلانية الشاملة للذات الجمعية فهى ليست عن مشكلة شخصية، بل بانفعالى بما يحدث فى الدنيا، وهذا يرجع لأنى بالأساس شاعرة، وكتبت عدة قصائد ونزّلتها بعنوان «وتريات».

حجابك لم يضف إلى شخصيتك شيئا يستلفت انتباهى، لأنك من أيام الجينز والملابس الكاجول والشعرالمكشوف، كنت تتصفين بذات الجدية والمستوى الأخلاقى، فما الفارق؟ ومازلت سمحة ولطيفة ومقبلة كما رأيتك فى الفيلم التسجيلى «أربع نساء من مصر»؟

النص القرآنى «وليضربن بخمرهن على جيوبهن»، لأن البعض يقولون: «هاتوا آية عن الحجاب». فى زماننا كان مفهوم الجدية مختلفا عما هو عليه الآن. ولا شك أننى «ما هجصتش». لكن كنا نقول عبارات أستنكرها الآن، لم أكن ماركسية ولا يسارية بمفهومهم، أيام عبدالناصر كنت متحمسة للاشتراكية العربية، والانحياز للثورة ولقيمها. والحقيقة لا اليسار قبلونى، ولا اليمين رحبوا بى، طول عمرى فى حالة سباحة حرة، بدون مسابقات. وهذا يضبط ميزانى الذهنى. حبى لمصر قوى قوى، بلادى، زمان كنت أغنى لها، وأحب أهشِّكها كأنها ابنتى، وكنت أقول:

اللى بس بم يقولك

أديله بالقلم وأشد كل شعره وأخربشه

عشان أنت بلادى اللى مدّلعة

يا دلعك يا بلدى يا مدلعة

وازعل جدا من أى حد يشتم مصر ولو بمزاح، أو يغلط فى اللغة العربية، أو يتنكر لقيمة الإسلام. لكن فى النهاية هو حر، يتفلق، حتى يخوض فى حديث غيره،

فى كتابك «صنعة لطافة» أو «من دفاتر النهضة النسوية» كتبت عن شخصيات باهرة. عشرون سيدة ممن شاركن فى نهضة مصر الحديثة، من بدايات القرن العشرين. انحيازك لهن يبدو بعيدًا تماما عن «الفيمنيست»، كما هو بعيد عن «اتحاد النساء التقدمى»، فيه اهتمام كبير بالمواهب والدأب وإنجازاتهن فى صمت، فما هدفك من هذا الكتاب؟.

هدفى كان إظهار جهود صف طويل عريض من نساء مصر الموهوبات المخلصات، وكن متقدمات جدا على عصرهن، ملك حفنى ناصف مثلا، ونبوية موسى التى سُجنت زمن النحاس باشا، لكنهن ظللن على إصرارهن، وهناك كثيرات لم يذكرهن الكتاب. مثلا اختلف مع سلوى بكر، لكنى معجبة بأعمالها جدا، أديبة باهرة، وقديرة فى اللغة ومبتكرة، وأرجع هذا كله إلى مرحلة التعليم الجيد التى لحقن به، كان فيه جهد وعناية واحترام للتعليم.

أنا بنت مرحلة عظمة الفن الإذاعى، الذى تربينا عليه، باباشارو ومحمد فتحى وعبدالوهاب يوسف وطاهر أبو زيد، وكان البث الإذاعى ينتهى قبل منتصف الليل، أما الآن فسلوتى فى وحدتى إذاعة القرآن الكريم، فيها مذيعين جيدين، وبيعملوا شغل كويس لولا بعض المصائب التى ليس منها مفر!.

وهذا الكتاب فى غاية الأهمية لكنه لم يأخذ حقه ربما بسبب عنوانه، لذلك فى طبعته الجديدة غيرت عنوانه إلى «من دفاتر النهضة النسوية» عن إنجازات المرأة المصرية فى كل المجالات؛ كلهن حقائق جميلة ومهمة، دول ستات صنعوا اللطافة، زمان الست جيهان كانت عاوزه تقول للعالم إنها خرّجت المرأة المصرية من انعزالها وجهلها، فصمّمت أرد عليها، بهذه الدفاتر وجمعتها فى هذا الكتاب.

لا تتميزين فقط فى «فنون الكتابة»، بل فى العناوين أيضا، فلديك «تلابيب الكتابة»، و«صنعة لطافة»، و«رومانيكيات»، و«عن السجن والحرية»، وغيرها كثير، فكيف تختارين موضوعات كتبك، وعناوينها؟

عندى طبعا. كتابى الذى أعتز به عنوانه «كتــــابة.. رؤى وذات» تلاحظ فيه أننى قدمت من وقت مبكر معنى كلمة «كتابة» المرادفة لمفردة «السرديات» الآن، أقصد «writing» الإنجليزية، ولم ألاحظ وقتها أنها ترجمت إلى «سرديات». والكتابة عامة تمسك بتلابيبى لا أستطيع البعد عنها، لكنى حين أُعرت للتدريس بكلية آداب الجامعة المستنصرية ببغداد، توقفت 5 سنوات عن الكتابة لأن كل محاضرة كانت إبداعا شفهيا، الطلاب أحبونى جدا وأحببتهم فأحسست أن الكلام الجيد يساوى الكتابة، وكنت أُدرِّس مادة الدراما للسنوات ثانية وثالثة ورابعة صباحى ومسائى. واستمتعت بالتدريس، لكنى الآن بدأت أنسى قليلا، فلا أتذكر عنوان مقالة مهمة أحيانا وأنا أتحدث عنها، لذا أدرب نفسى بإغماض عينى وأحاول تذكر لون ملابسى كاختبار لذاكرتى.

هل تتابعين الآن مسرح سينما أدب ولو بشكل خفيف وهل ترين الكتابات النقدية فى الصحف أو على النت؟

لى أكثر من 5 سنوات لا أشاهد التليفزيون، لكن الفيس بوك ينقل لى لقطات، وبعض الكتابات، هناك أشياء سيئة جدا أعمل لها حظرا. شاهدت عدة مسلسلات أعجبتنى، وأفلام، يعجبنى فيلم أو مسلسل مثلا لأنه ظريف، حتى لو لم يكن له هدف مثل مسلسل «إللى ملوش كبير»، لـياسمين عبدالعزيز، وإيمان السيد، الست إيمان هذه كوميدية أحبها قوى، وفيلم «نوّارة» بطولة منة شلبى، وفيلم «من أجل زيكو». أكثر أثنين يعجبانى منة شلبى وكريم محمود عبدالعزيز، أستمتع بأدائهما، والفيلم فيه مضمون مهم جدا. أبحث عن أى مشاهد لعمر ابن مصطفى متولى فهو طاقة فن بديعة، ومصطفى خاطر دمه خفيف جدا، وأحيى دنيا سميرغانم وأختها إيمى حلوين قوى.

هل ثمّة من تحرصين على متابعتهم من الكُتّاب والنقاد الآن؟ وما آخر شىء قرأته وأعجبك؟ وهل تعرفتِ على إبداعات الكتاب والكاتبات من الشباب؟

فيه كتابات حلوة، لكن مش مقطعة هدومى عليها، أحب كتابة سهام ذهنى، والشاعرة إيمان مرسال عندها مثابرة، وبذلت مجهودا كبيرا فى روايتها عن «عنايات الزيات»، لكن موضوعها كان حول بؤرة لا تهمنى. أبحث دائما عن كتابات سلوى بكر وأسميها عميدة الأدب العربى، وأحب كتابات حمدى عبدالرحيم، وأسامة غريب، وإبراهيم داوود. أحب أسمع ريهام عبدالحكيم، وريهام شاطرة، وكتبت عنها مطربة صناعة مصرية، وأحب سميرة سعيد فى أغانيها القديمة، وكنت أحب مى فاروق قبل ما تفقد وزنها ويختلف أداؤها وأهرب من «شيرين عبدالوهاب».

كيف تقررين كتابة موضوع الآن؟ هل تطرأ الفكرة على بالك بعد قراءتك أى عمل إبداعى، مثلا؟

الفكرة تكون مثل الجنين. تظل تلحّ لتخرج للحياة. وزمان لما كنت أشوف العروض المسرحية، كان لزاما عليّ أن أكتب، وكان يعجبنى شغل محمد صبحى، وجهة نظر، فارس بلا جواد، وغيرهما، صبحى أخذ منى اهتماما كبيرا، لكنه مثل أحمد فؤاد نجم، شعره حلو قوى لكن لقاءاته التليفزيونية بايخة قوى. وبعض العروض كنت أروح أشوفها مرة ثانية لاستكمال رؤيتى لها، مثل عرض «طقوس الإشارات والتحولات» لسعد الله ونوس ونضال الأشقر، رأيته عرضا خبيثا، وفكرته منحطة، والمخرجة وصلت لى تفسيرها للنص وكان لصالح الغواية.

اسمحى لى الحالة تلك كانت لها حالة مقابلة، فيها تحول إلى الفضيلة، الغواية مقابل الهداية، ما يعنى مراوحة الإنسان بين الخير والشر؟ هكذا فهمت العرض؟!.

كتبت عنها مقالا كبيرا ودقيقا بهذا المعنى الذى قلته لك كما فهمته.

هل تشعرين بأنك أخذت حقك الأدبى، والشهرة، والتحقق المهنى والثقافى، أم أن هناك غُبنا ما لحق بك؟ خاصة أن جيلكم لحق بالأساتذة الكبار؟

لست متشائمة بطبعى، وكل جيل له أبطاله، وكل كاتب عليه إبراز إمكاناته، وكان لى من سميتهم أوطانى الثقافية، مثل يوسف إدريس، وفتحى غانم قبل ما يخيب، وميخائيل رومان، وكرم مطاوع، كان «شاطر جدا»، وعمل شغل هايل، ولاحقا اكتشفت الكاتب الكبير «فتحى رضوان» فى كتبه «خط العتبة»، و«الخليج العاشق»،و«72 شهرا مع عبدالناصر»، و«درس فى العظمة»، و«مشهورون منسيون»، و«عصر ورجال» والعظيم «وديع فلسطين» الذى قارب المائة ولم يحظ بأى حق من تكريم الدولة. وعلى الشباب أن يعرفوا كل هؤلاء.

كيف تشرحين للقرّاء اجتماع العذوبة والحنان والطفولة مع الحدة والغضب والمقاطعة الصارمة فى آن لدى «صافى ناز كاظم»؟

لا أكون عصبية إلا فى حالة واحدة لمّا «ديليفرى» يقول لى: «إدينى اللوكيشن». ما أنت عندك العنوان!عندى 85 سنة ولا أعرف هذه التكنولوجيا. وأى حد يطلب منى اللوكيشن ألغى الطلب. ولى الآن 3 سنوات لم أخرج من شقتى فهى وطنى. ولا أحس إنى أحتاج للخروج. أحبها، فقد ألّفتُها بيدى تفصيلة تفصيلة. كل شىء له معنى، بيتى هذا كتبته بقلبى وأحتفل بمرور 27 سنة على انتقالى إليه. بعكس بيتنا فى العباسية لم أحبه. سكناه 1949 وظللت أكرهه لأنى أحببت البيت السابق عليه، لا أحب الخروج، وكل الزيارات عندى بالمواعيد.

تحبى تكلمينا عن نجم. ونوارة؟

وقت ما تزوجت «نجم» كنت صافى ناز كاظم. تزوجته ليس عن حب مثلما قال هو. شفته خمس مرات فقال لى تتجوزيني؟ فقلت لازم حد يعتنى به، وقلت له ما اتجوزش شيوعى، قال أنا مش شيوعى، ولا ماركسى. وكثيرون قالوا لى بلاش. ولم أكن أبحث عن زوج. ميزته إنه شاعر عظيم، لما بنتزنق لغاية الآن فى معنى معبر بنلاقيه فى شعره، والصعوبات اللى عشتها معه أنا كنت مستعدة لها، لكن بعض من أحاطوا به كانوا سيئين، مثلا كتبت مقدمة لأعمال نجم تم رفضها، وأخذوا مقالة من كاتبة أخرى. اليساريون بفصائلهم, إلا النادر, كرهتهم بإمعان وتجويد وسعادة، وقلت لنجم إنهم مستخسرينى فيك. وحاولت الحفاظ على حياتنا لأجل خاطر نوارة، وفى النهاية ما قبلتش إنى أكون زوجة تانية، وانتهت حياتنا.

..ونوّارة؟

نوارة بنت ظروف كانت قاسية عليها، وأتعامل معها على أنها عندها حق فى كل حاجة.

لما بتجيلك بتتصرفوا إزاى؟

ألعب مع أولادها فاطمة وعلى، فاطمة موهوبة، وتسألنى بتحبى القراية زييّ يا ستو؟ وعلى عنده أفكار مبتكرة وأحكى لهما حكايات لطيفة. وأدعو لنوّارة طوال الوقت. وهى كلها متناقضات، اتحرمت من أبوها قوى. فى السبعينيات اعتقلونى واعتقلوه.. وخفت إنها تتبهدل، فسافرت إلى العراق علشان خاطر نوارة. وهى إنسانة طيبة وربنا يهديها ويهدينا.

هل أنت راضية عن مسيرتك؟

أردد مقولة «بابا شارو»: غاية الرضا!.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق