«حق القراءة مكفول للجميع» شعار يرفعه ويتيح من أجل تحقيقه ثروته الفاخرة من الكتب التى أنفق عمرا كاملا من أجل جمعها. فعم حمد الله أبو دوح عبد الحافظ، يسعى سعيا صادقا من أجل مشاركة تلك الثروة بشكل مجانى مع الشباب والنشء لتشجيعهم على الاطلاع، ومتابعة الجديد مع التنقيب فى أمهات الكتب.
وبفضل منحته الغالية، أصبح الثمانينى، عم حمد الله، حديث مواقع التواصل الاجتماعى خلال الأيام الأخيرة. وهو حديث مستحق عن ابن قرية «الكمال» بمركز «تمى الأمديد» فى محافظة الدقهلية، وثروته البالغة 15 ألف كتاب، افترشت أنحاء غرفة بمنزله. كانت خير رفيق ومؤنس لعم حمد الله واليوم تنتظر أن تنير دروب المئات من شباب الدقهلية.
ولد العم حمد الله عام 1940 فى أسوان، لكنه هاجر إلى الدقهلية فى صحبة أسرته صغيرا. التحق بالأزهر الشريف بعد أن أتم حفظ كتاب الله وبعد تخرجه فى الأزهر، بات معلما للغة العربية والقرآن الكريم، ثم سافر إلى اليمن فى «إعارة» لمدة أربعة أعوام. وبعدها، توجه إلى السعودية، قبل عودته إلى الوطن لاستكمال رسالته المهنية والثقافية. بلغ الرجل سن المعاش، ليعمل إماما وخطيبا فى قريته، وأنفق جانبا كبيرا من أعوام ما بعد «المعاش» فى تنظيم ومرافقة الكتب التى جمعها على مدار ستة عقود.
يرى محمود، النجل الأصغر لعم حمد الله، أن والده راهب فى عالم القراءة. وأنفق عمره وماله فى شراء الكتب، التى باتت ثروته الحقيقية. ويروى محمود للأهرام: «علمنا الوالد ألا نبخل على الناس بالمعرفة، فهو يمد يده إلى طلاب العلم والراغبين فى الاطلاع والاستعارة المجانية من أبناء القرية والباحثين الوافدين لمكتبته من كل مكان. وينوى إهداء جانب من مكتبته للمساجد والمدارس، والجزء الآخر يوقفه لاستعارة طلاب العلم والباحثين».
ويضيف: «تضم المكتبة مجلدات ورقية قديمة وأعمالا أدبية وكتبا فى الدراسات الإسلامية والمواد التعليمية ونسخا نادرة من جرائد أجنبية، وغير ذلك من مؤلفات فى مختلف المجالات. وتعتبر من المنافذ القليلة والمتاحة للقراءة فى القرية. لكنها حاليا أصبحت مهددة بالتلف بسبب عوامل الرطوبة التى تتآمر مع سوء التخزين. فالغرفة التى تضم ثروة الكتب تقع فى الطابق السفلى من منزلنا، مما يجعلها أكثر عرضة التلف. وبالفعل، وقعت الكثير من الكتب ضحية، ونتمنى دعم الدولة لإنقاذ كتب الوالد وتحويلها إلى مكتبة عامة فى مكان مناسب يستفيد بها الناس خاصة أن القرية ليس بها مكتبات أو قصر ثقافة».
أما حمد الله، صاحب الثروة القيمة، فيحكى للأهرام كيف جمع كل هذه الكتب، منذ كان طالبا، مؤكدا أن «الأزهر الشريف» كان وراء تحقيقه حلم حيازة تلك الثروة، حيث كان يساعد الطلاب فى المصاريف الدراسية، بما يوفر له بعض الأموال لشراء الكتب والمجلات، بغرض التعلم والاستفادة.
ويضيف صاحب المكتبة الذى لا يحمل «موبايل» حتى الآن: «كل ما أعرفه وأحبه هو الجلوس وسط كتبى والاطلاع عليها، وأبنائى يساعدوننى فى ترتيبها وأنصح الطلاب بأن يهتموا بدراستهم ويعلموا جيدا قيمة المعلم، فلولا المعلم لم ينشر العلم بين الأمم».
ويواصل بلهجة فخر: «بعض الكتب مهداة من المؤلفين، لدى كتب كثيرة متنوعة، لأنى أحب الثقافة والتعليم وأحاول أن أنفع الناس المحبين أيضًا للثقافة. وأغلب الباحثين الذين يحضرون رسائل جامعية أساتذتهم يخبرونهم بمكانى لأنهم كانوا أصدقاء ونتبادل الزيارات».
وعن أهم الكتب التى استفاد منها، يشير حمد الله إلى كتاب «بستان العارفين» وكتاب «إحياء علوم الدين» فى طبعته المحققة، مختتما بأن أحوال القراءة الآن باتت مختلفة، خاصة أن الناس ما عادت على إخلاصها القديم للعلم وحب الثقافة.
رابط دائم: