رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

قلب ماكينة آلة الصرف..

محمود أحمد علي

الحبل الملتف حول رقبتك يزيدك اختناقًا..

- ماذا أفعل..؟!

رحت تحدث بها نفسك فى حزن شديد..

فجأة..

تقوم من مكانك..

قررت أن تخرج..

أمام باب البيت..

توقفت..

- إلى أين أذهب..؟!

فى حيرة من أمرك رحت تسأل نفسك..

تترك لقدميك حرية الحركة..

رحت تسير وتسير، كل ما تفعله أنك تنظر إلى المارة فقط..

وأنت تحدث نفسك فى ألم وصمت، لاعنًا ما يسمى «فيروس كورونا المستجد»

هذا الفيروس اللعين، الذى تسبب فى غلق سينما «مصر» التى كنت تعمل بها، مما جعلك تمد يدك، للقريب والبعيد، فمنهم من أعطاك على سبيل الصدقة، ومنهم من أعطاك على سبيل أنه دين فى رقبتك، ومنهم من أقسم لك بـرحمة أبيه وأمه، وبالمصحف الشريف، وبالله، وبالطلاق، حتى تصدقه أنه ليس معه مال، وأنت تعلم كما هو يعلم أنه كاذب..

فجأة..

تتوقف بك قدماك دون إرادتك..

رحت تدقق النظر فى أولئك الذين يقفون بكثرة شديدة، أمام ماكينات الصرف الآلى..

- عجبًا لماذا جئتِ بى إلى هنا.. هنا تحديدًا..؟!

رحت تقولها فى ألم وسخرية إلى قدميك..

تقع عيناك الذابلتان على اسم البنك..

- بنك.. لكل المصريين..

- أولست أنا مصريًّا..؟! أوليس من حقى أن أقف وسطهم، حتى آخذ دورى، وأسحب ما أشاء مثلهم..؟!

تقرر أن تترك هذا المكان..

ترفض قدماك..

تقرر أن تغمض عينيك..

تغمض عينيك حتى لا تتألم أكثر من هذا..

ترفض عيناك أن تنصاع لأوامرك..

رويدًا..

رويدًا..

لم يعد أحد يقف أمام ماكينات الصرف الأربع..

فجأة..

رحت تتحرك دون إرادتك، نحو ماكينات الصرف..

تحديدًا..

توقفك قدماك أمام واحدة من الماكينات، وكأن هذه الماكينة هى الوحيدة من بين كل الماكينات التى بداخلها فلوس..

ودون إرادتك، تجد لسانك يتحدث إلى ماكينة الصرف..

ظل يسرد أحلامك وآلامك وأحزانك التى تؤلمك بشدة؛ بسبب احتياجك الشديد إلى المال، حتى تسدد الإيجار المتأخر عليك، وحتى يعود ابنك لأخذ دروسه الخصوصية، بعد أن طرده المدرسون، بسبب عدم دفع شهرين، وحتى تسدد فلوس البقال، الذى توقف عن إعطائك أى شىء، قبل أن تدفع الفلوس المتأخرة عليك، وحتى تعود أنت لتناول أقراص الضغط العالى.

يتوقف لسانك..

تسمع من يقول لك:

- هيا أيها المسكين.. عليك أن تخرج كل آلامك وأحزانك، لتضعها داخل فتحة دخول كارت الفيزا..

تتعجب..

رحت تلتفت يمنة ويسرة، باحثًا فى دقة عن مصدر الصوت، فلم تجده.

يعود الصوت مرة ثانية ليخترق أذنيك، مؤكدًا عليك فى ثقة وإصرار أن تفعل ما طلبه منك..

مستسلمًا..

رحت تحدثه:

- يا صاحب الصوت.. كيف تطالبنى أن أخرج كل آلامى وأحزانى، هل تعلم أنه لو كان فى استطاعتى فعل ذلك لفعلته منذُ زمن..؟!!

- هيا أيها المسكين.. لا تتردد فى أن تخرج كل آلامك وأحزانك، أخرجها كلها دفعة واحدة، عن طريق النفخ بقوة، فى كفك، ثم تضع هذا الهواء، المعبأ بآلامك وأحزانك داخل فتحة دخول كارت الفيزا..

تفعل ما طُلب منك، وأنت غير مصدق ما يقال لك..

تتعجب بشدة..

عندما ترى وتسمع ماكينة الصرف، وهى تصدر أصواتًا، علامة على قراءة فيزة آلامك/أحزانك..

- هيا اكتب المبلغ الذى تُريد إخراجه..

تجد إصبعك يتحرك دون إرادتك، ليكتب المبلغ الذى تحتاجه دون زيادة أو نقصان..

تتعجب أكثر وأكثر..

عندما تجد صوت ماكينة الصرف يعلو ويعلو، علامة على أن الماكينة، قد استجابت لأوامرك، وراحت تعد لك ما تحتاجه..

فجأة..

يبتسم فم الماكينة وهو يُفتح لك..

رحت تمد يدك لتلتقط الفلوس..

- هو.. هو نفس المبلغ المطلوب سداده..

رحت تقبلها.. تحتضنها..

الماكينة بدورها راحت تحتضنك بشدة..

وقبل أن تنصرف.. رحت تحدثها، ودموع الفرح تنساب بكثرة على خديك:

- كذب من قال عنكِ.. أنكِ آلة حديدية.. آلة قلبُها من حديد..

تنصرف فى سعادة، وأنت تجفف دموعك.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق