-
أولياء الأمور: نرغب فى تأسيس الأبناء وزيادة مهاراتهم خصوصا فى اللغات والرياضيات
-
«اتحاد الأمهات»: انعدام الثقة السبب.. ولابد من حل لغياب دور المدرسة ومعلم الفصل
-
د.جمال فرويز: عدم التعقيد مطلوب.. و«الضغط» مرفوض.. ومراعاة الجانب التربوى واجب
-
د. كمال مغيث: على الدولة أن تتدخل لحماية الأطفال من السلوكيات المضرة
آثار نفسية بالغة الخطورة يتسبب فيها أولياء الأمور تجاه أبنائهم بسبب السباق التعليمى الذى تخوضه الأسر بلا وعى أو تنظيم، ويقع الأبناء ضحية لهذا السباق الذى ليس لديهم أى يد فيه، بل يجدون أنفسهم تحت ضغوط نفسية هائلة جراء رغبة أولياء أمورهم فى الوصول بهم لمستويات دراسية وتعليمية متميزة، سواء للالتحاق بالمراحل التعليمية الأولى لرياض الأطفال بالمدارس الدولية أوالخاصة، أو بالدروس الخصوصية المبكرة استعدادا للعام الدراسى الجديد.
ورغم أن إجازة نهاية العام الدراسى تتراوح ما بين ثلاثة إلى أربعة أشهر وفقا للنظام التعليمى المعمول به من قبل الدولة، إلا أن الطلاب فى المراحل الدراسية المختلفة تتقلص إجازتهم لأسباب عدة، منها الدروس الخصوصية التى تبدأ منذ شهر يوليو، أو البرامج التعليمية التى تقدمها المراكز أو الحضانات ويقبل عليها الأسر لتعليم أطفالهم لتأهيلهم للالتحاق بالمدارس.
فى البداية تقول وفاء فضالى «ربة منزل» أنها قد وقعت فى هذا الخطأ وبررت: «كنت أرغب فى تأسيس أبنائى دراسيا بشكل متميز وإلحاقهم بمدرسة دولية أو لغات، تتطلب أن يمتلك الطفل مهارات لغوية وحسابية معينة» وأضافت أنها بالفعل بدأت إعطاء طفلتها ذات السنوات الثلاث دروسا خصوصية فى اللغتين العربية والإنجليزية والرياضيات، إلا أنها لاحظت ان الطفلة بدأت تصاب ببعض المشكلات النفسية مثل الإعراض عن كافة اشكال التعلم، والبكاء المستمر والانطوائية فى بعض الأحيان.
وتضيف: «لاحظت أن ابنتى لا تتجاوب سريعا مع الأطفال عند اللعب أو الخروج من المنزل، وعند اللجوء إلى إخصائى نفسى أكد لى أن ذلك بسبب الضغط المستمر عليها من أجل المذاكرة وعدم إعطائها الفرصة الكاملة للعب وإظهار طاقاتها فى الحركة والانطلاق والمرح مثل باقى الأطفال، وعلى الفور قررت تأجيل إلحاقها بالدراسة لمدة عام لتخفيف الضغط عليها وعدم إلحاقها بالمدرسة قبل الأوان».
أما علاء بسيونى - موظف - فيقول إنه عندما تقدم لإلحاق ابنته ذات السنوات الثلاث ونصف السنة إلى المدرسة، لاحظت الإخصائية الاجتماعية أن الطفلة لا تستطيع أن تمسك بالقلم، مما دفع الإخصائية إلى تعنيفه بشكل مباشر بسبب التعجل فى إلحاقها بالمدرسة رغم أن الطفلة لا تقوى على الكتابة ولا تستطيع مجاراة العملية التعليمية لرياض أطفال.
رأى الأمهات
تقول عبير أحمد، مؤسس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم، وائتلاف أولياء أمور المدارس الخاصة، إن ظاهرة البدء المبكر فى الدروس الخصوصية من جانب الأسر مع أبنائهم تشمل جوانب عديدة وهى ظاهرة لها جانب إيجابى وهو حرص أولياء الأمور على تعليم أبنائهم حتى لو كان هذا يكلفهم ويكبدهم أموالا كثيرة، بينما الجانب السلبى فى هذه الظاهرة هو عدم ثقة أولياء الأمور فى المدرسة أو بمعنى آخر غياب دور المدرسة والمعلم فى الفصل. وتستطرد: «ولى الأمر لو تأكد من استفادة ابنه فى الفصل لن يلجأ إلى الدروس الخصوصية، وبالتالى على المسئولين عن التعليم فى مصر العمل على إعادة الثقة بين أولياء الأمور والمدرسة، وهذا لن يتحقق إلا بالشرح الجيد للمنهج داخل الفصل، وتضيف: «هناك سبب آخر لا يجوز إغفاله وهو حرص أولياء الأمور على تميز أبنائهم وتفوقهم فى دراستهم وهو ما يجعلهم يستعينون بالدروس الخصوصية».
وحول تسارع الأسر إلى البدء المبكر فى تعليم ابنائهم فى مراحل عمرية مبكرة، تشير عبير إلى أن المراحل العمرية المبكرة هى التى تؤسس الطفل وينعكس تأثيرها على باقى مراحل التعليم، وتشير إلى أن هناك مبالغة كبيرة من جانب المدارس الخاصة فى متطلبات قبول الأطفال وهو ما يدفع أولياء الأمور فى الضغط على أبنائهم واعدادهم جيدا للمقابلة التى تجريها هذه المدارس حتى يتم قبولهم.
تبسيط دون تعقيد
يؤكد الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى أن المراحل التعليمية الأولى مثل رياض أطفال والمرحلة الابتدائية مهمتها تعريف الأطفال بالعلوم الأساسية بشكل مبسط ودون تعقيد، وليس الدخول فى تفاصيل علمية ودراسية معقدة، وللأسف تجد بعض المواضيع العلمية التى تدرس فى كلية الطب يتم وضعها فى مناهج الصف الثالث الابتدائى، فما فائدة أن يدرس طلاب الصف الثالث الابتدائى الجهاز الهضمى بكامل تفاصيله، لذا يجب على المسئولين عن وضع المناهج وخاصة للصفوف الابتدائية مراعاة الجانب التربوى قبل الجانب العلمى للطفل ووضع المناهج التى تتلاءم مع المرحلة العمرية للأطفال لضمان استفادتهم بالشكل الأمثل من تلك المناهج دون ضغوط عصبية أو نفسية.
وقال إن الضغوط الدراسية التى يواجهها الأطفال تتسبب فى ضغط عصبى شديد على الأم التى بدورها التربوى داخل الأسرة تكون مسئولة عن متابعة أبنائها دراسيا وتعليميا مما يؤثر على نفسيتها بسبب عدم قدرتها على مساعدة ابنائها فى التحصيل الدراسى بالشكل المطلوب بسبب صعوبة المناهج، كما يؤثر ذلك على بقية واجباتها المنزلية الأخرى فتجد الأسرة متضررة بشكل كامل من هذا الضغط الدراسي. كما ينصح أولياء الأمور بأهمية تدريب أبنائهم بالاعتماد على أنفسهم فى المذاكرة ومتابعة مناهجهم الدراسية وأهمية تواصل الأطفال بشكل مستمر مع مدرسيهم، كما يشيد بأداء بعض المدارس الدولية التى تدرب الطلاب على أداء واجباتهم المدرسية فى المدرسة وقبل العودة إلى المنزل بهدف التخفيف عنهم وعدم تعرضهم لأى ضغوط دراسية تؤثر على مستوياتهم وأيضا متابعة مستويات الطلاب عن قرب، فما الفائدة من تأدية الطلاب لواجباتهم فى المنزل لتجد الأم هى من تقوم بحل تلك الواجبات لأبنائها من أجل حصولهم على درجات أفضل، فلا يستفيد الطالب بتلك الواجبات.
ويطالب الدكتور جمال فرويز بتشكيل لجان متخصصة تضم خبراء من كافة المجالات النفسية والتربوية والتعليمية، لوضع النظم التى تساعد الطلاب بكافة المراحل الدراسية للاستفادة من المناهج الدراسية وتحقيق المستهدفات المرجوة منها دون تعرض الطلاب لأى ضغوط نفسية أو عصبية تؤثر عليهم بالسلب.
مسئولية ٣ جهات
الدكتور كمال مغيث الباحث بالمركز القومى للبحوث التربوية، يؤكد أن هناك ثلاث جهات مسئولة عن التعامل مع تلك الظاهرة أولها الدولة، حيث إن الأطفال والطلاب هم فى الأساس أبناء الدولة قبل أن يكونوا أبناء للأسرة، وعلى الدولة توفير كافة السبل ووضع النظم اللازمة لتعليمهم بالشكل الأمثل دون ضغوط نفسية أو عصبية تؤثر عليهم سلبا، وحين ظهور أى سلوكيات مضرة من الأسر أو المدرسة تجاه الأطفال فعلى الدولة التدخل سريعا للحد من تلك السلوكيات.
ويقول إن ثانى الجهات المسئولة عن تلك الظاهرة تتمثل فى أصحاب بعض الحضانات الذين يجدون فى تكالب أولياء الأمور على تعليم أبنائهم فرصة لجمع اكبر قدر من الأرباح عن طريق تقديم برامج تعليمية وتدريبية للأطفال لتأهيلهم للالتحاق للمدرسة. أما المسئول الثالث من وجهة نظر الدكتور كمال مغيث فيتمثل فى أولياء الأمور الذين يجب أن يعوا جيدا أنه يجب ألا نضع الطفل تحت أى ضغوط نفسية فى سن مبكرة حتى ولو كان بهدف تأهيله دراسيا وتعليميا لأن ذلك يتسبب فى أضرار عديدة للأطفال، وتجد بعض الدول المتقدمة تعليميا تضع قوانين بإلغاء كافة الامتحانات الدراسية حتى سن 12 سنة.
ويؤكد الدكتور كمال أهمية أن تتم عملية تقييم الطلاب بشكل مبسط للوقوف على المستوى الحقيقى لكل طالب وتوفير ما يلزم لتطوير مستوياتهم.
كما ينصح الدكتور أولياء الأمور بمساعدة ابنائهم فى التحصيل الدراسى عن طريق البرامج التعليمية الحديثة سواء على الموبايل أو الحاسب الآلى أو برامج التليفزيون، وتوفير أفكار وأساليب ممتعة للطفل تساعده على التعلم وتطوير مهاراته بشكل شيق وجاذب.
رابط دائم: