رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الاستصلاح.. سلاح تحقيق الأمن الغذائى

تحقيق ــ محمد أبوالعينين
د.محمد القرش - د.رضا محمد علي د.إسماعيل عبدالجليل - د.كميل نجيب

بدأت أزمة الغذاء العالمية فى الظهور مع تفشى فيروس كورونا حول العالم، واشتدت مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، التى كانت بمثابة جرس إنذار للعمل على تضييق الفجوة الغذائية،

بعد تعطل سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية الرئيسية. أضف إلى هذا التغيرات المناخية، وتأثير ارتفاع الحرارة والجفاف والأمطار الغزيرة على مواسم الحصاد وضعف الإنتاجية.

وقد قادت الأزمة للنظر إلى المستقبل من أجل رسم خريطة زراعية جديدة، حيث زيادة المساحات المنزرعة من خلال مشروعات عملاقة لاستصلاح المناطق الصحراوية، وزراعة المحاصيل الإستراتيجية لتحقق الأمن الغذائى المصرى، وتحقيق الاعتماد على الذات، وهى أهم أهداف إستراتيجية التنمية الزراعية المستدامة فى مصر ٢٠٣٠.

فى هذا التحقيق نستعرض الآراء المختلفة حول أهم محاور السياسة الزراعية الجديدة لتوفير المحاصيل الإستراتيجية.

‪ ‬مشروعات عملاقة

فى البداية، يؤكد الدكتور محمد القرش مساعد وزير الزراعة، والمتحدث الرسمى للوزارة، أن الدولة بدأت بالفعل فى تنفيذ عدد من المشروعات الكبرى لتطوير القطاع الزراعى، من أجل تحقيق محورين رئيسيين، الأول هو زيادة المساحات المنزرعة من خلال مشروعات عملاقة لاستصلاح المناطق الصحراوية والخروج من الوادى الضيق، كمشروعات الدلتا الجديدة والريف المصرى الجديد وتوشكى الخير وسيناء وجنوب الوادى. وعلى الرغم من التكلفة المرتفعة لهذه المشروعات، غير فإن الدولة كانت حريصة على تنفيذها، لأنها تمثل بوابة العبور لتحقيق الأمن الغذائى للأجيال الحالية والمستقبلية‪.‬

أما المحور الثانى، فيتمثل فى زيادة إنتاجية وحدة الأرض ووحدة المياه. ولتنفيذ ذلك قامت الدولة بتطوير البحث العلمى فى القطاع الزراعى، ونفذت مشروعا عملاقا لتطوير الرى الحقلى، وتحديث أساليب الزراعة ومستلزمات الإنتاج، وتوفير التقاوى التى تساعد فى تنفيذ مشروعات زراعة الصحراء، من ثم تصبح أعلى فى الإنتاجية، إضافة إلى كونها أكثر قدرة على مواجهة التغيرات المناخية‪.‬

اهتمام غير مسبوق

ويشير الدكتور رضا محمد على، مدير معهد المحاصيل الحقلية بمركز البحوث الزراعية، إلى أن أزمة الغذاء العالمية الحالية قادتنا للتفكير والبحث فى الحلول المتاحة لتوفير الغذاء، اعتماداً على الموارد المحلية من الأرض والمياه، وفى استجابة سريعة لتلك المتغيرات العالمية وجهت القيادة السياسية اهتماما غير مسبوق بالمشروعات الزراعية القومية الكبرى لاستصلاح الأراضى، بما يضيف حوالى 2٫5مليون فدان للرقعة الزراعية، وكذلك مشروع الصوب الزراعية لتأمين الاحتياجات المحلية من الخضراوات والتصدير.

وأوضح أن الرؤية المستقبلية لمعهد بحوث المحاصيل الحقلية لتحقيق الأمن الغذائى المصرى، فى ظل ظروف أزمة الغذاء العالمية تعتمد على العديد من المحاور، منها زيادة القدرة الإنتاجية للمحاصيل الإستراتيجية والمساحة المنزرعة منها، لتواكب الزيادة المضطردة فى عدد السكان وتحقيق أقصى قدر ممكن من الأمن الغذائى، والزيادة الأفقية للمحاصيل الإستراتيجية خاصة القمح، والمحاصيل الزيتية والذرة الصفراء فى مشاريع الاستصلاح القومية، واعتماد تراكيب محصولية تناسب كل منطقة، من حيث جودة التربة والمياه ودرجة ملوحة كل منهما، واستمرار استنباط أصناف نباتية ذات قدرة محصولية عالية، لديها القدرة على التأقلم مع ظروف الاجهادات البيئية والحيوية والتغيرات المناخية.

وأشار إلى أنه من بين أهم محاور المعهد أيضا، يأتى استخدام بدائل القمح وخلطها بدقيق القمح بما يحقق الاكتفاء الذاتى لرغيف الخبز، مثل الشعير والذرة الرفيعة كمحاصيل شتوية وصيفية، تتحمل الإجهاد الملحى والحرارى ويمكن زراعتها فى الأراضى الهامشية، دون التأثير على مساحات القمح المنزرعة، وضبط مساحة الأرز بما يحقق الاكتفاء الذاتى للمحصول والاستخدام الأمثل للموارد المائية، لزيادة المتوسط العام إلى 5 أطنان للفدان، وزيادة مساحات الذرة الصفراء لتصل إلى 1٫5 مليون فدان لتقليل الفجوة الاستيرادية، والعمل على استعادة القطن المصرى لعرشه، وأدت الزيادة فى أسعاره الموسم السابق 2021 إلى تشجيع المزارعين على زيادة المساحة المنزرعة هذا العام إلى أكثر من 350 ألف فدان واستخدامه فى استخلاص الزيوت‪.‬

واقع استثنائى

الدكتور إسماعيل عبدالجليل، رئيس مركز بحوث الصحراء الأسبق، يقول إن مصر تواجه مع العالم واقعا استثنائيا يهدد الأمن الغذائى، طبقا لتعريف منظمة الأغذية والزراعة، الذى يتضمن (توفير الغذاء الصحى الآمن، إتاحة الغذاء للمواطن بأسعار فى متناوله وبطريقة مستقرة مستدامة، اعتبار الغذاء حقا من حقوق الإنسان)، وتلك الظروف الاستثنائية يصعب مواجهتها بحلول وإجراءات تقليدية نمطية، مما يستلزم توافر قاعدة بيانات ومعلومات دقيقة عن الموقف الحالى، وبالأخص ما يتعلق بإنتاج الحبوب وفى مقدمتها القمح.

ويقترح عبدالجليل تشكيل لجنة خبراء غير حكومية بصفة عاجلة لتقييم أداء موسم زراعة قمح العام الماضى بطريقة علمية، تتيح للحكومة معرفة حقائق كثيرة يجب الاطلاع عليها قبل اتخاذ قرارات تتعلق بالموسم القادم، وبالأخص حزمة الحوافز المستقبلية لمزارعى القمح التى وعد بها رئيس الحكومة مؤخرا.

وعن أهداف تشكيل اللجنة المقترحة، أوضح عبدالجليل أن الهدف الأساسى هو صياغة سياسات مضمونها عدم ربط إستراتيجية إنتاج القمح بالأسعار العالمية، تجنباً لتقلبات غير متوقعة فى السوق العالمى، وتجريم استخدام القمح المخصص لصناعة الخبز فى أى استخدامات أخرى خلاف الرغيف، ووضع سياسة تعاقد مع المزارعين بتجميع المساحات فى مساحات اقتصادية تمكن من استخدام ميكنة الزراعة والحصاد، وزيادة دور الإرشاد الزراعى فى ترشيد استخدام مياه الرى والأسمدة، وخفض فاقد الحصاد وما بعده من 25 إلى 10 % وهو ما سيؤدى لرفع إنتاجية الفدان، وزراعة 4 ملايين فدان‪.‬

ونوه عبدالجليل إلى ضرورة تطوير الزراعة التعاقدية، التى تقتصر فيها العلاقة بين الفلاح والحكومة على شراء المحصول فى نهاية الموسم إلى زراعة تشاركية فى سائر المحافظات، والتى تقوم بين ثلاثة أطراف، هى: المزارع والجهات البحثية الإرشادية والبنك الزراعى، ليتشاركوا فى كل المراحل الإنتاجية حتى الحصاد‪.‬

جرس إنذار

تداعيات أزمة الغذاء المصاحبة للحرب فى أوكرانيا دقت جرس إنذار، من أجل السعى فى اتجاهات تقليل الفجوة الغذائية، كما يقول الدكتور كميل نجيب متياس، نائب رئيس مركز البحوث الزراعية الأسبق، مشيرا إلى أن القيادة السياسية اتخذت عدة إجراءات فى الجمهورية الجديدة، من شأنها إعادة رسم الخريطة الزراعية، مثل المشروع القومى لإقامة مجتمعات زراعية جديدة على 1.5 مليون فدان وتطوير الريف، وإنشاء شبكات الطرق والبنية التحتية العملاقة لربط أماكن الإنتاج بالأسواق، وتقديم الدعم المادى والصحى للفلاح، والعديد من المشروعات القومية، مثل مراكز تجميع الألبان ومشروعات دعم تسمين البتلو، وإحلال السلالات المحلية بعالية الإنتاج.

وأشار متياس إلى بعض الإجراءات من خارج الصندوق، والتى قد تمثل قيمة إضافية ايجابية نحو تحقيق استفادة أكبر من الإمكانات المتاحة، منها نشر الوعى لدى المزارعين عن طريق الإرشاد الزراعى، وتقليل الفاقد أثناء الحصاد بتعميم الميكنة الزراعية للحصاد، وخاصة فى المحاصيل الرئيسية كالقمح والذرة والأرز والقطن، وتقليل الفاقد بعد الحصاد الذى قد يصل إلى نسب مئوية تفوق ٣٠٪ فى بعض المحاصيل خاصة الخضر والفواكه، وزيادة كفاءة استخدام المياه، وضرورة الإعلان عن سعر عادل للقمح, وتنظيم استيراد القمح بما لا يتعارض مع وقت حصاد القمح المحلى، ودراسة عودة الدورة الزراعية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق