رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«قبلة حياة» للطاقة النووية فى آسيا

إعداد ــ ياسمين أسامة فرج
مفاعل «هوا لونج وان» للطاقة النووية بمقاطعة فوجيان الصينية

تتجه آسيا إلى منح الطاقة النووية، التى ظلت منبوذة لسنوات «قبلة حياة» من أجل عودة ثانية للحياة وذلك بسبب أزمة الطاقة العالمية. فالحكومات فى اليابان وكوريا الجنوبية تلغى السياسات المناهضة للطاقة النووية، بينما تسعى الصين والهند لبناء المزيد من المفاعلات النووية لتفادى حدوث نقص مستقبلى فى الإمدادات ولتقليص الانبعاثات الحرارية، حتى الدول النامية فى جنوب شرق آسيا بدأت فى استكشاف التكنولوجيا الذرية.

وقد جاءت هذه العودة للطاقة النووية بعد الارتفاع القياسى الذى سجلته هذا العام أسعار الغاز الطبيعى والفحم، المستخدمان فى توليد معظم الطاقة فى آسيا، بسبب الحرب فى أوكرانيا التى قلبت الأسواق رأسا على عقب. وفيما يسعى العالم لمزيد من الابتعاد عن روسيا، أحد أكبر مصدرى الوقود، فإن الإمدادات ستظل مقيدة وستظل الأسعار مرتفعة بشكل كبير فى المستقبل.

يجعل كل هذا الطاقة النووية النظيفة والموثوق بها جذابة للغاية لصناع السياسات والمؤسسات التى تحرص على كبح جماح التضخم وتحقيق أهداف الحفاظ على البيئة والحد من الاعتماد على إمدادات الطاقة العابرة للمحيطات.

إنها عودة دراماتيكية للصناعة النووية التى عانت خلال العقود القليلة الماضية ارتفاع التكاليف والمنافسة من الوقود الأحفورى الرخيص الثمن والقواعد المشددة. وفيما تعتبر العودة للطاقة النووية عالمية، إذ اكتسبت أنصارا من المملكة المتحدة إلى مصر، فإن هذا التحول أكثر إدهاشا فى آسيا وذلك بالنظر إلى ما مرت به القارة من أحداث الكارثة النووية التى وقعت باليابان منذ أكثر من عقد مضى. فقد كان مستقبل الطاقة النووية واعدا حتى ضرب التسونامى مفاعل فوكوشيما فى اليابان عام ٢٠١١ مما تسبب فى تسرب إشعاعى هو الأسوأ منذ عقود الأمر الذى أقنع بعض الحكومات بأن مخاطر الطاقة النووية أكبر كثيرا من نفعها . لكن الآن، وبينما ترتفع فواتير الطاقة وتعانى الدول التضخم المرتبط بارتفاع أسعار الوقود الأحفورى، تعود الحكومات مجددا إلى الطاقة النووية، خاصة أنها تتطلب كميات قليلة من اليورانيوم، المتوافر حاليا، كما أنها تعمل وتنتج الكهرباء على مدار ٢٤ ساعة على عكس بعض أنواع الطاقة المتجددة الأخرى كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

ويقول براندن مونرو، الرئيس التنفيذى لشركة بانرمان الأسترالية للطاقة، إن: «المخاوف المرتبطة بما حدث فى فوكوشيما تلاشت الآن بعد أن هدأت عشر سنوات من البحث العلمى من ضخامة هذه الحادثة، والدول الآسيوية تواجه الآن تهديدات خطيرة بشأن نقص الطاقة». ولعل هذا يفسر إعلان اليابان هذا الأسبوع أنها ستبحث تطوير وبناء جيل جديد من المفاعلات النووية بالتزامن مع العمل على إعادة تشغيل المفاعلات المعطلة. وثمة تحول مماثل يحدث أيضا فى كوريا الجنوبية. فقد صوت الناخبون هذا العالم للرئيس يون سوك يول المؤيد للطاقة النووية والذى يريد أن تشكل الطاقة النووية٣٠٪ من إجمالى إنتاج الطاقة فى البلاد .

أما الصين، التى تشهد حاليا موجة جفاف تاريخية تسببت فى انقطاعات للكهرباء فى أنحاء كثيرة من البلاد، فقد أعلنت أنها ستسرع من وتيرة تنفيذ المشاريع النووية والكهرومائية. فالصين حاليا فى مرحلة بناء أكبر مفاعل فى التاريخ النووى فى الوقت الذى تسعى فى البلاد إلى الحد من اعتمادها على محطات الطاقة التى تعمل بالفحم الملوث للبيئة. ووفقا للجمعية النووية العالمية، فإن الصين تمتلك حاليا نحو ٢٤ جيجا وات من السعة النووية تحت الإنشاء و٣٤ جيجا وات أخرى فى الأنابيب. وإذا تم استغلال كل ذلك فإن الصين ستصبح أكبر منتج للطاقة النووية فى العالم.

أما فى الهند، فقد توسع رئيس الوزراء ناريندرا مودى فى استغلال الطاقة النووية، حيث يعتزم أكبر منتج للكهرباء فى الهند لتطوير مشروعين ضخمين للطاقة النووية. وتنتج الهند حاليا نحو ٧٠٪ من كهربائها من الفحم ونحو ٣٪ من الطاقة النووية، ولكن مودى يهدف إلى زيادة أسطول الطاقة النووية فى بلاده إلى أكثر من ثلاثة أضعاف خلال العقد المقبل. حتى الدول التى تمر بأزمات مالية فى جنوب شرق آسيا تتحول نحو الطاقة النووية. فقد أبلغ رئيس الفلبين كونجرس بلاده أنه سيدرس استغلال مفاعلات الطاقة النووية لتقليل تكاليف الكهرباء وتحسين إمدادات الطاقة. وتخطط إندونيسيا لتشغيل أول مفاعلاتها النووية فى عام ٢٠٤٥ كجزء من هدف طموح لتحقيق صفر انبعاثات بحلول ٢٠٦٠.

كما أعلنت سنغافورة أن الجيل الجديد من الطاقة النووية سيشكل ١٠٪ من طاقتها بحلول عام ٢٠٥٠، وهو أيضا تحول عن سياسة سنوات رأت فيها سنغافورة أن المفاعلات المثيرة للجدل لم تعد مقبولة فى البلاد. ولكن ليس كل الدول فى آسيا مقتنعة بذلك. فتايوان لم تغير موقفها إزاء التخلى عن الطاقة النووية، وهى تخطط لإغلاق مفاعلاتها بحلول نهاية ٢٠٢٥.

ستيفن ستابزينسكى ـ وكالة «بلومبرج» الأمريكية

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق