كان عام 2022 عام هموم ومشاكل، فمن أزمة صحية عالمية لا تزال تتسبب فى توقف الاقتصادات وسلاسل التوريد الدولية المختلة،الى حرب عبثية نشبت بين روسيا واوكرانيا تسببت فى مشاكل جمة جعلت اقتصادات أعتى الدول تترنح امام ما سببته من وقف سلاسل التوريد لاهم السلع العالمية، وبالرغم من ان العالم كله حاليا تشغله بقوة هاتان المشكلتان، الا ان أم المشاكل والهموم التى ترتفع وتيرتها تارةً وتنخفض تارة اخرى تكمن فى مشكلة التغير المناخى، فالمناخ ليس استثناءً، فقد جعلت الفيضانات المدمرة فى جنوب آسيا، وموجات الحر فى أوروبا والهند، وحرائق الغابات غير المسبوقة فى جميع أنحاء الكوكب الامر مستغربا، فمن المؤكد حقًا أن المناخ هو كل شىء، والتغيرات فيه ستؤثر على كل شخص وكل قطاع وكل بلد.ولذلك شهد عام 2022 اهتماما كبيرا من جانب العلماء والباحثين بنشر مؤلفات علمية حول هذه القضية، ومنهم كُتاب حائزون على جوائز وقادة للفكر، بهدف تمهيد الطريق نحو مستقبل أكثر إشراقًا للبشرية، فقد كتبوا بعمق فى شتى التخصصات المتعلقة بتغير المناخ وآثاره. ونختار منهم خمسة مؤلفين :
الكتاب الاول بعنوان «حرب المناخ الجديدة» بقلم مايكل مان، يشرح كيف قامت صناعة الوقود الأحفورى بتعديل تكتيكاتها، من الإنكار الصريح للمناخ إلى عرقلة وتحويل عبء المسئولية إلى الأفراد، وبالتالى تأخير الإجراءات اللازمة لدفع التغييرات النظامية. الكتاب عبارة عن فك تشابك رائع للشبكة المعقدة من المعلومات المضللة والتضليل والانحراف التى تديمها صناعة الوقود الأحفورى منذ أن أصبح تغير المناخ حقيقة لا جدال فيها. متفائلاً بحذر، يجادل مان بأن التحديات الأساسية التى ما زلنا نواجهها اليوم لا ترتبط بالعجز التكنولوجى أو الفكرى عن تحقيق تغيير منهجى، ولكن فى الافتقار إلى الإرادة السياسية المطلوبة للقيام بذلك.والكتاب الثانى تحت عنوان «كونك أنت التغيير: عش جيدًا وابدأ ثورة مناخية» بقلم عالم المناخ بيتر كالموس، الذى انزعج من التغيرات الجذرية التى تحدث فى بيئة الأرض، وهنا شرع بيتر كالموس فى رحلة لتغيير حياته والعالم بالتخلى عن السيارة وركوب الدراجات بدلاً من ذلك، وزراعة طعامه وإجراء تغييرات أخرى بسيطة ومرضية. خفض كالموس تأثيره المناخى إلى عُشر المتوسط الأمريكى وأصبح أكثر سعادة فى هذه العملية.وهذا الكتاب يلهم الأفراد الذين يريدون اتخاذ إجراءات مناخية، لكنهم غير متأكدين من أين يبدأون.
والكتاب الثالث بعنوان «هذا يغير كل شىء: الرأسمالية مقابل المناخ» بقلم نعومى كلاين، ويعتبر الكتاب البيئى الأكثر أهمية وإثارة للجدل منذ كتاب الربيع الصامت لراشيل كارسون. حيث كشف عن الأساطير التى تلقى بظلالها على الجدل حول المناخ، وتكشف عن مدى قوة مراكز الفكر اليمينية ومجموعات الضغط والتمويل فى مصدر إنكار تغير المناخ. فالكتاب يتحدى أيديولوجية «السوق الحرة» الحالية، والتى يقول كلاين إنها غير قادرة على حل أزمة تغير المناخ. أما الكتاب الرابع وعنوانه «الأمة المستدامة: أنماط التصميم الحضرى للمستقبل» بقلم دوجلاس فاروهو مخطط معمارى حضرى، فيشرح فيه بالتفصيل كيف لتصميم المدن والمبانى ذات المعايير المستدامة أن يخفف من الأزمات الإنسانية والسكانية والمناخية. أما الكتاب الخامس وعنوانه «الانقراض السادس: تاريخ غير طبيعى» بقلم إليزابيث كولبرت، فتقول فيه أنه بحلول عام 2050، ستكون أزمة المناخ قد دفعت إلى انقراض ما يصل إلى نصف أنواع العالم، ووفقًا لهذا الكتاب فنحن فى خضم حدث الانقراض الجماعى السادس، الذى من المقرر أن يكون أسرع حدث من هذا القبيل على الإطلاق.
وكيف قاد البشر إلى انقراض التنوع البيولوجى، أو إلى حافة الانقراض، من الضفدع الذهبى البنمى الذى تم القضاء عليه بالكامل تقريبًا فى البرية بسبب مرض فطرى إلى طيور ماوى، التى هى فى خطر بسبب إزالة الغابات. نحن نقود هذه الأنواع إلى الانقراض من نواح كثيرة: بعضها مرتبط بأزمة المناخ من خلال ارتفاع مستويات سطح البحر وإزالة الغابات، وكذلك من خلال نشر الأنواع الحاملة للأمراض والصيد الجائر. ومن خلال تغيير النظم البيئية المتوازنة بدقة للأرض بشكل أساسى، فإننا نخاطر بمستقبلنا أيضًا.
د. حامد عبد الرحيم عيد
استاذ بعلوم القاهرة
رابط دائم: