«عاشوراء» هو اليوم العاشر من شهر الله «المحرم» بالتقويم الهجرى، وهو يوم نصر وعزة وكرامة لأهل الإيمان، ففيه كتب الله، سبحانه وتعالى، النجاة لنبيه موسى، عليه السلام، والذين معه، من فرعون وقومه، إذ ذكر الله، عز وجل، هذا المشهد، فى قرآنه الكريم، فى آيات عدة.
الدكتور السعيد محمد على، الوكيل الأسبق لوزارة الأوقاف، يقول: لما أراد فرعون ومن معه أن يلحقوا بموسى، عليه السلام، ومن آمن معه؛ ليقتلوهم، لجأ موسى، عليه السلام، إلى ربه، واستغاث به، فهداه إلى أن يضرب البحر بعصاه، «فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم»، وقص لنا الله هذه القصة، وهى ملمح مهم فى يوم عاشوراء، إذ تكون النجاة دائما لأهل الإيمان، فعندما تراءى الجمعان، وعاين كل من الفريقين صاحبه، وتحقق منه، ورآه، ولم يبق إلا المقاتلة، قال أصحاب موسى، وهم خائفون: «إنا لمدركون»، وشكوا إلى نبيهم ما هم فيه، فقال لهم موسى، عليه السلام: «كلا إن معى ربى سيهدين».
ويضيف د. السعيد: لما تفاقم الأمر، أوحى الله إلى كليمه موسى: «أن اضرب بعصاك البحر»، فلما ضربه انفلق بإذن الله، وهكذا كان ماء البحر قائما، وقيل إنه انفلق اثنى عشر طريقا، لكل سبط طريق يسيرون فيه، فأراد موسى أن يضرب البحر بعصاه ليرجع كما كان، فأمره العلى القدير أن يترك البحر على هذه الحال، إذ قال تعالى: «واترك البحر رهواً إنهم جندٌ مغرقون»، الدخان ٢٤ وأصر فرعون - كِبرا منه - على أن يلحق بموسى، ومن معه، فلما رآه الجنود قد سلك البحر اقتحموا وراءه مسرعين، فحُوصروا فيه أجمعين، فأمر الله تعالى كليمه أن يضرب البحر، فضربه فارتطم عليهم كما كان فلم ينج منهم إنسان.
قال تعالى: «وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ إِنَّ فِى ذلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ». الشعراء ٦٥ـ٦٧. فى هذه اللحظة تحقق فرعون من أنه مُغرق لا محالة فقال: «آمنت أنه لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل». وليعلم بنو إسرائيل قدرة الله عليه، قال تعالى: «فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية»، قال المفسرون «ننجيك بجسدك مصاحبا درعك ليكون من وراءك من بنى إسرائيل على علم بأنك هلكت»، وقد كان هلاكه وجنوده، ونجاة موسى عليه السلام ومن معه، فى يوم «عاشوراء».
ويتابع د. السعيد: ورد فى الحديث، عن عبد الله بن عباس، رضى الله عنهما، أنه قال: «لما هاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى المدينة، وجد اليهود يصومون اليوم العاشر من شهر المحرم، فلما سألهم عن سر صيامهم فيه، قالوا: هو يوم صالح، نجى فيه الله تعالى، موسى عليه السلام وبنى إسرائيل، من فرعون وجنوده، فقال النبى، صلى الله عليه وسلم: «نحن أحق بموسى منكم»، وصامه صلى الله عليه وسلم، وأمر بصيامه»، وصار صومه بعد ذلك مشروعا. وفى فضل صيامه، جاء فى حديث رواه الإمام «مسلم» فى صحيحه، عن أبى قتادة أن النبى، عليه الصلاة والسلام، قال: «أحتسب على الله صيام يوم عرفة فهو يكفر السنة التى قبله والسنة التى بعده، وأحتسب على الله صيام يوم عاشوراء.. يكفر السنة التى قبله». ولكن هل نصوم يوم «عاشوراء» فقط أم الأفضل صوم يوم قبله، وآخر بعده؟، يجيب الدكتور السعيد قائلا: جاء فى الحديث أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال فى السنة التى تُوفى فيها: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر»، فيبقى صيام التاسع مع العاشر سُنة صحيحة؛ لأن النبى، صلى الله عليه وسلم، نوى فعل ذلك.
رابط دائم: