رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بين تجربة ناجحة.. ونقل خبراتنا للعالم..
خريطة مصرية لعلاج أطفال فيروس «سى»

تحقيق ــ أشرف أمين

  • تراجع الإصابات بفضل خطة الدولة وحملة 100 مليون صحة
  • علماء مصر والصحة العالمية يتعاونون لوضع بروتوكولات علاج الأطفال وخفض عدد المصابين لأقل من 1%
  • الأدوية المعتمدة دوليا لعلاج الأطفال لا تتعدى 3 أنواع، وغير متوافرة بالقدر الكافى عالميا
  • تأخر العلاج يؤثر على نمو الطفل وتوازنه النفسى والعقلى وقدرته على التحصيل الدراسي


د.منال حمدى - د. تيم كريسى - د. ماجى عباسى

يمثل تراكم الخبرات الطبية لعلمائنا واحدة من أهم أدوات القوة الناعمة لمصر على المستوى الإقليمى والدولى، ورغم تجاوز مصر المخاطر التى كنا نعرفها عن فيروس «سى» بفضل السياسات الصحية ورؤية القيادة السياسية لأهمية علاج المرضى ومبادرة 100 مليون صحة للكشف المبكر عن الإصابة والحد من العدوى ورصد المضاعفات وعلاج المرضى، إلا أن دور علمائنا لم يتوقف عند ما تحقق من نجاحات شهد لها العالم وخصوصا منظماته العاملة فى مجال الصحة وفى مقدمتها منظمة الصحة العالمية، بل تخطى نجاح المشهد المحلى والإشادة العالمية ووصل إلى مرحلة نقل الخبرات الوطنية للخارج والمشاركة فى تطوير الأدوية خاصة لعلاج الأطفال.

مع الاحتفال باليوم العالمى للفيروسات الكبدية - 28 يوليو الماضى - والتحديث المستمر من قبل منظمة الصحة العالمية للقواعد الاسترشادية لعلاج الأطفال والمراهقين من فيروس سى يبدو جليا دور الجامعات المصرية فى هذا الشأن، حيث تم عمل دراسة دولية عن تطوير العلاجات الدوائية للأطفال بالتنسيق بين المنظمة وكلية طب عين شمس وكلية الصيدلة جامعة القاهرة وعدد من الهيئات البحثية الدولية لطرح بروتوكولات علاجية للأطفال أقل من 35 كيلوجراما، كما يتم ترقب ودراسة المستجدات التى تحدث عالميا، فيما يتعلق بالعدوى الفيروسية الكبدية سواء فى الكبار أو الأطفال.

فى البداية يقول د. أيمن صالح، نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون الدراسات العليا والبحوث إن الجامعة من خلال مركز البحوث الطبية MASRI كان لها دور كبير خلال السنوات الماضية فى نشر الأبحاث السريرية بالتعاون مع الجامعات المصرية جميعا، ولها شراكات أجنبية مهمة مع جامعات عريقة فى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والصين.

وهذا الأمر أكدته الدكتورة منال حمدى السيد، رئيسة قسم الأطفال بطب عين شمس – بقولها :"نظرا لكون مصر من أكثر الدول التى أجرت دراسات عن علاج الأطفال والمراهقين بأدوية فيروس سى، فقد حرصت المراكز البحثية الدولية على التعاون معنا كما قمنا بالعمل بصورة مكثفة خلال السنوات الماضية مع منظمة الصحة العالمية بهدف زيادة الاهتمام الدولى بصحة الأطفال مرضى فيروس سى، وبعد جهود عديدة نجحنا فى إدراج بحوث أدوية الأطفال المصابين بفيروس سى ضمن الخطط الدولية لبحوث الدواء للأطفال للحد من معدلات العدوى وخفض عدد المصابين عالميا لأقل من 1% من تعداد السكان، كما تعاونا مع منظمة الصحة العالمية فى تطوير الخطط الاسترشادية لعلاج الأطفال والتى تستعين بها الدول التى تنتشر بها الإصابة بالمرض".


3 ملايين طفل

وتضيف د. منال حمدى السيد: «قمنا بعمل دراسة مع مركز دراسات الأمراض بالولايات المتحدة CDA لتقدير عدد الأطفال المصابين بالفيروس ووجدنا أن هناك 3.3 مليون طفل مصاب بفيروس سى عالميا، دون الأخذ فى الحسبان الحالات الأكثر عرضة للإصابة مثل الأطفال الذين يحتاجون لنقل دم بصورة متكررة أو المدمنين الذين يتشاركون حقن المخدرات، أو الحالات التى انتقلت لها العدوى عن طريق الأم، وهم يمثلون ما بين 5 إلى 7% من المواليد عالميا» على سبيل المثال أظهرت التقارير العالمية تضاعف عدد المصابين بفيروس سى من الأمهات الحوامل للمواليد، وفى بعض الولايات الأمريكية زادت النسبة لتصل إلى 200% فى السنوات الأخيرة.

وتوضح أن كل تلك الفئات غير المدرجة فى الإحصاءات يصعب رصدها ضمن الأطفال المصابين مالم يتم إجراء مسوحات للمواليد والحوامل والأطفال الأكثر عرضة للإصابة، وتضيف : هى غير متوافرة فى الوقت الراهن، خاصة أنه لا يمكن القضاء على أى مرض دون وجود العلاج واللقاح للوقاية من الإصابة.

وتشير إلى أنه لكل ما سبق فإن جميع المؤشرات توضح أن عدد الأطفال المصابين بفيروس سى أكثر من التقديرات الراهنة بكثير، أما أعلى دولة فى العالم فى نسب إصابات الكبار والأطفال فهى باكستان بعد تراجع الإصابات فى مصر بفضل السياسات العلاجية التى اتبعتها الدولة فى العلاج والكشف المبكر عن الإصابات والحد من العدوى.

نموذج رياضي

وقالت الدكتورة منال حمدى السيد أنه وفقا للدراسات فإن الأطفال والمراهقين بدءا من وزن 35 كجم يمكن علاجهم أما الأطفال بدءا من 3 أو 4 سنوات أو وزن 14 كجم حتى وزن 35 كجم فيجب تقليل جرعات الدواء بما يتناسب مع وزنهم، وتلك التقديرات كانت محل بحث شارك فيه فريق بحثى من مصر وتايلاند ومنظمة الصحة العالمية، ونظرا لكثرة التجارب السريرية والأبحاث التى أجريت على الأطفال فى مصر فقد تمت الاستعانة بتلك الدراسات لتصميم برنامج أو نموذج رياضى لتقدير جرعة الدواء الفعالة والآمنة للأطفال حسب السن والوزن.

وتكشف عن أنه بالرغم من أن النسب الأكبر من الأطفال المصابين بفيروس سى، ممن تخطوا سن 12 عاما إلا أنه من المجدى علاج الأطفال مبكرا، خاصة وأن التأخير فى العلاج يؤثر على نمو الطفل وتوازنه النفسى والعقلى وقدرته على التحصيل الدراسى مما يعرضه للوصم والتمييز، فكل تلك المشكلات يمكن تجنبها بالعلاج المبكر، كما أن بعض الحالات تعانى من أمراض أخرى وبالتالى من الأجدى علاجهم من فيروس سى مبكرا لتجنب إصابة الطفل بتليف الكبد والمضاعفات الأخرى، فالعلاج المبكر يسهم فى استعادة الطفل لحياته ونشاطه البدنى إلى جانب خفض احتمالات نقل العدوى بين الأطفال، ولذلك فمن المهم علاج الطفل مبكرا وهو ما نجحنا فى تطبيقه من خلال وضع الخطط الاسترشادية للعلاج وتكوين مجموعة عمل معنية بالأطفال مرضى الفيروسات الكبدية بمنظمة الصحة العالمية.

اتاحة الأدوية

د. منال حمدى السيد تشير إلى أنه حتى وقتنا الراهن، فإن الأدوية المعتمدة دوليا لعلاج الأطفال مرضى فيروس سى لا تتعدى 3 أنواع، وتلك الأدوية غير متوافرة بالقدر الكافى سواء فى الدول ذات الدخل المحدود أو التى تعانى من ارتفاع نسب العدوى والإصابة بالفيروس لذلك تم تشكيل "مسرع الأعمال الدولى للعلاجات الدوائية للأطفال" التابع لمنظمة الصحة العالمية لبحث سبل توصيل وإتاحة الأدوية وأسعارها ووجدنا أن الأدوية الأكثر إتاحة والأقل تكلفة لعلاج مرضى فيروس سى هى «سوفوسبوفير» و«دكلاتاسفير» وكانت الخطوة التالية هى تقدير الجرعات المناسبة للأطفال بدءا من سن 3 سنوات حتى سن 12 عاما.

وتوضح د. ماجى عباسى أستاذة الصيدلة الإكلينيكية بكلية الصيدلة جامعة القاهرة أنها شاركت فى هذا المشروع البحثى بالتعاون أساتذة بالكلية وسبق إجراء دراسات سريرية لتقدير الجرعات الآمنة والفعالة من الدواء لعلاج فيروس سى للمراهقين من عمر 12 إلى 17 سنة واعتمادا على نتائج تلك الدراسة تم وضع تصور لحركية الدواء وتركيز تلك الجرعات فى الدم للشرائح العمرية الأصغر اعتمادا على "برنامج محاكاة" بالتعاون مع د. تيم كريسى أستاذ الصيدلة بجامعة تايلاند لتقدير الحد الآمن والفعال بناء على سن ووزن الأطفال المرضى.

وتشير د. ماجى عباسى إلى أن هذا النوع من البرمجيات يستخدم حاليا فى جميع الدراسات على الأدوية قبل حتى إجراء التجارب على البشر أو الحيوانات حيث يعطى تصورا استرشاديا للجرعات الآمنة، ونظرا لأهمية وخطورة الدراسات على الأطفال فإنه كثيرا ما يتم التروى والحذر ومراجعة البيانات قبل تقدير الجرعات الدوائية.

وتضيف أنه فى حالات الأطفال المصابين بأكثر من مرض بخلاف فيروس «سي» فإنه يتم الرجوع للطبيب لتحديد ما إذا كان الطفل يحصل على أكثر من علاج فى ذات الوقت أم يتم علاجه أولا من أحد المرضين تجنبا للتفاعل السلبى لأكثر من دواء فى جسم الطفل.

جدوى التصنيع

وعن جدوى تصنيع أدوية أطفال مرضى فيروس «سى» تقول د. ماجى إن شركات الدواء كثيرا ما تتردد فى إنتاج جرعات دواء لأعداد محدودة من المرضى لارتفاع تكاليف التصنيع والإنتاج لذلك من الضرورى تشجيع الشركات على إنتاج أدوية الأطفال وأن تكون هناك رؤية لإتاحتها محليا ودوليا بما يسهم فى علاج جميع الأطفال بعلاجات آمنة وفعالة.

الجرعات الآمنة

ويقول د. تيم كريسى، الأستاذ بجامعة شيانج ماى بجامعة تايلاند والباحث الرئيسى الذى تولى تصميم البرنامج الخاص بتقدير الجرعات الآمنة للشرائح العمرية المختلفة إنه تم جمع كل الدراسات السريرية السابقة التى أجريت على الكبار والأطفال والمراهقين فى مصر ومختلف دول العالم، وتم تقدير النسب الآمنة من الدواء وفقا لوزن الطفل، وتوصلنا لنتائج تقديرية بالجرعات التى يمكن أن تسترشد الفرق الطبية بها لعلاج الأطفال لاعتماد الأدوية، كما يمكن أن تكرر فرق بحثية أخرى بالعالم ذات الدراسة التى تم إجراؤها أو تجرى تجارب سريرية استرشادا بالنتائج التى قمنا بها مع العلماء المصريين، وهو ما قد يمهد لاعتماد تلك الأدوية لصغار الأطفال، ومن المتوقع أن يلى تلك المرحلة طرح القواعد الاسترشادية لدعم برامج العلاج الموجهة للأطفال والمراهقين بدول العالم النامى مما يمهد لشفاء جميع الأطفال خلال السنوات القليلة المقبلة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق