أنا امرأة متزوجة، وأذهب كل أسبوع لزيارة أهلى، وهناك جار لبيت والدى كثير النظر إلى، وقد كلمنى أكثر من مرة فى الهاتف، وبدأ قلبى يتعلق به، فماذا أفعل كى أتجنبه، وأتجنب الوقوع فى ما يغضب الله؟
الخوف من الله سراج القلب، وعلامة صدق الإيمان، والعبد إذا خاف ربه، وهاب عظمته، وأجلَّ مكانته.. أمنته المخلوقات، فلا ترى منه أذى، ولا مكرا، ولا لؤما، فالمؤمن الذى يخاف الله، يأمنه الناس على أعراضهم، وأموالهم، وأرواحهم.. قال تعالى: «يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ»، وقال: «وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ»، وعندما تغيب خشية الله عن القلب، لا ترى صاحبه إلا قاسى الطبع مفسدا، لا يبالى بإيقاع الضرر بالآخرين، كما تراه طامعا فيما عند غيره.
بهذه الكلمات، يجيب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، قائلا: أعظم الأذى، وأشده، هو إيذاء الناس فى أعراضهم، وخيانتهم فى شرفهم، وقد قص علينا القرآن قصة امرأة العزيز، التى تعلق قلبها بغير زوجها، وبلغ بها الحب مبلغا، دفعها إلى مراودة من تعلق به قلبها عن نفسه، وهو نبى الله يوسف، عليه السلام، ولم تتورع عن العزم على خيانة زوجها، والله يعصم أنبياءه ورسله من فعل الحرام، حتى بلغ من جرأتها أن حكت لأترابها من النساء، كما قص القرآن: «وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ»، فما أقبح امرأة رزقها الله زوجا، وعفها به فى الحلال، تتطلع إلى غيره فى الحرام، وتترك نفسها فريسة سهلة لشيطان الإنس، يلعب بعاطفتها، ويفسدها على زوجها.
أما الرجل الذى يرمى بنظره وشباكه إلى امرأة متزوجة ليفسد عليها حياتها، ويزلزل استقرار بيتها، فقد وقع فى غضب الله وسخطه، وقد برئ منه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذ قال: «ليس منا من خبب - أفسد - امرأة على زوجها»، ذلك أن من استرسل مع هوى نفسه فى هذا الباب، ولم يلجمها بلجام الشرع، ولم يقيدها بقيود الأخلاق، والمروءات، فقد أوغلها فى غيها، وأوحلها فى أدناسها.
قال الشاعر: «والنفس كالطفل إن تهمله شب على.. حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم».. إن النفس إذا عشقت الصور وتعلقت بها أصبحت سجينة هواها، وأسيرة شهواتها.
ولصاحبة السؤال وغيرها من النساء المتزوجات أقول: اقنعى برزق الله لك، وغضى طرفك إلا على زوجك، وأغلقى على نفسك أبواب الحرام، فالرضا بما قسم الله لك من زوج فى الحلال سبب سعادتك فى الدنيا، والآخرة.
أقبلى عليه، وأوله اهتمامك، واملئى حياتك بحبه، وصيانة بيته، ورعاية أبنائه، فأنت صاحبة رسالة طاهرة، لا تلوثيها بوصمة عار تبقى على جبين أبنائك مدة حياتهم.
وأنت أيها الرجل: إياك أن تتسبب فى إفساد امرأة على زوجها، وتبغيضها فى حياتها الأسرية، لتظفر بها، فهذا فعل محرم، صاحبه يقع فى مقت الله وغضبه، وإن لم تكن متزوجا، فابحث عن فتاة تتزوجها، لتبدأ معها حياة طهر وعفاف، وإياك والحرام الذى تراه فى نظرك سهلا رخيصا، قال تعالى: «وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ»، فكم من زوج يأتى يوم القيامة يتعلق برقبة من خانه فى عرضه، وبيته، وأفسد عليه استقرار حياته، كأنى به يقول: «يا رب سل هذا، لم أفسد على بيتى، وخاننى فى عرضي؟».
فاتق الله أيها الرجل، والتزم بما ورد فى القرآن الكريم: «وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِى الْأَرْضِ.. إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ».
رابط دائم: