رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

السوشيال ميديا.. «ترمومتر» التفاعل مع الجو

دينا عمارة

لم يعد الطقس موضوعا يلجأ إليه البعض لتفادى صمت محرج اجتماعيا، أو لملء الفراغ، أو لكسر الجليد، بل إن مقدار الاهتمام بحالة الطقس اليوم أصبح أكثر شيوعا من ذى قبل، خاصة أن موجات الحر الشديدة التى تجتاح معظم أنحاء العالم حاليا باتت كالمارد الذى يبتلع كل شىء يقف أمامه، مخلفا وراءه ضحايا بشرية وفيضانات وحرائق غابات.  

وبفضل وسائل التواصل الاجتماعى التى حولت العالم إلى «قرية صغيرة»، بات من المستحيل تجاهل أى حدث طقسى كبير وإن كان يبعد عنا آلاف الأميال. إذ سيظل الجميع يتلقى تحديثات بطريقة أو بأخرى على صفحات وسائل التواصل الاجتماعى الخاصة به كلما ضرب إعصار دولة ما، أو اجتاح فيضان منطقة أخرى. وكما يرى الخبراء، تتأثر المشاعر والعواطف الخاصة بنا بموجات الطقس المتقلبة، التى تنتقل بالتبعية إلى منصات تواصلنا الاجتماعى، وتسبب تأثيرا مضاعفا أو «عدوى عاطفية» داخل الدوائر الاجتماعية. ولكن كيف يؤثر الطقس على تفاعل المستخدم ومشاعره على وسائل التواصل الاجتماعى, وكيف يمكن للعلامات التجارية والمؤسسات الاستفادة من هذه الأفكار فى سياق استراتيجية التسويق الخاصة بهم؟.

الإجابة تكمن فى الدراسة التى أجراها باحثون من مدرسة فانكوفر للاقتصاد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، فى عام 2019، ونشرت فى إحدى المجلات العلمية، حيث قام الباحثون بجمع وتحليل حوالى 2.4 مليار مشاركة من فيسبوك، وحوالى 1.1 مليار تغريدة على تويتر، وذلك بين عامى 2009 و 2019. وبتحليل المنشورات على أساس الكلمات الرئيسية إيجابية أو سلبية، وجد الباحثون أن «موجات الحرارة»، و»هطول الأمطار»، و»الرطوبة»، و»الغطاء السحابى»، مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتعبير عن المشاعر، سواء كانت إيجابية أو سلبية. حيث تزيد المنشورات الإيجابية حينما تكون درجة الحرارة عند 20 درجة مئوية، وتقل كلما زادت درجة الحرارة عن 30 درجة مئوية. ووجدوا أيضا أن هطول الأمطار كان مرتبطا بمزيد من المشاعر السلبية المعبر عنها، كما ارتبطت الأيام التى يكون فيها مستوى الرطوبة 80٪ أو أعلى، بالتعبيرات السلبية.

هناك أيضا دراسة أخرى أجرتها إحدى شركات التسويق الالكترونى والتى حللت متوسط تفاعل حوالى 1500 صفحة ألمانية على موقع فيسبوك، ووجدت أن الطقس العاصف يزيد دائما من تفاعلات المستخدمين بغض النظر عن الموسم. كما يزيد متوسط مشاركتهم بنسبة 42٪ عندما لا تكون الشمس مشرقة، وتتضاعف ردود الفعل المنشورة فى عطلات نهاية الأسبوع الممطرة فى الصيف، ويزداد التفاعل بنسبة 90٪. ويمكن للصفقات الترويجية وعروض الخصم التى يتم إجراؤها خلال فترات الطقس العاصف أن تحقق أكبر قدر من المشاركة وتحقق أكبر وصول على الشبكات الاجتماعية، وفقا للإحصاءات. 

لكن دور وسائل التواصل الاجتماعى لم يقتصر على قياس المشاعر واستهداف الإعلانات ذات الصلة للمستهلكين، بل استطاعت منصات مثل فيسبوك وتويتر وغيرهما، أن تشق طريقها نحو أعلى قائمة الموارد الإخبارية المستخدمة على نطاق واسع. فمثلا تستخدم هيئة الأرصاد الجوية فى الولايات المتحدة الأمريكية هذه المنصات على أساس يومى، ليس فقط لزيادة الوعى بالطقس الذى يهدد الحياة، ولكن أيضا للتنبؤات الجوية والتعلم. ويؤكد ريك سميث، خبير الأرصاد فى أحد مكاتب هيئة الأرصاد الجوية بولاية أوكلاهوما الأمريكية، أن وسائل التواصل الاجتماعى تعتبر إحدى أقوى أدوات الربط بالجمهور، فهى لا تسمح لمسئولى هيئة الأرصاد بمشاركة المعلومات لمساعدة الأشخاص فى الاستعداد والتعامل مع الطقس القاسى فقط، ولكنها أيضا تساهم فى جمع التقارير عن الأحوال المضطربة عن طريق تحديثات الجمهور وصورهم.

لكن الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعى بخصوص الطقس القاسى لها أيضا عيوب، إذ يعطى التدفق الهائل لأخبار موجات الحر والفيضانات والأعاصير، تصورا متزايدا بأن الطقس القاسى أصبح أكثر شيوعا. ووفقا للخبراء، فإن هذا التصور المنحرف يأتى مما يُعرف بإسم «متلازمة العالم المتوسط»، وهى عبارة ظهرت بالفعل قبل فترة طويلة من ظهور وسائل التواصل الاجتماعى. ويشير المفهوم إلى أن وسائل الإعلام تجعل الأشخاص يعتقدون أن العالم أخطر بكثير مما هو عليه، من خلال لفت الانتباه المباشر إلى الأشياء السيئة التى تحدث.

وهنا تشير نصائح الخبراء إلى أنه من المهم أن نظل على دراية وإطلاع بأحدث أحوال الطقس، ولكن دون أن نسمح لفكرة الطقس المرعب بأن تسيطر على حياتنا وتحدد نشاطنا اليومى.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق