رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فازت بجائزة «مدام فيجارو»
صور أمينة قدوس تنثر أقطان المحلة فى فرنسا

كتبت ــ يسرا الشرقاوى
الفائزة أمينة قدوس

هى ترجمة صادقة لعبارة «حظ صادف صاحبه»، فهى فى الأساس لم تنشد الحظ يوما، ولكنها اعتمدت دوما على شغفها الصادق بفنون التصوير وولائها الكامل لمحليتها. فكانت هذه أسبابا وجيهة لحصولها على جائزة «مدام فيجارو للتصوير»، لهذا العام، والممنوحة من «ملتقى آرل السنوى للتصوير» فى فرنسا، عن مجموعة صورها الأخاذة، مضمونا وعنوانا، والتى تسمى «الذهب الأبيض»، وتستعرض فيها واقع موطنها فى «المحلة الكبرى»، معقل القطن المصري.

عن فوزها بالجائزة المرموقة فى دورتها السادسة، وعن الرحلة التى سبقت هذا الفوز، تحدثت أمينة قدوس (31 عاما) لـ»الأهرام»، قالت: «درست الفنون الجميلة وعلم الاجتماع بجامعات مدينة بوسطن الأمريكية. وأعاننى ذلك المزيج الدراسى الخاص على توظيف الفنون فى التعبير عن الذات والقضايا الاجتماعية، وتوثيق اللحظات والمراحل الفارقة فى تاريخ الإنسان والمجتمع. ومن خلال عملى لاحقا لمدة عامين بمتحف الفن المعاصر فى بوسطن، شاركت بحماس كبير فى مشروع لدمج فئات المجتمع المختلفة فى المعارض والفعاليات التى ينظمها المتحف».

لكن الدراسة وتجربة العمل المتميزة لم تكن المحفز الوحيد لأمينة، كما توضح قائلة: «قضيت فترة خارج مصر، فكان ذلك سبب انشغالى الدائم بتأكيد هويتى والتعبير عنها، خاصة أننى أقيم فى مجتمع تعمه أفكار نمطية مسبقة التجهيز عن مصر ومحيطها الإفريقى والشرق أوسطي، ومن ضمن هذه الأفكار ما يتعلق بى كامرأة عربية ومسلمة. فكان الفن من أدواتى الأساسية لمواجهة هذه الأفكار وتصحيحها».

والتصوير تحديدا كان من أدوات أمينة الرئيسية فى سبيلها للتعبير والتغيير. ويتضح أن بدايتها معه سبقت تجربتها مع الاغتراب، تقول: «اهتمامى بالتصوير بدأ منذ أعوام دراستى الأولى بالقاهرة، وهناك أقمت أول معرض يدور حول انطباعاتى عن العاصمة وتوثيق قصص عايشتها وأشخاص صادفتهم. وضم المعرض مجموعة أعمال مزجت بين فنون الفوتوغرافيا والرسم والتلوين».

وبعد إتمام دراستها بالخارج وعودتها لاحقا إلى مصر، زاد تعلق أمينة بالتصوير كأداة لتوثيق اللحظات والتجارب والمشاعر التى قد تزول بمرور الزمن. فالتصوير، بات ـ حسب تعبير الشابة المصرية ـ: «سبيلا لإنقاذ واستعادة كل ما يمكن ضياعه». ومن خلاله أعادت اكتشاف علاقتها بمسقط رأسها ومستقر عائلتها فى المحلة الكبرى. وربطت الخاص بالعام، فأعادت أيضا، عبر عدسة الكاميرا، اكتشاف تراث وتاريخ تلك المدينة المصرية العريقة.


وعن مدرسة التصوير التى استقر قلبها عليها، تلتزم أمينة مبدئيا بتصنيف نفسها كفنانة بصرية وليست مجرد مصورة، مؤكدة أنها بدأت تجربتها «مصورة شارع» تسعى وراء الأماكن التى تملك تاريخا، والأشخاص الذين لديهم ما يروى، ولكنها مع الوقت توافقت مع رفض وضع إطار محدد لتجربتها وحبسها داخل مدرسة بعينها.

أما مجموعة صور «الذهب الأبيض» التى اقتنصت لأمينة جائزتها الأخيرة، فتحكى عنها: «قادتنى واحدة من زياراتى القديمة لمنزل جدى فى المحلة الكبرى إلى اكتشاف أرشيفه الخاص للصور، وكانت تلك من أهم المحفزات للاقتراب من واقع وتاريخ عائلتي، وكيف يتداخلان مع واقع وتاريخ المحلة. فصناعة القطن، التى هى قلب المحلة، كانت مجالا حيويا وأساسيا لأسرتى طوال عقود طويلة. وشعرت بنفسى كأننى أشبه القطن الذى تم جمعه من أرضه الأصلية فى مرحلة الجمع، وأحاول إعادة نسج الحاضر الخاص بي. وعلى هذه الخلفية بدأت مشروعى التوثيقى بعنوان ( نسيج حي) أو ( الذهب الأبيض).»

وتكمل أمينة: » عرض مجموعتى للصور جاء ضمن واحد من معارض (ملتقى آرل السنوى للتصوير) والذى يضم أعمال ستة مصورين من إفريقيا، ويحمل عنوان (إذا سقطت شجرة فى الغابة). وبـفضل ( الذهب الأبيض) تم ترشيحى من جانب عدد من المحكمين للتنافس على «جائزة مدام فيجارو» مع سبع مرشحات أخريات. والجائزة برعاية مجلة مدام فيجارو، إحدى أشهر المجلات النسائية عالميا، والتى تمنح دعما خاصا للمصورات فى مختلف أنحاء العالم».

أمينة التى سبق أن فازت بجائزة «مركز الشمس لإفريقيا» خلال الدورة الـ 12 من » بينالى التصوير فى باماكو» والذى يعقد بمالي، عن مشروعها » شرخ فى الذاكرة» ـ لا تؤمن بفكرة المعارض على الإطلاق، ولكن الأهم بالنسبة لها هو كيفية إعداد وصياغة هذا المعرض. وتضرب الفنانة الشغوفة مثلا بمعرضها: «لو كتب لى جدى خطابا» الذى كان عبارة عن تجربة بصرية خاصة تجمع ما بين الصور واستخدام قطع الأثاث القديمة ودعوة الزوار للتفاعل مع المعروضات ومحاولة استدعاء ذكرياتهم الخاصة.

أمينة التى أكدت أنها تركت أبواب قلبها وعقلها مشرعة لمختلف التجارب الفنية وأعمال كل الفنانين البصريين، تؤكد أنها ستواصل رحلتها وراء الصورة الموثقة لتاريخ البشر والأماكن والمشاعر.


 

« ملتقى آرل السنوى للتصوير».. شغف تجاوز الخمسين

 

يقولون عن » ملتقى آرل السنوى للتصوير» إنه بالنسبة للفوتوغرافيا مثل مهرجان «كان» بالنسبة للصناعة وإبداع السينما فى فرنسا والعالم . والمقولة تلك صادقة لا مبالغة فيها. فالملتقى أو المهرجان العملاق بدأت فعالياته فى مدينة » آرل» الواقعة جنوب فرنسا لأول مرة عام 1970. بدايته كانت على أيدى الثلاثى الكاتب مايكل تورنير والمؤرخ جان- موريس روكيت والمصور لوسين كليرجو.

وقتها كان التصوير لا يحظى بمقامه الرفيع المعاصر بين مختلف الفنون. ولكن ذلك لم يمنع المهرجان أو الملتقى من التطور والاستمرار سنويا، ملتزما بموعده الصيفى من بدايات يوليو وحتى 25 سبتمبر. ويجذب المهرجان كبار المصورين والهواة منهم، ومعهم محبو الفوتوغرافيا من مختلف أنحاء العالم.

فالمهرجان يضم سنويا نحو 40 معرضا وعشرات الفعاليات والورش التى لا تترك تفصيلة تتعلق بفنون التصوير، أو فئة من الكبار أو الصغار يمكن مخاطبتها بكل ما هو جديد عن الصورة أو قديم عن تاريخ فنونها.

المهرجان الذى نال عبر تاريخه المديد باعتراف وتعاون مختلف المؤسسات الثقافية والفنية داخل فرنسا وخارجها، استقبل العام الماضى 110 ألف زائر، وذلك بعد أن سجل فى 2019، ما قبل هجمة كورونا، 145 ألف زائر.

رابط دائم: 
كلمات البحث:
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق