رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

عزيزى الطبيب.. لست وحدك فى « 101عزل »

باسم صادق
عبد المنعم رياض واحمد عثمان خلال العرض

أيام عصيبة عشناها بين الجدران خلال جائحة كورونا.. إحساس مميت بالعزلة، والهلع من الخروج إلى الشارع.. فذلك الفيروس الغامض المجهول كان الأقرب دوما.. باتت الدقائق ساعات طويلة.. نترقب تطورات الحالة الطبية لحظة بلحظة فى انتظار أى بشرى بانتهاء حالة العزل ولو لنصف يوم.

 

بين جدران أخرى وتحت لافتات المستشفيات المختلفة، ووسط روائح التعقيم وتحت الملابس والقفازات الطبية والكمامات وأقنعة الوجه العازلة وعلى أصوات صفارات عربات الإسعاف كان الأمر أكثر قسوة ومرارة، ومع ازدياد حالات مصابى كورونا سجل جنود مصر من الأطباء تضحيات لاحصر لها.. بطولات إنسانية تستحق أن تُروى وتُدرس وترصدها الفنون كافة.. هذا بالضبط ما قدمه العرض المسرحى «101 عزل» على مسرح متروبول للمؤلف على الغلبان والمخرج محمد درويش وبإنتاج فرقة المواجهة والتجوال بقيادة المخرج محمد الشرقاوى، فى رسالة درامية للطبيب مفادها «لست وحدك».

 

ما سجله الأطباء وأطقم التمريض خلال جائحة كورونا من بطولات هى أساطير حقيقية تستمد بقاءها من صدقها وإنسانيتها، لأن دافعها نداء الواجب وقَسَم الولاء للمهنة قبل أى شيء.. فالطبيب محمود سامى الذى فقد بصره تحت ضغط العمل ليلا ونهارا لرعاية المرضى ومحاولة التوصل لعلاج فعال للفيروس، وكبيرة الممرضات التى تركت ابنتها ليلة زفافها استجابة لضميرها المهنى، والطبيبة التى تركت خطيبها من أجل رعاية المرضى فتوفت تأثرا بالعدوى داخل المستشفى.. والطبيب الذى يقود كل هؤلاء بثبات شديد رغم فقدانه أسرته بالكامل.. نماذج تلقاها صناع العمل لتقديمها فى دراما إنسانية موجعة ومؤثرة تقديرا وعرفانا بجميل الأطباء فى تلك المحنة.. وحاول المؤلف تقديم الصراع بين الحياة الأسرية للأطباء واستجابتهم لنداء المهنة لتأكيد صدق المواقف خاصة فى الخط الدرامى الخاص بالطبيب محمود سامى الذى ترك زوجته فى حالة حمل وفقد بصره قبل أن يرى وليده، وكذلك كبيرة الممرضات، والسيدة التى رفض أبناؤها استلام جثتها لدفنها خوفا من العدوى، وإن كان الأمر يحتاج لمزيد من الحفر فى تاريخ باقى الشخصيات لخلق حالة التضاد بين حالتى الحياة الطبيعية والحياة داخل العزل.

الأداء التمثيلى هو البطل الحقيقى للعرض، فعبد المنعم رياض يقفز بجرأة من شخصية سرحان الهلالى فى عرض «أفراح القبة» إلى شخصية الطبيب الذى يحاول الثبات لدعم كل فريق عمل المستشفى ويتابع حياتهم الأسرية ويجبرهم أحيانا على الراحة للتمكن من الاستمرار فى العمل بشكل أفضل وهكذا، وبدا واضحا أنه تعامل بمنطق الشخصية التى يلعبها، فخرج أداؤها متسقا مع دوافعها، خاصة فى مشهد الذروة بينه وبين صديق دفعته الرافض للراحة والذى يتهمه بالبرود أمام ضحايا العزل، ليتكشف لنا تاريخه وأنه صار يصادق الموت بعد وفاة زوجته وأولاده وأصبح أكثر قدرة على التفاعل مع أقوى الأزمات، بينما لعب أحمد عثمان شخصية الطبيب محمود سامى بوعى ملحوظ خاصة فى تصاعد انفعالاته تدريجيا بدءا علاقته بزوجته وانتظارها مولودا جديدا وحبه الشديد لعمله، ثم حياته داخل مستشفى العزل ورفضه الكامل للراحة حتى اصطدامه بمدير المستشفى ففقدانه بصره.. بينما جسدت نيفين أغا شخصية السيدة التى هجرها أبناؤها وتشبثها بالطبيبة الشابة قبل لحظات الموت بصدق حقيقى وشجن بالغ وأضافت للشخصية تفاصيلها الخاصة رغم صغر مساحة دورها، وكذلك عبرت هايدى عبد الخالق عن دور الأم/ كبيرة الممرضات بخبرة كبيرة لم تنفصل فيها روح الأمومة وحنانها عن روح الحكيمة الخبيرة حتى فى أقسى لحظات الألم.. وجسد محمد مبروك وخالد سعداوى ثنائيا نموذجيا لمافيا استغلال الأزمات والمتاجرة بآلام المرضى وحاولا إضفاء حالة من الكوميديا لتخفيف حدة المواقف الدرامية، وإن كانت محمد سعداوى قد بالغ فى إلقاء الإفيهات بلا داع وبشكل أضر بدراما العرض.. وقدمت تغريد عبدالرحمن دور الزوجة المحبة لزوجها الطبيب بانسيابية وعذوبة تخلو من الافتعال.. واجتهدت كل من رندا جمال، محمد الغريب، ندا عفيفى، رضوى طاهر، باكينام، ساندى، ايمن طارق، والطفلة آسيا احمد لتقديم أدوارهم بحسب طبيعة كل منها.

على مستوى الإخراج مزج المخرج محمد دوريش بين المواد الفيلمية لاستعراض بعض الأحداث الماضية فى حياة الشخصيات، مثل تاريخ مدير المستشفى مع أسرته، والتمثيل الحى على المسرح، واعتمد اعتمادا أساسيا على خبرات الممثلين الأدائية، وإن كان يحتاج تأكيد بعض التفاصيل مثل الحفاظ على مساحات التباعد بين المرضى والأطباء دخل المستشفى وارتداء جميع الممثلين الأقنعة الواقية خلال التمثيل بلا استثناء وحتى جنود التأمين للمستشفى وتقليل مساحات التلامس بين الممثلين لأن مثل هذه التفاصيل هى ما تحقق حالة المصداقية للعمل، ليكتمل تفاعل الجمهور مع الحالة الإبداعية خاصة مع الأشعار المؤثرة لطارق على والموسيقى المعبرة لأحمد نبيل والاستعراضات التى كانت على مستوى الحدث لضياء شفيق وديكور نهى نبيل وماكياج إسلام عباس وإضاءة أبو بكر الشريف وأزياء هبة مجدى.

رابط دائم: 
كلمات البحث:
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق