يبدو أن أزمات هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سي» تتلاحق، فلم تكد تمر أعوام قليلة على اتهام الإذاعة المخضرمة بالتفرقة بين النساء والرجال فى الأجور، حتى واجهت مطالبات حكومية بخفض ميزانيتها خاصة فى ظل فشل استراتيجيتها التجارية فى تحقيق الأرباح المرجوة، حتى طفت على السطح اليوم أزمة الزيادة المطردة فى أجور كبار مذيعى الهيئة ونجومها، بما لا يتوافق مع الأوضاع المالية للشبكة الإذاعية أو للدولة نفسها.
ووفقا للتقارير الرسمية، فإن بريطانيا تعانى حاليا من أزمة اقتصادية طاحنة، سواء من جراء تداعيات الخروج الكبير من أوروبا «البريكست» أو جائحة كورونا أو تبعات الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر بشكل مشين بالنسبة لواحدة من أقوى اقتصادات العالم.
وفى بداية عام 2021، طالب مكتب المراقبة الوطنى البريطانى إدارة بى بى سى بإيجاد حلول للتحديات المالية التى تواجهها، ودعاها لوضع استراتيجية محكمة لمواجهة الخفض الملحوظ فى التمويل الحكومي، بعد خسارتها نحو 119 مليون جنيه استرلينى فى عام 2020 نتيجة سحب الحكومة البريطانية دعمها لإعفاء من هم فوق الـ75 عاما من دفع «رخصة التليفزيون». بل، وطالبتها بالتعامل مع تغير عادات المشاهدة من متابعة برامج التليفزيون إلى التركيز على متابعة البرامج على الإنترنت، والمشاهدة بـ«الطلب» كما يصفها البعض.
ولكن يبدو أن هذه الأزمات المتلاحقة لم تمنع إدارة أشهر إذاعة فى العالم من رفع أجور 6 من أكبر عشرة مذيعين لديها، لتصل أجورهم إلى عدة ملايين بما لا يتناسب مع الأوضاع المالية للشبكة الإذاعية الشهيرة أو حتى للدولة.
فقد نشرت صحيفة «ديلى ميل» البريطانية أمس تقريرا تفصيليا توضح فيه قيمة الأجور والزيادات التى تلقاها أبرز نجوم بى بى سى خلال الفترة الماضية. وأشارت الصحيفة إلى أن نحو نصف المذيعين بتليفزيون بى بى سي، المقدر إجمالى عددهم بـ72 مذيعا، قد زادت أجورهم بشكل مطرد خلال الفترة الماضية، حيث قدرت الصحيفة متوسط الزيادات بـ100 ألف جنيه استرليني. كما أكدت أن إجمالى أجور أبرز المذيعين بهيئة الإذاعة البريطانية شهدت زيادة من 32 مليون جنيه استرلينى إلى 34,6 مليون جنيه استرلينى.
من ناحيته، حاول تيم ديفى المدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية الدفاع عن استراتيجية إدارته، مدعيا أنهم سيطروا على ميزانية النجوم إلى أقصى درجة.
ولكن يبدو أن ادعاءات الهيئة وإدارتها لم تلق قبولا لدى ائتلاف دافعى الضرائب ومديره التنفيذى جون أوكونيل، الذى اتهم بدوره بى بى سى بأنها تفضل «ابتزاز» و»سرقة» كبار السن الذين تجاوزوا سن الـ75 على خفض أجور نجومها المبالغ فيها.
وأشار إلى أنه بعد إلغاء الإعفاءات لكبار السن من دفع ضريبة المشاهدة، أصبحت أموالهم تذهب مباشرة إلى جيوب الأثرياء والنجوم من مذيعى الشبكة الإذاعية الشهيرة، مشيرا إلى أن مدير عام بى بى سى نفسه حصل على زيادة فى أجره بنسبة 15% خلال العام الماضي.
رابط دائم: