رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الانتكخانة..رواية تفضح كواليس نهب تاريخ مصر

رانيا عبدالعاطى

خلال زيارتك عزيزى القارئ لمتاحف عواصم العالم، سيذهلك ذلك الكم الكبير من القطع الأثرية المصرية التى تعود إلى عصر قدماء المصريين التى تزين  تلك المتاحف، لتجد نفسك مدفوعا بسؤال يجول فى خاطرك، كيف استطاع لصوص الآثار سرقة كل تلك الكنوز من مصر، أين كنا نحن على مدار أكثر من قرن ونصف القرن من كل تلك السرقة؟. فى أحدث أعماله الأدبية  «الانتكخانة»، الصادرة عن دار الشروق، يحاول  الروائى ناصر عراق أن يمنحك إجابة عزيزى  القارئ فى صورة جرعة أدبية تحمل  مذاقات متنوعة من التاريخ والسياسة والحب والجريمة والتشويق.

يعود بنا الكاتب إلى الفترة الأخيرة من حكم الخديو إسماعيل، وتحديدا عام 1879، ومن خلال 5 أبطال رئيسيين هم أربع شخصيات ومكان،نتعرف على قصة نهب الآثار المصرية، وفى الفصول المتعاقبة التى تدور كل منها على لسان أحد أبطال العمل  رمضان المحمدى النجار المصرى، ومسيو هنرى بورجيش عالم الاثار المصريه الألمانى الذى قام بتأسيس مدرسة «اللسان المصرى القديم»  لتكون أول مؤسسة علمية لدراسة الآثار المصرية بمصر، وأحمد أفندى كمال   أول عالم آثار مصري ، والفتاة الفرنسية الجميله جوزفين ديور .

أما البطل الخامس للعمل فهو المكان الذى تحمل اسمه الرواية  « الأنتكخانة « وهى أول متحف مصرى والتى أيضا أنشأها الخديو إسماعيل فى بولاق، هذا المكان الذى شهد جزءا كبيرا من تاريخ إعادة اكتشاف الآثار المصرية، وجزءا أكبر من حكاية سرقتها  أيضا .

بروح الصحفى سعى الكاتب جيدا للبحث عن المعلومات التاريخية العامة التى تختص بمجال   علوم المصريات وتحديدا فى منطقة لم يتعرض لها الكثيرون حتى الآن سواء فى أعمال أدبية أو فكرية  عند الحديث عن تاريخ مصر فى الازمنة السابقة والخاصة بعمليات  التنقيب والكشف عن الاثار المصرية  فى القرن التاسع عشر، لتكون المذاكرات الخاصه بعالم الآثار الألمانى «هنرى بورجيس» واحدة من أهم مصادر التوثيق الخاصة بالمعلومات المختلفة التى رصدها الكاتب فى عمله، ففند تفاصيل متنوعة عن عمل عالم الآثار الفرنسى الشهير «مارييت» الذى قام بتأسيس الانتكخانة.

تسلط الرواية الضوء على الدور الذى قامت به الجاليات الأجنبية المختلفة التى عاشت فى مصر وتحديدا ممن تولوا مناصب مهمة، فلا يغفل الكاتب عن عرض المشهد السياسى المصرى والخلاف التاريخى حول شخصية الخديوى إسماعيل، وعمليات التنمية والبناء التى قام بها أثناء فترة توليه حكم مصر، لنرى الآراء المختلفة حول  أعماله ما بين مؤيد ومعارض، ليكتفى الكاتب بعرض الحقائق التاريخية فى العديد من القضايا تاركا للقارئ حرية اختيار موقفه من شخصيات العمل الحقيقة ودورهم فى تاريخ مصر .

وفى العمل لم ينس الكاتب منحنا جرعة من الرومانسية والتشويق و أيضا معالجة بعض القضايا الاجتماعية الخاصة بعلاقة الرجل والمرأة ومثلث الحب بين الرجل والزوجة والحبيبة الأخرى ،  وطبيعة الحياة الاجتماعية فى مصر فى تلك الفترة، وانبهار الشاب المصرى بالفتاة الفرنسية، الذى ربما جعله الكاتب رمزا لحالة  الانبهار المصرى بالحضارة الأوروبية التى كانت تعيشها مصر فى تلك الفترة .

رمز آخر حمله لنا العمل فى الشخصية الأكثر شرا فى العمل «رمضان المحمدى» الذى كان لابد أن يلاقى المصير الذى يستحقه، فهو الصورة المقابلة للشاب المصرى أحمد أفندى كمال، ليقدم لنا العمل نموذجين لشابين مصريين نقترب من أحلام كل منهما، أحدهما عاشق للآثار المصرية، والآخر سارق لها، ورغم أن رمضان المحمدى  ليس الوحيد الذى ارتكب الأخطاء، وجريمة سرقة الاثار المصرية فى الرواية، إلا أن الوحيد الذى لن تستطيع أن تتعاطف معه، ولن تجد فى حواراته الذاتية التبريرية   ما يجعلك تتفهم موقفه  تلك الحوارات التى تتكرر على لسان كل الأبطال الآخرين لتبرير اخطائهم ،  حتى لو كانت جريمتهم،سرقه تاريخ حضارة مصر .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق