قرار تاريخى بدعوة فنلندا والسويد للعضوية.. وأمريكا تعزز وجودها العسكرى بأوروبا
فى ظل تطورات عسكرية وجيوسياسية يشهدها العالم، ووسط إجراءات أمنية مشددة، اجتمع أمس قادة دول حلف شمال الأطلنطى الـ"ناتو" بالعاصمة الإسبانية مدريد للبحث فى مستقبل الحلف عقب العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، وذلك فى قمة وصفت بالمحورية لمصير الحلف فى السنوات المقبلة.
واعتبر قادة الحلف فى بيان "روسيا تمثل التهديد الأكبر والأكثر مباشرة" لأمن واستقرار أعضائه، وأن سياسات الصين التى تميل لاستخدام القوة والتهديدات تمثل تحديا لمصالح الناتو وأمنه وقيمه.
وندد القادة بما وصفوه بـ"الوحشية المروعة" التى تمارسها روسيا فى أوكرانيا وتعهدوا بتقديم المزيد من الدعم السياسى والعملى لكييف لمواجهة القوات الروسية.كما أوضح البيان أن "سياسات الصين بتغيير الواقع بالقوة تمثل تحديا لمصالحه".
وفيما يتعلق بالصين، فإنها تستخدم "مجموعة واسعة النطاق من الأنشطة السياسية والاقتصادية والعسكرية" لاستعراض قوتها، وفقا لما جاء فى العقيدة الأمنية الجديدة، لتوضيح وجهة نظر الحلف فيما يتعلق بالصين للمرة الأولى.
واتفق قادة الحلف على دعوة فنلندا والسويد رسميا للانضمام إلى الحلف بعدما أبرمت تركيا اتفاقا مع الدولتين لرفع اعتراضها على عضويتيهما، كما أفاد بيان عن القمة. وأوضح البيان : "اليوم، قررنا دعوة فنلندا والسويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسى ووافقنا على توقيع بروتوكولات الانضمام".
وقد وقع قادة الناتو على "المفهوم الاستراتيجي" للحلف، وهو برنامج عمل يحدد أهداف المنظمة ومهامها للسنوات العشر القادمة، والتى تم تعديلها للمرة الأخيرة فى ٢٠١٠.كما اتفق القادة على تكثيف التعزيزات فى أوروبا الشرقية فى ضوء العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا.ويخطط الحلف لزيادة عدد قوات الرد السريع التابعة للناتو من نحو ٤٠ ألفا إلى أكثر من ٣٠٠ ألف عسكري.
وكان ينس ستولتنبرج الأمين العام للناتو قد أعلن فى مستهل القمة عن قرارات رئيسية تعتزم القمة اتخاذها لإحداث تغييرات بالحلف من بينها الإعلان عن مفهوم "استراتيجى جديد" يحدد توجه الناتو للمستقبل فى عالم أكثر تنافسية وخطورة"، وذلك فى أول مراجعة لخارطة طريق الحلف منذ عام ٢٠١٠ ، فضلا عن إحداث تحول جوهرى فى سياسات الردع والدفاع إلى جانب الالتزام بدعم قوى وطويل الأمد لأوكرانيا وتعزيز التعاون بين الحلفاء. وشدد على أن قمة مدريد "تاريخية" بينما يواجه الحلف "أخطر أزمة أمنية منذ الحرب العالمية الثانية".
متظاهرة تبكى بعد سماع النشيد الأوكرانى أمام مقر اجتماع الناتو أ.ف.ب
وفى سياق متصل، أعلن الرئيس الأمريكى جو بايدن أن بلاده "ستعزز وجودها العسكرى فى أوروبا" كى يتمكن حلف الناتو من "الرد على التهديدات الآتية من كافة الاتجاهات وفى كل المجالات: برا وجوا وبحرا".
وقال، خلال مشاركته بالقمة التى وصفها بأنها "تكتب التاريخ"، إنه سيتم تعزيز الوجود العسكرى والإمكانات العسكرية الأمريكية فى إسبانيا وبولندا ورومانيا ودول البلطيق وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا.
وأضاف :"نحن على الموعد..و نثبت أن الناتو ضرورى أكثر من أى وقت مضى".
ورأى بايدن أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين كان يريد "جعل أوروبا مثل فنلندا" أى جعل الدول الأعضاء فى الناتو تتبنى موقفًا حياديًا، إلا أنه شهد بخلاف رغبته، توسعا للحلف ليشمل دولا أوروبية إضافية. ومن جهتها، أعلنت رئاسة الحكومة البريطانية أن رئيس الوزراء بوريس جونسون دعا كل دول الناتو إلى زيادة نفقاتها العسكرية ردا على العملية العسكرية الروسية لأوكرانيا من أجل "إعادة تشكيل قوة الردع وضمان الدفاع خلال العقد المقبل" .
ومن ناحية أخرى، حضر رئيس الوزراء اليابانى فوميو كيشيدا قمة الناتو بمدريد، ليصبح أول زعيم يابانى يحضر مثل هذه القمة، حيث يسعى الحلف إلى تعميق العلاقات مع الشركاء فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ وذلك على خلفية التحدى الصينى الذى يلوح فى الأفق .
ودعا الناتو قادة اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا، وهى دول يعتبرها الحلف الذى يتخذ من بروكسل مقرا له دولا شريكة له فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، إلى حضور القمة فى خطوة غير مسبوقة أيضا.
ونظرا لأن الحرب الروسية فى أوكرانيا زادت من المخاوف من أن نقطة الاشتعال العسكرى التالية المحتملة قد تشمل الصين فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ، فمن المتوقع أن يدعو كيشيدا إلى التكاتف ضد أى محاولات لتغيير الوضع الراهن بالقوة، بغض النظر عن المكان الذى يحتمل أن تحدث فيه فى العالم.
رابط دائم: