إيمانا بخطة الدولة لإرساء دعائم الحياة الكريمة فى مختلف أقاليم مصر وتحقيقا لمبدأ عدالة توزيع الخدمات الثقافية فى المناطق المحرومة وفق رؤية منهجية تسير عليها وزارة الثقافة منذ تولى الفنانة الدكتورة إيناس عبدالدايم تلك المسئولية الكبيرة، دعت لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة عددا كبيرا من المسرحيين
شمل كتابا ومخرجين وأساتذة دراما ونقادا وإداريين أصحاب خبرات وتجارب فى مسارح الهيئة العامة لقصور الثقافة للمشاركة فى مائدة مستديرة تهدف إلى تقديم تشخيص دقيق لما يعانيه المسرح المصرى فى الأقاليم من مشاكل وتحديات وطرق حلها بمقترحات عملية ومبتكرة قابلة للتنفيذ وتتفهم ظروف الدولة فى الوضع العالمى الراهن.
وطلب المخرج المبدع عصام السيد صاحب المبادرة من جميع المشاركين فى البداية عدم الخوض فى تفاصيل ذات طابع فردى أو التفرع إلى قضايا شخصية، فالمسرح المصرى ــ على حد تعبيره ــ ينتظر من مبدعيه ومحبيه حلولا وتصورات تحفظ له مساره وتزيد من رونقه.
وقدم الفنان عصام السيد فى مستهل الدعوة مجموعة تساؤلات تختزل القضايا الرئيسية ساعيا لأن يشارك الجميع فى البحث عن إجابات لها وهى: هل يملك المسرح تاُثيره القديم وسط انتشار وسائل التواصل الاجتماعى الحديثة وبعد أن أصبح لكل فرد منصته الخاصة؟ وما الدور الاجتماعى لمسرح الأقاليم فى ظل التغيرات السياسية وما يجب أن يكون عليه؟ وهل نسعى لمسايرة الأشكال الفنية المتطورة على الساحة العالمية أم تلك النابعة من البيئة المصرية؟ وهل يسعى مسرح الأقاليم لصنع فنان محترف أم لصنع فنان مؤثر فى إقليمه؟ وما أهمية المهرجانات المتعددة وهل تغنى عن المواسم الفنية والنشاط المنتظم؟ ومشكلة المسارح المغلقة والعروض التى لاتأخذ حقها فى التقديم والتجوال وكذلك العلاقة بين المبدع ولجان المشاهدة أو التحكيم والمعايير التى يجب أن تحكمها.
كما تطرق إلى معوقات الإنتاج ماليا وإداريا ودور الرقابة وحدود مسئوليتها، ولماذا لا تصدر الرقابة قائمة بالممنوعات حتى تكون واضحة فى عيون صناع العمل المسرحى ولا خلاف حولها.. ومستقبل فرق الأقاليم والأسلوب الأنسب لنجاحها واستمرارها..
وقد تضمنت المائدة المستديرة ست جلسات على ثلاثة أيام، حملت الجلسة الأولى عنوان ماذا نريد من المسرح الإقليمي؟ وأدارها الناقد د. أحمد مجاهد صاحب الخبرة العملية الطويلة حيث تولى عدة مناصب قيادية بوزارة الثقافة متصلة بالإبداع المسرحى منها رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة وقطاع الإنتاج الثقافى وعلى دراية بتاريخ مختلف القضايا الفنية القديمة, بينما بحثت الجلسة الثانية المعوقات التى تحول دون أداء دور المسرح الإقليمى وأدارها د. محمد الشافعى وله إسهامات بحثية عديدة كما تولى إدارة المهرجان الدولى للمسرح التجريبى فى أكثر من دورة.. فضلا عن تشربه العمل المسرحى منذ نعومة أظفاره لكونه نجل رائد المسرح الشعبى الراحل الكبير عبدالرحمن الشافعى.
وتضمن اليوم الثانى جلستين الأولى حول المعوقات المالية والإدارية فى الأقاليم وأدارها الشاعر أحمد البنهاوى والثانية بعنوان الرقابة أدارها المخرج أحمد طه.. وتناول اليوم الأخير من المائدة جلسة واحدة بعنوان مستقبل فرق الأقاليم أدارها الفنان المبدع عزت زين الذى بدأ منذ سنوات طويلة فى مسرح قصور الثقافة قبل أن يلمع نجمه فى أعمال فنية عديدة فى الدراما التليفزيونية والمسرح ولعل من أبرزها دور مولانا جلال الدين الرومى فى مسرحية قواعد العشق الأربعون من إخراج عادل حسان ودور الباشا متقلب المزاج فى مسرحية حلم جميل من إخراج إسلام إمام.
واختتمت فعاليات المائدة المستديرة بجلسة إقرار التوصيات والتى أدارها الأستاذ محمد جابر والحقيقة أن مسرح الأقاليم هو البوابة الرئيسية لإنقاذ المسرح المصرى من أزماته فهو يمد الساحة بمئات المواهب الطازجة والمختلفة فى الكتابة والإخراج والتمثيل وسائر عناصر الإبداع كما أنه يفسح الطريق لرؤى شبابية جديدة مثل أقاليم ثقافية متنوعة ويحوى كنزا من التراث والتجارب العديدة ويعتبر أيضا خط الدفاع الأول ضد الأفكار الرجعية والمتطرفة باعتبار أن فن المسرح يقدم إبداعا حيا متصلا بالمشاهد ويملك القدرة على التأثير والتأثر إذا ما ذللت أكبر العقبات من طريقه وسار فى الاتجاه الصحيح.. وهى مبادرة طيبة من لجنة المسرح فى المجلس الأعلى للثقافة تؤكد صدق العزم على التطوير والإصلاح وملاحقة خطوات البناء فى الجمهورية الجديدة.
رابط دائم: