رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تحمل كاميرتها وتجوب شوارع الإسكندرية..
منى حسن: ألتقط ما نسـيه التاريـخ على جدران الدكاكين

نادية عبدالحليم
مهندسة الديكور الفنانة منى حسن

تحتضن أحياء وشوارع الإسكندرية روائح التاريخ، فتحكى الكثير من القصص التى تميزها عن سائر المدن، وإذا كانت من أهم مااشتهرت به هو متاجرها ومطاعمها ومقاهيها ذات الجدران الكلاسيكية الفخمة، والتى لطالما ذكرها المبدعون من شعراء وأدباء وتشكيليين فى أعمالهم، فإنه هذه المرة يتم الاحتفاء بتوثيق جدران دكاكينها العتيقة الصغيرة التى تضم حرفاََ يدوية ونشاطات تجارية بسيطة.

..........................



فى إطار مشروعها الفوتوغرافى توثيقى تقوم الفنانة منى حسن مهندسة الديكور والتى شاركت فى العديد من معارض التصوير برصد دكاكين المدينة فى الأحياء والأسواق القديمة لتسهم فى التأريخ لها من خلال ما تبوح به جدرانها بمعلقاتها ومفرداتها وصورها، إضافة إلى تتبع مجموعة من بيوتها القديمة التى سكنتها أسر مصرية أصيلة؛ لتأخذنا فى رحلة إلى أزمنة بعيدة وثقافات مختلفة شديدة التنوع والتميز فى المدينة الكوزموبوليتانية.


مشروع الفنانة منى حسن يغوص فى الماضى

تقول الفنانة: «تتمتع الإسكندرية بطابع خاص تستمده من أصالة ماضيها وروح ساكنيها الذين حفروا قصصاً على جدران التاريخ مابين دكاكينها وبيوتها القديمة: «أحاول أن أستمع إلى ماتبوح به الجدران من خلال زيارتى للدكاكين والبيوت، ومن ثم توثيقى لها عبر مجموعات من الصور الفوتوغرافية سيضمها معرض فنى قريباً».

وتواصل: «تولدت فكرة المشروع لديَ حين كنت أدخل الدكاكين القديمة فى الإسكندرية وألاحظ أن معظمها لا تظهر فيها لون جدرانها من كثرة ما عٌلق عليها من مفردات وصور»، وتتابع: «ولاحظت أنه بالضرورة تكون هناك صورة مُعلقة لشخص ما على الجدران، وهى فى الغالب تكون للجد أو الأب صاحب الدكان المتوفى، حيث يحرص الورثة على الاحتفاظ بها كنوع من الوفاء له، لاسيما أنه فى السابق يختلف عن الحرفى أوالبائع فى يومنا اختلافاً كبيراً، فقد كان جزءاً أساسياً من الحى وله دور اجتماعى حيث كان يمارس نوعاً من التوجيه والتواصل فى الحارة أو الشارع، إلى جانب دوره فى المحافظة على التراث».

تخطت معظم الدكاكين التى صورتها منى حسن حاجز المائة سنة عمراً، وبالرغم من أن بعضها لا تتجاوز مساحته أمتار الأربعة فقد أفنى أصحابها طيلة حياتهم داخلها وفق الفنانة التى أضافت قائلة: «فى البداية شعرت أن كل دكان يحكى قصة مهنة أوحرفة مختلفة يتوارثها الأبناء عن الآباء جيلاً بعد جيل، لكن حين تعمقت فى المشهد أمامى وما تحمله الجدران من مفردات وصور اكتشفت أنها قصة مدينة، بل ربما قصة الإنسانية ذاتها التى لخصها الشاعر اللبنانى وديع سعادة فى مقولته «بين هذه الجدران أمضيت حياتك.. وُلدتَ فى الزاوية.. وأقصى رحلة كانت من الجدار إلى الجدار».

ويرصد حرفا فى طريقها للأندثار

حين تتأمل الصور يدهشك أنه إذا كان بعض الفوتوغرافيين قد قاموا بتصوير الورش و المتاجر القديمة فى كثير من المدن من قبل فإن «منى» تتمتع باهتمام مختلف لأنها لاتحتفى فى المقام الأول بتسليط الضوء على الحرفة أومهارة صانعيها إنما تغوص فى دواخل البشر وفى الماضى بحكاياته التى لاتنتهى، كما أنه يجمع بين الجدران تشققات تخبرك عن تفاصيل تائهة عبر الزمن: «لا أهتم فى التصوير بـ «اللاند سكيب» أو المعمارأوالمناظر الطبيعية لكن أحتفى بالإنسان، وإذا كنت فى أعمالى السابقة التقط صوراً لبشر أحياء ينظرون إلى أثناء التصوير فإننى هذه المرة شعرت فى لحظة التقاط صور للجدران وما يعلوها من بورتريهات لشخوص فارقونا أن من ينظر لى فى الكادر هو تاريخ مدينتى وذكريات ناسها وإخلاصهم لمهنتهم».

تحكى فوتوغرافيا المشروع عن قصص من دفتر الزمن، فتارة تكشف عن تمسك أصحاب الدكاكين على بساطتهم بالظهور بكامل أناقتهم فيتمتعون بمظهر كلاسيكى أنيق فى صورهم الشخصية، وتارة أخرى تبرز اعتزازهم بالتصويرمع زائرى الدكان من نجوم الفن والرياضة والسياسة ممن جاءوا للشراء أولإصلاح سياراتهم أو ساعاتهم وغير ذلك كل حسب نشاطه، كما تعثرعلى بورتريات لمشاهيرالسياسة ومن أبرزهم الزعيم جمال عبدالناصر، إلى جانب براويز نحاسية تتمتع بزخارف إسلامية والآيات القرآنية والساعات القديمة وأوراق مدون عليها ملاحظات أوقائمة مشتريات مطلوبة للعمل بخط اليد، وقصاصات من صحف قديمة تسجل أحداثاََ تاريخية مرت بها مصر، وأدوات تتعلق بطبيعة العمل مثل أسلاك أو خيوط، تقول «لكل جدار حكاية لكن يجمع بينها الأصالة التى تخبرك عن تفاصيل تصر على البقاء».

اللافت أن عدداََ من هذه الدكاكين تقدم حرفاً قديمة بعضها فى طريقها للاندثار، فتنقل لنا الصور جدران دكاكين صناعة الموازين والسجاد اليدوى والترزية وكراسى وطاولات المقاهى القديمة والشماسى والشيشة ومطاحن البن العتيقة والمشغولات النحاسية والخشبية، تقول الفنانة: «لم يكن لأى دكان أن يستهوينى، لذلك لم أوثق للمحلات الحديثة الخالية من روح مصر لكنى أقدم دكاكين عتيقة تمثل إرثاً سكندريا بامتياز، وهومايحمل دعوة إلى التمسك بتراثنا العريق». وتتابع: «ثمة فروق شاسعة بين جدران زمان والآن، ففى حين كانت القديمة مطلية ببصمات تأثير أصحابها على الفنون اليدوية وبحبات عرقهم وأنفاسهم فإنها الآن باتت تخضع لديكور حديث ملىء بالمبالغات وخال من روح مصر، وما يحزننى أن بعض أصحاب الدكاكين قالوا لى نخشى ألا تجدين أثراً لنا إذا ماقمت بتكرار الزيارة!».

وفى السياق ذاته تتنقل بنا أعمال الفنانة إلى أحياء عتيقة فتقدم لنا على سبيل المثال جدران بعض دكاكين حى العطارين بملامحه ذات الطرازين اليونانى والإيطالى ومنه ننتقل إلى متاجرأحياء أخرى ومنها «كوم الدكة» المعبق برائحة الفن والذى تكاد لاتخلو مقهى أو دكان فيه من صور الموسيقار سيد درويش ابن الحى. وتكشف الصورعن الطابع متعدد الثقافات للإسكندرية فنجدها تبرزحكايات أصحاب بعض المتاجر من أصول شامية وإيطالية ويونانية، ومنها أقدم محل للبن بالمدينة، بدأ عام 1908 ويستوقفك أن جدرانه تحمل صوراََ لأيقونات مصرية مثل أم كلثوم وعبدالحليم وعبدالوهاب وتوفيق الحكيم».


رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق