رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

المنصات الاجتماعية.. بين مراقبة المحتوى وحرية التعبير

هدير الزهار

شهد العقد الماضى ازديادا ملحوظا فى جرائم العنف النابعة والناتجة عن خطابات الكراهية التحريضية عبر الإنترنت فى جميع أنحاء العالم، حيث أفضت غالبية التقارير والأبحاث الصادرة حديثا إلى أن هناك علاقة وثيقة ومباشرة بين المنشورات والمقاطع المصورة التى تحض على الكراهية على منصات التواصل الاجتماعى، والتزايد العالمى لمعدلات جرائم العنف تجاه المهاجرين والأقليات وعمليات إطلاق النار الجماعية والتطهير العرقى وغيره، وذلك بعدما باتت الوسيلة الأسهل والأوسع انتشارا لبث الشائعات والفتن.

وتعرف الشبكات الاجتماعية «خطاب الكراهية» بأنه هجوم مباشر على الأشخاص على أساس العرق، والدين، والجنس والمرض والحالة الاجتماعية والإعاقة. وقد تم رصد نحو 15.1 مليون منشور يحض على الكراهية عبر موقع «فيسبوك»، خلال الربع الأول من العام الحالى فى حين نشر فى الربع الرابع من عام 2021 نحو 17.4 مليون منشور. بينما شهد موقعا «فيسبوك وإنستجرام» مستوى قياسيا من المنشورات التحريضية فى الربع الثانى من عام 2020 حيث تمت إزالة نحو 22.5 مليون منشور على فيسبوك و 3.3 مليون على انستجرام.

وقد طالت منشورات الكراهية الإلكترونية قارات العالم أجمع، نظرا لتواصل جزء كبير من سكانها عبر المنصات الاجتماعية، وتركت آثارها الشنعاء التى لم تقتصر على القول فقط، بل راح ضحيتها العشرات بل المئات. ففى ألمانيا، تبين أن هناك علاقة بين المنشورات المناهضة للاجئين على فيسبوك التى ينشرها حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليمينى المتطرف والهجمات على اللاجئين. وفى الولايات المتحدة الأمريكية، كانت غالبية حوادث إطلاق النار التى شهدتها خلال الأعوام الماضية ينخرط مرتكبوها مع جماعات تؤمن بتفوق العرق الأبيض على الأسود، وتهدف لنشر أفكارها عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وتطالب بتنفيذ أهدافها باللجوء للعنف. وفى ميانمار، أكدت بعثة تقصى الحقائق التابعة للأمم المتحدة، أن مواقع التواصل الاجتماعى، وخاصة فيسبوك، كانت الأداة الأساسية للقوميين البوذيين لنشر الكراهية وتشويه سمعة أقلية الروهينجا المسلمة قبل حملة التطهير العرقى وأثناءها، وعلى الرغم من أن الروهينجا يشكلون نحو 2٪ فقط من السكان، فإن البوذيين زعموا أن الروهينجا سيحلون محل الأغلبية البوذية!.

ومن ثم بات على المجتمعات مواجهة ما تنشره المنصات التكنولوجية المستخدمة على نطاق واسع، وذلك باللجوء للسياسات الرقابية للمحتوى للحد من خطاب الكراهية، وهى المسئولية الملقاة على عاتق حفنة من الشركات التى تتحكم فى تلك المنصات، والتى باتت تعتمد على مزيج من الذكاء الاصطناعى والتقارير البشرية لرصد وإزالة المنشورات التى تنتهك قواعد مكافحة التحريض على الكراهية والعنف والتعصب، ضمن سياسات جديدة تبنتها المواقع فيما يتعلق بالمحتوى المناسب، والتى بسببها يتحمل المنسقون عبء غربلة هذا الحجم الهائل للمحتوى، وما يسببه ذلك من آثار نفسية وخيمة.

لكن هذه الشركات مقيدة بالقوانين المحلية، ففى الديمقراطيات الليبرالية، يمكن أن تعمل هذه القوانين على نزع فتيل التمييز ودرء العنف ضد الأقليات. لكن على صعيد آخر، ينظر لها على كونها نوعا من المخاطرة بالحد من حرية التعبير لإمكانية استغلالها لقمع الأقليات والمعارضين، لما تنطوى عليه تلك السياسات من رقابة لمحتوى المستخدمين.

أما الاتحاد الأوروبى، فقد اتخذ خطوات صارمة وحاسمة بموافقته على العديد من القوانين التى تنظم مساحة وسائل التواصل الاجتماعى لحماية القطاعات الضعيفة فى المجتمع، بما فى ذلك الأقليات. ففى أبريل الماضى، وافق الاتحاد الأوروبى على قانون يسمى بـ «قانون الخدمات الرقمية»، يهدف إلى «معالجة الأضرار المجتمعية لوسائل التواصل الاجتماعى من خلال مطالبة الشركات بمراقبة أكثر قوة لمنصاتها، باتخاذ إجراءات صارمة ضد المعلومات المضللة وخطاب الكراهية، أو دفع غرامات تقدر بمليارات الدولارات». وهو ما دفع شركات التكنولوجيا إلى وضع سياسات وإجراءات جديدة لإزالة المنشورات التحريضية والداعية للعنف والإرهاب، وغيرها من المواد التى تعتبرها دول داخل الاتحاد الأوروبى غير قانونية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق