رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أعمالها سِفرَ محبة ورسالة حياة: رحيل رسامة الشوارع الفرنسية التونسية «ميس تيك»

نسرين مهران

فقدتْ جدران باريس الأيام الماضية مُبدعة «فن الشارع».. الشاعرة ‎راضية نوفات المولودة عام 1956 فى باريس من أب تونسى وأم فرنسية.. رحلت عن عمر ناهز 66 عاما بعد صراع مع المرض.

جميل أن تفتح قلبك لرسوماتها الفنية.. ولكن الأجمل أيضا أن تفتح عقلك لكلماتها الدافئة الرقيقة. قضت الفنانة والشاعر «راضية» طفولتها فى باريس بين شاتو روج وكاتدرائية القلب المقدس.

................

أمضت «راضية» مراهقتها فى أورلى. الفتاة الصغيرة كانت تقدم مسرحيات فى الشوارع التى لايسمح فيها بسير السيارات.

وفى عام 1980، ذهبت إلى منفى اختيارى لمدة عامين فى لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو، حيث انغمست هناك فى استكمال دراستها الفنية. لكنها صدمت من العنف المجتمعى الأمريكى، واكتشفت سطوة المال وانتشار المخدرات، وما لذلك من انعكاس سيئ على المواطنين هناك. بعد قصة حب فاشلة، عادت «راضية» إلى باريس وأصيبت بحزن شديد. لكنها التقت بفنانين من فرقتى ريبولين و«يحيا الفن» الذين كانت لهم بصمة مميزة على الملصقات والافيشات فى الشوارع. منذ تلك الفترة بدأت ممارسة هوايتها بالرسم على الجدران وكتابة شعارات تحررية عليها رسوماتها هزلية أقرب إلى الكرتون، والروك، كما اختارت الاستنسل لأنها تقنية بسيطة. وهى تعد إحدى مؤسسات فن الرسم على الجدران باستخدام «الستينسيل» «سطح رقيق من الورق أو المعدن يتم حفر الرسم فى داخله ثم يرش بالطلاء فينطبع الرسم عبر فراغاته على الحائط».

طُبعت أول صورة لها بالأبيض والأسود على الجدار على هيئة فتاة شابة حكيمة ونحيلة، يداها على ركبتيها. وكتبت بجانب صورتها: «أضع لوحات جدارية لقصف القلوب بالكلمات».

ومنذ عام1985 صارت توقّع أقوالها الأدبية باسم «ميس تيك» وتخطّها بنفسها على جدران المدينة، منها مثلا:«الشعر ترفٌ ضروري» أو «هل الزمن جريمة مكتملة!»، و«لكى تصبح بسيطا، الأمر معقد».. من أقوالها أيضا:«فقط أريد عدالة حقيقية»، و»الوقت هو مسلسل من وهم».

اشتهرت رسوماتها الجدارية «الجرافيتي» بشخصيات نسائية لافتة، سمراوات مثيرات وشاعرات مألوفة ومنتشرة على الجدران فى عاصمة النور. كما شهدت الدائرة العشرون فى باريس تفاوضات مع مجلس المدينة والتجار والمقيمين لطباعة خمسين استنسلًا، سلسلة بعنوان «إلهام ورجال»: بهدف رسم أجزاء من لوحات لرسامين مشهورين.

على مدار أعوام شاركت أعمال «راضية» فى معارض محلية وعالمية.. كل ذلك جعل منها أيقونة نسوية. لا شك أن الفنانين أصدقاءٌ للبيئة، لأن طاقتهم لا تحرقُ وقودا ولا تستنفدُ مواردَ البشرية، ثمة طاقة نظيفة تحركهم دائما نحو الخير، يتلقون كلمات قاتمة أحيانا لكنهم لا يردون إلا بأحسن الكلام. هم كالأشجار؛ رئة العالَم التى تنقى الهواء وبهجة للناظرين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق