رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اتهامات لبعضها بتحقيق مكاسب شخصية وسيطرة الشللية عليها
الصالونات الثقافية .. «وجاهة» ومصالح أم «أندية» إبداع؟!

د. عماد عبد الراضى
الصالونات الأدبية .. فوائد تاريخية لايمكن تجاهلها

  • عبد الغنى: تقاضى البعض أموالا مقابل الندوات كارثة خطيرة
  • أبو العلا: انتشارها وتحولها لتجارة عبث فى المشهد الثقافي

 

تمثل الصالونات الثقافية ظاهرة تاريخية فى حركة الثقافة العربية، بدأت مع سوق عكاظ فى العصر الجاهلى، وتطورت مع الزمن حتى أصبحت فى شكلها الحالى، وكانت أداة لكشف المواهب الأدبية، وأيضا لبحث الظواهر الأدبية، ويختلف عدد من المثقفين من القريبين بشدة من

الصالونات على تحقيقها الأهداف المرجوة منها فى العصر الحديث، خاصة مع انتشارها بشكل غير مسبوق، فما بين مؤيد يرى أنها يمكن أن

تحقق أهدافا سامية لا تتحقق بدونها، ومعارض يرى أنها نوع من «الشللية» التى لا تخدم إلا أغراض صاحب الصالون إما بتحقيق مكاسب مادية أو بفرض اسمه على الساحة للتسلق نحو مناصب معينة أو لضمان الوجود الدائم فى دائرة الضوء. وفى كل الأحوال يظل السؤال: هل هى من باب «الوجاهة» وتحقيق مصالح ضيقة أم أندية إبداع حقيقي؟

 

يرى الناقد د. يسرى عبد الغنى رئيس ومؤسس صالون"الأصالة والمعاصرة" أن زيادة الصالونات أو الملتقيات الأدبية بوجه عام ظاهرة صحية، ولكنها فى حاجة إلى مجموعة أشياء، من أهمها أن كل صالون تكون له رسالة وغاية وهدف، وهذا الهدف ينطلق من الظروف


د. يسرى عبد الغنى .. أحمد أبو دياب

الاجتماعية والسياسية والفكرية التى نمر بها ونحن الآن على أعتاب الجمهورية الجديدة التى من أهم مبادئها "التفكير بجدية خارج الصندوق من أجل الصالح العام"، والثقافة جزء لا يتجزأ من الواقع، فمن الخطأ تقديم ثقافة شكلية بعيدة عن الواقع، لذلك فلابد أن أحدد أهداف الصالون قبل

إطلاقه، وأهم هدف هو الارتباط بالمجتمع وقضاياه ومشكلاته، لأن الثقافة واقع اجتماعى أولًا، وبغير ذلك فإن الصالون سيقدم أعمالًا شكلية لا قيمة لها ولا تقدم ولا تؤخر.

و يضيف :"يُعد اكتشاف المواهب فى شتى المجالات دورًا أصيلًا للصالونات، كذلك فلابد عند مناقشة قضية ما فى الصالون أن نخرج بتوصيات محكمة، وأن نرفعها للمسئولين، وهذا ما أحاول أن أفعله، فبعد كل صالون نستخلص عدة توصيات سواء فى الثقافة أو التعليم أو أى مجال ونرفعها للمسئولين .

ويتابع قائلا :أما تقاضى بعض الصالونات أموالا مقابل إقامة الندوات فهو الكارثة، فقد أعددت أكثر من دراسة عن الصالونات فى تاريخنا الأدبى والثقافى، ولم أر مطلقا صالونا ناجحا تتحكم فيه المادة، وهى ظاهرة سيئة يمكن أن تفتح أبوابًا للغزو الثقافى بأفكاره الخطيرة، فطالما

صاحب رأس المال هو المسيطر، فسيحقق أهدافه مهما كانت خطورتها وسيفرضها على الجميع، فهو يدفع كى يمرر أفكارًا معينة قد لا تلائم الطريق الذى نسير فيه، فهذا باب خلفى يجب أن ننتبه ونحذر منه، لأن رأس المال الخبيث لو دخل هذه التجمعات الثقافية، فسيدخل بأجندته الخاصة بغرض فرضها على الجميع.

ويقترح عبد الغنى ألا يُقام صالون أو تجمع ثقافى إلا بأوراق رسمية، كى يكون بين هذه التجمعات تنسيق وتعاون، بحيث لا يعمل كل واحد منا فى جزيرة منعزلة عن الآخر، وأن يشمل هذا التعاون مؤسسات الدولة الرسمية، كى نتمكن من الوصول إلى هدفنا المتمثل فى النهوض الثقافى.

محدودية النشاط الرسمي

يعتبر القاص حسام أبو العلا أن ظاهرة الصالونات الأدبية انتشرت فى مصر على نحو غير مسبوق، فى ظل محدودية النشاط الثقافى الرسمى للمؤسسات الرسمية غير القادرة على استيعاب الحجم الهائل من الإصدارات الأدبية ومناقشتها، ما دفع الكُتَّاب إلى اللجوء إلى الصالونات الأدبية

التى أسسها بعضهم وأطلقوا أسماءهم عليها اقتداءً بالعقاد أو مى زيادة على سبيل المثال، ولا أرى هذا الأمر إلا عبثًا فى المشهد الثقافى، خصوصًا بعد تحول معظمها إلى "بيزنس" للتربح فى ظل تقاضى بعض هذه الصالونات مبالغ طائلة تصل إلى آلاف الجنيهات، وبعضها أُطلق

بغرض منح ألقاب مبالغ فيها لكتاب وشعراء، كما أن نظامها الحالى يهدر فرص العثور على مواهب جادة، وأرى أن الحل هو تقليص عدد الصالونات، واقتصاره على المنابر الجادة لإثراء الوسط الثقافى بنشاط مفيد.

سلاح ذو حدين

أما القاصة المصرية المقيمة فى إيطاليا عبير السيد فتقول إن الصالونات الأدبية تهدف إلى تشكيل الفكر الثقافى، لكنها سلاح ذو حدين، فهى قادرة على ملء الفجوة الثقافية لشرائح المجتمع، أما إذا لم تستخدم بطريقة صحية ولم تدار من قبل مثقف نبيل متمكن، فإنها ستفقد رسالتها الحقيقية، ومن خلال تجربتى فى الصالونات الثقافية فى إيطاليا، أجد أن هناك تناقضات كثيرة فى الصالونات المصرية، وأن القليل منها فقط


عبير السيد .. د. شروق كمال

يدار بطريقة صحيحة من قبل مختصين قادرين على تحويلها إلى مسارها الصحيح، فيجب أن يستضيف الصالون كل محبى الأدب والثقافة بشكل منظم، وأن يوجد راعٍ يتحمل التكاليف سواء بصورة كاملة أو جزء منها، خشية سيطرة أصحاب رأس المال على الحركة الثقافية،

فالأصل أن تكون هذه التجمعات مجانية أو تحت رعاية الجهات المختصة ودون تكلفة للأدباء والكتاب والمثقفين، من أجل الصالح العام بما أن الثقافة هى الطريق إلى الوعى الحقيقى، أما الصالونات مدفوعة الأجر فستعود بنا إلى الوراء، ليصبح الصالون حكرا على الطبقة الثرية وتتحول البيئة الثقافية إلى بيئة من يدفع أكثر.

وتضيف : سيطرة المجاملة والصداقات دون النظر إلى المحتوى الثقافى وتجاهل الأدب الحقيقى يعد كارثة فى الصالونات المصرية، وهنا أعود إلى "جان جاك روسو" عندما أدرك أهمية الصالونات الثقافية فى إنتاج الفكر، وليس مجرد تقديم آراء أشخاص، فكتب عن عدم جدوى أى لقاءات ثقافية تعمل على تقديم آراء أشخاص دون الهدف الحقيقى وهو إنتاج الفكر، لكن الواقع أن أغلب الصالونات ترعى مصلحة الكاتب أولًا متجاهلة مصلحة المجتمع والجمهور.

الشاعرة د. شروق كمال تشير إلى أن الصالونات الأدبية بدأت كمقرات تستضيف مجموعة من المثقفين لتبادل الحوارات الثقافية والأفكار التى من شأنها أن تنهض بالمجتمع فكريًا وثقافيًا فى الحضارات القديمة الفرعونية والبابلية، ثم ظهر الصالون الأدبى بشكله الحديث فى إيطاليا وفرنسا ما أثّر بشكل كبير على الحركة الثقافية والتحول السياسى والاجتماعى فى أوروبا.

أما فى التاريخ العربى القديم فإن سوق عكاظ كانت من العلامات البارزة فى هذا المجال، وفى العصر الحديث تنوعت المناقشات بين الفلسفة والأدب والصحافة فى صالون العقاد وغيرها من الصالونات المعروفة، مثل صالون مى زيادة وغيرها من الصالونات الرصينة التى أضافت إلى الأدب وأفرزت عددًا من الأدباء اللامعين. و تتابع قائلة :فى مصر هذه الأيام يمكن تقسيم الصالونات الأدبية إلى نوادى الأدب فى قصور

الثقافة والملتقيات الخاصة التى أسسها أصحابها سواء من المتخصصين أو غير المتخصصين، أو حتى من حديثى العهد بالوسط الأدبى الذين تسنى لهم الدخول من بوابة العلاقات العامة "بقصد أو صدفة "، ولا تستغرب حين نقول إن نوادى الأدب يفتقر معظمها إلى الميزانية التى تضمن الاستمرارية فى العطاء المميز، ويصبح إبقاؤها على قيد الحياة مجهودًا ذاتيًا لرئيسها أو بعض أعضائها المهمومين والمهتمين بالثقافة

والأدب. وتضيف كمال :أما الملتقيات الخاصة فيمكن أيضا تقسيمها إلى ندوات خاصة يُختص بها بعض الحضور بدعوات وغير مفتوحة للعامة،تُتبادل فيها المجاملات الأدبية، وملتقيات مفتوحة للجميع بدعوات عامة، ويتراوح النقد فى هذه الندوات عمومًا بين النقد المُعلَّب الذى يشبه

الوجبات السريعة الجاهزة، طعمه مائع وألفاظه مكررة ولا يسمن ولا يغنى من جوع، وبين من يتفيهق ويتشدق بكلام مقتطع من كتب نقد ونصوص لنقاد آخرين، وهؤلاء يقرأون الكتب المقدمة للنقاش فى طريقهم للندوة، أما النقاد الذين يقدمون نقدا مدروسًا فى الصالونات فهم عملة نادرة قل وجودهم الآن.

شللية صالونات الصعيد

القاص أحمد أبو دياب يقول بصوت مرتفع :ليس عندنا فى الصعيد صالونات أدبية بشكل رسمى، بل مجموعة اتفقت على إقامة تجمع أى منتدى، ومع ذلك فالصالونات الموجودة لا تختلف كثيرًا عنها فى القاهرة، فأصبحت للأسف تخضع كثيرًا إلى الأهواء والمصالح الشخصية

والشللية التى تدعم أشخاصًا معينين من خلال النقد والإبداع، لدعمهم لتلقى جوائز أو فرض أسمائهم على الساحة، حتى أصبحت كلمة صالون الآن تعنى "شلة" فى مفهوم المثقفين، وهناك شق آخر يتعلق بعدم تسجيل شخص من المحسوبين على الوسط الأدبى الحضور أو المنجز الأدبى المطلوب، فيلجأ إلى الصالون ليلتف الآخرون حوله، وفى الوقت نفسه يقفون حائلا أمام الشباب الذين يحاولون الحصول على فرصة الوجود فى

الوسط الأدبى، كذلك من أسباب انتشار الصالونات "الوجاهة" التى توفرها لأصحابها، خاصة فى الصعيد الذى يقدر الأدباء بشكل كبير، فيقال إن فلانًا لديه صالون، وبالتالى يأخذ حيزًا من الضوء. و يتابع قائلا :مع ذلك فإن هذه الصالونات لم تتمكن من تحقيق الانتشار الإعلامى للأدباء

كما تفعل صالونات القاهرة، فالحركات والأجيال الأدبية يؤرخ لها من القاهرة، فى صالون أو مجلة أو حركة، وللأسف فشلت صالونات الصعيد فى تعويض الغياب الإعلامى عن أدباء الصعيد، لكنها يمكن أن تشير فقط إلى الأدباء الجيدين، بشرط أن يقوم عليها أحد الأدباء المخلصين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق