رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فتاوى..
«بر الأب» برد مظالمه بعد وفاته.. ولا تجوز الهبة لارتكاب معصية

سهير طاهر
د. محمد نبيل غنايم

اشترى رجل قطعة أرض فضاء من تاجر أراض منذ وقت طويل، وبعد فترة اكتشف أن هذا التاجر قد باعها لآخر ثم مات، فلما طالب أولاده بحقه وأرضه أعطوهم قطعة أرض أقل قليلا من القطعة التى بيعت، فما حكم الشرع فيما حدث فى المرتين؟

يجيب الدكتور محمد نبيل غنايم، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم بالقاهرة، عن هذا السؤال، قائلا: لقد أخطأ التاجر خطأ كبيرا حين باع الأرض مرة ثانية لآخر، ذلك أن الأرض ببيعها للرجل المشترى الأول صارت ملكا له، وانتقلت ملكيتها إليه من صاحب الأرض، والمشترى لم يوكل البائع (صاحب الأرض سابقا) نيابة عنه فى بيعها، فلما قام ببيعها دون أن يستأذن المشترى الأول؛ كان معتديا عليه. وبذلك يكون قد اعتدى على المشترى الأول، واغتصب أرضه، وباع ما لا يملك، ولما مات بقى هذا الدين عليه، وبقيت رقبته معلقة بأدائه، والأولاد شركاء فى الجريمة إن لم يردوا مظلمة أبيهم، ولكن يُحمد لهم أنهم لم ينكروا، وقاموا بأداء ما على أبيهم، وهذا من البر بالأب بعد وفاته. وعلى كل حال ينبغى للمشترى أن يسامح هؤلاء المعتدين لقوله تعالي: «فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ»، ولعل فى عفوه تخفيفا من عقاب الله للتاجر الميت، وأن يخرجه من طائلة قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من اغتصب شبرا من حق أخيه طُوقه فى سبع أرضين يوم القيامة»، وكما قال تعالي: «يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ»، فمن كان مغبونا ومظلوما فى الدنيا ولم يأخذ حقه من ظالمه وغاصبه أخذه منه يوم القيامة حسنات، فإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات المظلوم فطُرحت عليه ثم طُرح فى النار.

هل تبادل الهدايا والهبات له شروط أم أن الأمر متسع ومطلق وبلا شروط ؟

د.نبيل غنايم: إن للهدايا والهبات شروطاً تجعل منها الجائز وغير الجائز أو الحلال والحرام، وفى مقدمة هذه الشروط ألا تكون الهبة أو الهدية بما حرم الله تعالى أو فيما حرمه الله، فلا تجوز الهبة أو الهدية بخمر أو أى من المُسكِرات أو الشئ الخبيث كلحم الخنزير أو الكلب لغير الحراسة، ونحو ذلك مما حرم الله تعالي، حتى وإن كانت الهبة أو الهدية لغير مسلم، لأنه لا تجوز الإعانة بما حرم الله تعالي. كذلك لا تجوز الهبة ولا الهدية لقضاء مصلحة ما، لأنها حينئذ تصبح رشوة، وألا تكون لارتكاب إحدى الكبائر كالقتل أو الإحراق أو الإفساد فى الأرض أو الإعانة على الخطف والاغتصاب، ونحو ذلك مما هو حرام، وكذلك لا تكون للإعانة على ارتكاب الصغائر كشرب الدخان، أو النظر إلى المحرمات، أو الغش فى الامتحان، ونحو ذلك مما يتحول إلى الكبائر. ويُشترط فى الواهب أن يكون مالكا لما يهبه، وألا يكون محجورا عليه لسفه أو جنون أو صغر، وأن يكون بالغا مختارا، فيما يُشترط فى الموهوب له أن يكون موجودا وقت الهبة، فلا تجوز الهبة لجنين أو مفقود، وإن كان الموهوب له صغيرا لم يبلغ؛ قبلها عنه وليه أو وصيه، وكذلك المجنون. ويُشترط فى المال الموهوب أن يكون مملوكا للواهب، وموجودا وله قيمة ومما يمكن تملكه وأن يكون مفرزا وغير مشاع، فإذا اختل شرط من ذلك كانت الهبة باطلة عند جمهور العلماء، وأجازها بعضهم دون هذه الشروط. والصحيح عدم الجواز.

سأل جار جاره عن قرض مقداره خمسة عشر ألف جنيه فأجابه بقوله: معى المبلغ، لكنى أعتزم شراء طن حديد به، فعليك عند السداد أن تشترى لى طن حديد، فوافق المقترض، وأخذ القرض، وعند السداد كان طن الحديد بعشرين ألف جنيه، فما حكم الشرع فى ذلك؟

د.نبيل غنايم: هذا الشرط فى هذا القرض باطل وغير صحيح، ذلك أنه قرض جر نفعا فهو ربا، حيث أخذ خمسة عشر ألفا، ومطلوب منه أن يسددها عشرين ألفا، وكل منهما ليس تاجر حديد حتى يبيع أو يشتري، إنما الذى جرى بينهما قرض حسن، وعلى المقترض أن يرده كما هو دون زيادة أو نقصان، وسيأخذ الأجر والثواب من الله تعالي، حيث مكتوب على باب الجنة إن الصدقة بعشر أمثالها، وصدقة القرض بثمانى عشرة أمثالها.

والأمر هكذا، ينبغى للقادرين من المسلمين أن يساعدوا إخوانهم الفقراء، فـ «من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه، والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه، ومن كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته»، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.

وبالمجمل يجب عليهم أن يقلعوا عن الربا، وعن الحيل والأساليب التى تؤدى إليه. قال تعالى «وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا»، وقال متوعدا المرابين: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ».

وعلى هذا يجب على كل مؤمن غنى أن يجتنب الربا، وكل ما يؤدى إليه، وأن يسارع إلى معونة أخيه ما دام يستطيع ذلك، وأن يبتغى الأجر والثواب من الله، فأجره أعظم، وثوابه أكبر، وهو ذو الفضل العظيم.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق