تمثل منطقة البجوات بواحة الخارجة الأثر القبطى الوحيد الذى سجله التاريخ فى هذه البقعة الواسعة، وهى منطقة غنية بمجموعة كبيرة من القبوات والكنائس، ويعشقها السياح العرب والأجانب، وتحتاج إلى نظرة من وزارتى السياحة والآثار للاهتمام بها واستغلالها، فلو عرف السياح طريقها سيكون لذلك فوائد اقتصادية كبيرة للاقتصاد القومى، خاصة أن منطقة الوادى الجديد بها المقومات اللازمة لاستقبال السياح، سواء من الناحية الأمنية أو توافر الفنادق والقرى السياحية. إضافة إلى البيئة الجميلة والمناخ النقى والطبيعة الخلابة.
فى جولة خاصة بمنطقة البجوات، كان لنا هذا اللقاء مع كوكبة من العاملين بقطاع الآثار بالخارجة، يقول عبد العزيز خضر مدير عام منطقة آثار الخارجة وباريس الإسلامية، إن منطقة البحوث الأثرية تقع الى الشمال من مدينة الخارجة على بعد 6 كيلو مترات تقريبا، وعلى هضبة قليلة الارتفاع تسير مع منحدر جبل الطير، وهذه المنطقة تعد أقدم سجل لدراسة الآثار المسيحية فى مصر وفترة التحول من الديانة المصرية القديمة الى المسيحية، وهى من أهم المواقع الاثرية القبطية، ليس فى الوادى الجديد فقط وإنما على مستوى البلاد؛ لما تضمه من أنماط متعددة ومختلفة، سواء فى الفنون المعمارية أو الفنون الزخرفية القبطية، من حيث تنوع التخطيط وأسلوب البناء فى تلك الانماط، وتحتوى هذه الجبانة على 363 مزارا منها 30 مزارا مهدما، ولا يمكن تصنيفه، والموجود الذى يمكن تصنيفه 233 مزارا، تضم ما يزيد على عشرة طرز معمارية جميعها فى حالة جيدة ، وتعطى هذه المزارات دليلا واضحا على مهارة المنشئ ومدى تحكمه وإبداعه فى التعامل مع «المونة النيئة « وإظهارها فى لوحات معمارية فنية غاية فى الروعة والإبداع ، والتى تتجلى فى العقود المختلفة الأنواع والقباب والقبوات والكرانيش وتبيان الأعمدة. وجميع العناصر الفنية والمعمارية الموجودة على المزارات، وكانت جبال البجوات هى المدافن الرئيسية للواحات الخارجة خلال قرون عديدة، وتعتبر حقلا غنيا لدراسة عمارة الطوب اللبن، وتنفرد هذه المنطقة بحالة الإعجاب من الزوار والمتخصصين فى مجال الآثار، حيث يوجد كثير من رسوم الفريسكو التى يرجع تاريخها الى القرنين الرابع والخامس الميلاديين، وتضم موضوعاتها قصصا من الكتب المقدسة من العهود القديمة والحديثة، كما توجد على جدران المزارات مجموعة كبيرة من النصوص القبطية واليونانية و«المخربشات» العربية. ويقول أحمد على رضوان كبير مفتشى آثار الخارجة، إن من أشهر مزارات منطقة البجوات مزار كنيسة دار السلام الذى يرجع تاريخه الى نهاية القرن الخامس الميلادى، والذى زينت قبته برسوم الفريسكو الجميلة واشتملت على موضوعات كثيرة من الكتب المقدسة؛ منها آدم وايفا، وقصة الذبح ورمز السلام ورمز البشارة ورمز العدالة والنبى دانيال والقديس بولا وتكلا ومركب سيدنا نوح، وجميع هذه الموضوعات ترمز الى السلام ، لذلك سمى المزار بهذا الاسم «مزار الخروج»، و يرجع تاريخه الى القرن الرابع الميلادى وهو مصور(به صور فريسكو)، وهو الذى كان دليلا على أقدمية هذا المزار، وأغلب موضوعاته المرسومة بالفريسكو مأخوذة من العهود القديمة، وقليل منها من العهود الحديثة،منها : آدم وزيوا والغزوات السبع والفتية الثلاثة فى أتون النار ومركب سيدنا نوح، وابراهيم وعبده ، ويونان والحوت ، وسارة وهى تصلى، وقصة الذبح ، ومجموعة اخرى من الانبياء والقديسين. وتضيف أسماء فايز قطب ، مفتشة آثار بالخارجة، أن القصة الأشهر بالبجوات هى قصة خروج بنى اسرائيل من مصر وفرعون مصر يتبعهم، والذى سمى المزار ايضا نظرا لوجود هذا الموضوع الزخرفى به. ومنطقة البجوات تحتاج إلى عدد كبير من البعثات المتخصصة لبحثها ودراستها حتى نستطيع النهوض بها وتطويرها والمحافظه عليها. وفى النهاية يرى الآثريون والخبراء أن المنطقة تعتبر بحالة جيدة و تحتاج الى سرعة فى إجراء الترميم المعمارى حتى نستطيع درء الخطورة عنها .
رابط دائم: