يختلفون عن بعضهم البعض فى أشياء كثيرة، اللغة، الجنسية، المعتقدات الدينية، وحتى لون البشرة، لكنهم جميعا يلتقون عند نقطة واحدة، «الحلم الأمريكى» الذى أصبح بمنزلة «الخلاص» لهم من ويلات ما رأوه فى وطنهم الأم من فقر مدقع وبطالة وعنف عصابات المخدرات، وأخيرا، جاءت لعنة كوفيد-19، ذلك الفيروس الذى قضى على «مناعة» الأنظمة الصحية فى بلادهم وتركها هزيلة لا تقوى على النهوض مرة أخرى.
هم اللاجئون الذين يأتون بالمئات يوميا من مختلف بلدان العالم، من كوبا وفنزويلا وكولومبيا ورومانيا، أو بعض دول أوروبا الشرقية الأخرى، يقفون بالساعات بجانب الحاجز الحدودى الذى يبلغ ارتفاعه 30 قدما بين الولايات المتحدة والمكسيك، يستمدون من نبات الصبار الذى ينتشر فى صحراء سونورا المحيطة بهم القوة والمثابرة أملا فى الفوز بالجائزة الكبرى ومنحهم تأشيرة اللجوء السياسى للولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن صارت الحدود بين البلدين أشبه بباب دوّار لا يتوقف.
على بعد مسافة قصيرة من فجوة ذلك الحاجز الحدودى، وتحديدا فى مقاطعة يوما، جنوب غرب ولاية أريزونا الأمريكية، يجمع فرناندو كويروز، مدير إحدى منظمات مساعدة المهاجرين التابعة للتحالف الإنسانى، أكواما من «مخلفات» هؤلاء اللاجئين، كالأحذية والملابس وجوازات السفر، بجانب حفاظات أطفال ومحافظ نقود وتذاكر طيران وكمامات للوجه، ويحملها من الطريق الترابى إلى حاوية قمامة كبيرة تفيض بالفعل بالممتلكات الشخصية. وتتحول الفوضى التى يحدثها اللاجئون إلى ظاهرة تغذى نظرية اليمين المناهض للهجرة، كما استغلتها أيضا بعض الشخصيات البارزة فى دوريات حرس الحدود الأمريكية مثل براندون جود، رئيس نقابة المجلس الوطنى لدوريات الحدود، والذى زعم فى وسائل الإعلام أن الديمقراطيين سيقومون بإلغاء قانون الصحة العامة « رقم 42»، الذى أقره الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، والذى يسمح بطرد المهاجرين لمنع انتشار وباء كورونا فى مرافق الاحتجاز، وذلك بهدف تغيير التركيبة السكانية للناخبين.
ولم يكتف حرس الحدود الأمريكى بهذا الحد، بل قامت مجموعة منهم بنشر صور للفوضى التى أحدثها اللاجئون على وسائل التواصل الاجتماعى، مع رسالة مفادها أنها «قمامة ونفايات خلفتها الهجرة غير الشرعية».
لكن على الجانب الآخر، أكد كويروز أن الصورة الحقيقية ليست كما يعمد البعض إلى تصويرها، مؤكدا أن حرس الحدود هم من يطلبون من اللاجئين ترك كل متعلقاتهم باستثناء ما يمكنهم وضعه فى حقيبة بلاستيكية صغيرة صادرة عن وزارة الأمن الداخلى، وذلك للوقوف فى الطابور. مؤكدا أن بعض متطوعى التحالف بدأوا فى تنظيف امتداد مقاطعة يوما الحدودية، كما وضعت المقاطعة حاويتى قمامة فى مكان قريب. لكن كويروز ادعى فى نفس الوقت أن بعض السياسيين يشعرون بخيبة أمل لقيامهم بالتنظيف، قائلا: «إنها ليست الصورة التى يريدون رؤيتها من أجل السرد الذى يريدون روايته».
من جانبه، قال متحدث باسم مكتب الجمارك وحماية الحدود إن الدورية لديها «سياسة تحظر بعض العناصر التى تعتبر خطرا على الصحة، بما فى ذلك الملابس المبتلة أو المتسخة، من دخول مرافق الجمارك وحماية الحدود». وأضاف: «يتم تخزين العناصر التى لا تعتبر مهربة أو خطرة على الصحة وإعادتها إلى المهاجر عند الإفراج عنها، أو سترافقهم فى حالة نقلها إلى عهدة وكالة أخرى، لكن يزداد وصول الأشخاص إلى ملاجئ المهاجرين فى الولايات المتحدة بالملابس على ظهورهم فقط وبدون أى هوية».
رابط دائم: