رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«مثل الأفلام الساذجة» التفاصيل الصغيرة للحياة الكبيرة

رانيا عبدالعاطى

«أنت تعيش الحياة من على السطح، أما أنا فأعيش تحت جلدها وأشعر بكل شيء بشكل مضاعف، أحزن وأفرح وأندم بشكل مضاعف «...كانت تلك الكلمات التى اختارتها بطلة « مثل الأفلام الساذجه»، إحدى قصص المجموعة القصصية الأولى للكاتبة الشابة نورا ناجى، الصادرة أخيرا عن دار الشروق، والتى تحمل نفس العنوان.

نستطيع أن نتخذ من عبارة البطلة مدخلا خاصا لاستشعار ما تكشفه لنا المجموعة القصصية من قدرة الكاتبة على رسم لوحات متتابعة من مواقف الحياة البسيطة تغوص فيها فى أعماق النفس وفى جدران الذكريات ، تصف أدق المشاعر ، بقلم من يملك القدرة على التسلل إلى أعماق الحياة والغوص تحت جلدها.

وبين جولة متنوعة فى 22 قصة جاءت فى أقل من 130 صفحة نجحت الكاتبة فى تقديم صور متنوعة من الحياة، لتجسد لنا التفاصيل الصغيرة التى تصنع لنا الحياة الكبيرة، فمن تلك اللحظات التى نشعر فيها أننا نمتلك ذلك المنظور الواسع للحياة، ذلك الشعور الذى نظن أنه سيزداد يقينا كلما مرت بنا سنوات العمر واكسبتنا المزيد من الخبرة، لندرك فى لحظة اقتراب من الذات أننا فى الحقيقة لم نمتلك سوى ثقب ضيق، ولكنه كان باتساع العالم، بما يمثله العالم بالنسبة لنا على نحو خاص، وأن الأشياء التى صنعتنا لم تكن الأحداث الكبرى التى تغير مجرى التاريخ ،ولكنها تلك الأوقات البسيطة والتفاصيل الصغيرة التى صنعت حياتنا الكبيرة . ثقب آخر لقصة أخرى بجوار مجموعة من الثقوب التى تخترق مكانها الخاص فى جدار ليحكى قصة امرأة تشتاق إلى الحرية، انعكاس صورتنا فى مرآة أعيننا وأعين الحياة، الذى يحكى قصة لقاء نسخة قديمة من أنفسنا، ذلك اليقين بأنفسنا الذى كان سببا فى نجاة حياتنا فى لحظة ما، الامان الغائب من نفس فتاة رحل عنها والدها، تلك الندبة التى تركت أثرها فى الجسد بعد حادث ما ترك فى النفس ندبة أكبر نعيش حياتنا سعيا لمداواتها، وقصة الحب المتكررة فى أحداثها وربما تفاصيلها مع الآلاف من القصص لتصبح قصة جديدة شبيه بقصص الأفلام الساذجة. أبواب متنوعة من الروح والمشاعر والذكريات تطرقها نورا ناجى عبر قصصها المختلفة، التى تتشابك معنا فى خيط رفيع من الصعب أن يغفل عنه القارئ خاصة مع ازدياد انغماسه فى قراءة القصة وراء الأخرى، وإذا كان من قراء أعمال نورا ناجى السابقة، ألا وهو تمييز الصوت النسائى وسيطرته بقوة على الحكايات، وجميعهن مكافحات، يحاربن بطريقة أو بأخرى من أجل الحصول على شيء ما فى معظم الحكايات، ففى مرة تكون حريتهن أو ربما سعادتهن، أو محاربة خوفهن الخاص من الوحدة ، بظهور مميز للخوفين الأكثر ألما وتضادا فى نفس الوقت فى الحياة إذا لم نتمكن من فهم الخيط الرفيع بينهما (الخوف من الوحدة والخوف على الحرية ) أو بالمعنى الأكثر ملاءمة للمجتمع الشرقى السعى للحصول عليها. فبطلات نورا ناجى مثل كل نساء العرب، لابد لهن من إثبات جدارتهن من أجل الحصول على الحرية حتى وإن تمثلت فى أن تنتقل امرأة من العيش فى منزل أخيها مع أسرته، للحياة فى منزل صغير تشعر فيه بأنها تمتلك حق تقرير مصير حياتها.

 

اختارت الكاتبة أن تكون بطلات قصتها بلا أسماء، الأمر الذى ربما أسهم فى شعور القارئ بأن القصص جميعها ربما لامرأة واحدة، تقوم باختيار صورة من حياتها تسلط الضوء عليها بعناية تجعلنا نقترب منها بعدسة مكبرة مثل فنان تصوير قرر أن يحول مشهدا عابرا إلى لوحة فنية، باستخدام قدراته الفنية فى استخدام عدسات الصورة ليعيد تشكيل رؤيتنا للمشهد لنزداد منه اقترابا، ليصبح مقطعا من صورة كبيرة تمثل انعكاسا لحياة كاملة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق