رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بعد مرور عام .. «موكب المومياوات» إحياء الهوية المصرية

كتبت ــ دعاء جلال
> ملمح من موكب لايمكن نسيانه

عام أو أكثر قليلا مر على حدث «موكب المومياوات» الذى جرت وقائعه المبهرة فى مطلع أبريل 2021، ونظرا لانشغال جماهير مصر بمتابعة وقائع ومناقشات موسم رمضان الدرامى، فقد توجب تأجيل الاحتفاء بحلول الذكرى الأولى للموكب المهيب، والإنجاز العظيم، إلى ما بعد تراجع زحام رمضان واحتفالات العيد. وتوجب أيضا عدم تجاوز الذكرى الأولى لحدث يعد الحجر الذى حرك المياه الساكنة. فحفل مغادرة 22 مومياء ملكية من مقرها بالمتحف المصرى إلى المتحف القومى للحضارة المصرية بالفسطاط، لم ينجح فقط فى نقل جزء من الحضارة

المصرية العريقة إلى مقرها الجديد، وإنما أعاد الاهتمام بالعنصر «المصرى القديم» للهوية المصرية الثرية ونجح فى تغيير اهتمامات المصريين الموسيقية التى باتت تضم ولعا خاصا بالترانيم الفرعونية وموسيقى الأوبرا الكلاسيكية.

فكان اللقاء مع عدد من الأسماء التى نالت الكثير من أضواء الحدث الفارق واهتمام جمهوره، وكان سؤالهم عما إذا كان هذا الاهتمام قد استمر وانتهى إلى نتائج ذات شأن بالنسبة لإعادة صياغة نظرة المصريين لهويتهم ومدى الاهتمام بمجالات فنية وعلمية رفيعة أسهمت فى إنجاح «موكب المومياوات».


> د. ميسرة عبد الله
ميسرة عبد الله: فى انتظار «منهج الحضارة»

السعى وراء إجابات هذه الأسئلة كانت بدايته عند الدكتور ميسرة عبد الله، الأستاذ بكلية الآثار جامعة القاهرة الذى تولى مسئولية اختيار الترانيم الفرعونية التى تم التغنى بها خلال احتفال «موكب المومياوات»، كما وضع وحقق المعلومات العلمية المرافقة لمختلف المعروضات بـ «المتحف القومي للحضارة المصرية». أوضح الدكتور ميسرة: «ما فعله موكب المومياوات أنه جدد اهتمام المصريين بهويتهم القديمة وطور إدراكهم لتشعب مفردات هذه الهوية. وأنها ليست مجرد نقوش على الجدران ومعالم أثرية، لكنها ثقافة متكاملة ساهمت فى تطوير الشخصية المصرية وثراء حضارتها. الهوية المصرية كيان متجانس شهد مراحل تطور متعددة. لكن لا تآتي مرحلة لتقضى قضاء نهائيا على ما قبلها، بل تتفاعلان. فمثلا، بعض المصريين ظلوا على عبادة الآلهة القديمة حتى بعد دخول الدين المسيحى، وآخر مخطوطات الصلوات للمعبودين إيزيس وأوزوريس ترجع لبدايات العصر الفاطمى».

ويكمل: «كما تتفاعل هذه الهوية إيجابيا مع العوامل الوافدة، فالحقبة اليونانية فى مصر، مثلا، غير مثيلتها فى منطقة البحر الأبيض المتوسط، بل كانت ما يطلق عليه (مصر اليونانية) وهكذا قياسا على باقى الحقب والمراحل. فالمصرى يتفاعل مع الوافد، يأخذ منه، ولكنه يصهره داخل البوتقة المصرية بنجاح.»

ويضيف دكتور ميسرة: «الموكب أيضا جاء دليلا على تحول بالغ الأهمية فى علاقة المصريين بحضارتهم القديمة، فلأول مرة منذ تأسيس علم المصريات عام 1828 فى فرنسا، تكون عمليات التنقيب والاكتشافات الأثرية التى تمت مؤخرا بأيد مصرية خالصة وبدون أى مشاركة أجنبية. وذلك تحديدا بعد أحداث ثورة يناير 2011. فوقتها تم تعليق عمل البعثات الأثرية فى مصر، وبعد ذلك تعذر استئنافها بكامل قوتها السابقة، بسبب توالى الأزمات العالمية. فكان يصعب تمويل بعثات كبيرة وممتدة وفقا لسابق العهد. وهنا، بدأت الاستفادة بمرحلة طويلة من استعداد الأثريين المصريين لتولى مهام اكتشاف حضارتهم.»

وحول تلك المرحلة الاستعدادية، يوضح دكتور ميسرة: « أدرك الأثريون المصريون، ومن أبرزهم الدكتور زاهى حواس، وقت كان يشغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار قبل تحولها إلى وزارة، ضرورة تأهيل الأثريين المصريين وتطوير خبراتهم بالدراسة فى مجالات الحفائر وعلوم النباتات الأثرية والفخار وطبقات الأرض والعظام، وغيرها. وذلك فضلا عن تأسيس مركز للتدريب داخل المجلس، واشتغال الكوادر المصرية بعمليات الكشف عن الحفائر. وتأكدت مهارة وتفانى الكوادر الأثرية المصرية من خلال سلسلة الاستكشافات الأخيرة، وأحدثها كشف منطقة (جبل الهريدي) بسوهاج.»

ويتوقف دكتور ميسرة عند هذه النقطة، موضحا: «إنجاز الأعوام الأخيرة وإحياء الاهتمام بالهوية المصرية القديمة يعد إعادة للحق المصرى. فعلم المصريات بدأ أساسا ليدرس الأجنبى التاريخ المصرى، ولعل فى موقف العالم الفرنسى ميريت باشا، صاحب مشروع إنشاء المتحف المصرى، من مدرسة اللسان المصرى دليلا . فيوم إنشاء المدرسة المعنية بتدريس الحقب التاريخية المختلفة، قال ميريت باشا عبارته الشهيرة : (إذا عرف المصريون تاريخهم، أخذوه منا). ولذلك وقف بالمرصاد للمدرسة التى تم افتتاحها على يدى على باشا مبارك، وأغلقها بعد تخريج دفعة واحدة. واليوم يعود علم المصريات إلى أصحابه».

ويدلل الدكتور ميسرة بزيادة الوعى المصرى بثراء هويته، بأن 90% من زوار متحف الحضارة المصرى من المصريين. وأن المتحف أصبح خلال العام الماضى ثانى أكبر متاحف مصر من حيث جذب الزوار. ومن إنجازات الموكب أيضا، يوضح دكتور ميسرة: « زيادة اهتمام الدوائر التعليمية والثقافية فى مصر بالتاريخ المصرى القديم، وإن كنت أتمنى ان تتم صياغة هذه المدخلات التعليمية والثقافية بقلم رشيق ومتخصص، وأن تستهدف المصرى منذ سنوات طفولته الأولى بمنهج مستقل عن الحضارة المصرية وتنوع روافدها».


> البدرى مع «الناى»
هانى البدرى: تذكير بعراقة «الناى»

يوضح الموسيقار هانى البدرى، عازف آلة الناى الحديث، أن « موكب المومياوات» كان له أكبر الأثر فى مشواره الفنى. وقال: «صار الموكب نقطة مهمة للغاية فى مسيرتى الفنية، وبعد الحفل تواصل معى عدد كبير من القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية، مما كان له أكبر الأثر فى التعريف بصورة أكبر بأعمالى الفنية، وكذلك الاهتمام بآلة الناى بشكل مختلف، فالناى آلة مصرية صميمة فوق أى آلة، وتعد أقدم آلة نفخ فى الحضارة المصرية، ولكن البدرى يختلف فى الرأى الذى يقول إن الذوق الفنى المصرى تغير بعد هذا الحدث، ويؤكد أن الفن المصرى دوماً فى مكانة مرموقة، وهو دائماً دليل للفن فى المنطقة العربية، والمصريون أصحاب حس فنى عال راق على مدار عصور عديدة، ولكن أهمية الحدث والتركيز الإعلامى عليه كان هو السبب فى حرص الناس على متابعته، وبالتالى انبهارههم بالموسيقى الكلاسيكية غير المألوفة للبعض.

وعن أهم الأحداث التى حدثت لهانى البدرى بعد هذا الحدث العالمى، يقول: «كان تكوين فرقة تريولا فى شهر مارس الماضى، لتحقق نجاح كبير فى حفلتين، إحداهما فى ألمانيا والثانية فى مكتبة الإسكندرية. ونستعد حالياً لإقامة حفلة فى 10 يونيو بدار الأوبرا المصرية، وهذه الفرقة تمزج بين ثلاث آلات، الناى والبيانو والإيقاع».


> أحمد منيب
أحمد منيب: دعم لتطوير «آلة الربابة»

«حدث موكب المومياوات كان فارقا فى مسيرتى الفنية»، بهذه العبارة بدأ الفنان أحمد منيب المؤلف الموسيقى وعازف آلتى الكمان والربابة، والذى أبهر العالم خلال الحفل بمزجه بين العزف عليهما معاً. وأوضح فى تصريحاته الخاصة للأهرام،أن ظهوره فى الحفل كعازف منفرد لآلة موسيقية من الآلات المصرية التراثية وهى آلة الناى كان شيئا شديد التميز، فالناى تصدر المشهد كونه أحدث تداخلا بين الثقافة الغربية والشرقية، ولأول مرة يوجد داخل أوركسترا، ويشير منيب على الرغم من أننى فى الأصل عازف كمان، وأن عزفى على آلة الربابة تعلمته بمجهود شخصى. فإن هذا الحدث آثار إعجاب العالم أجمع بآلة الربابة، جعلنى أنا شخصياً أنظر لها بشىء أكثر جدية واحترافية، فدراستى الاكاديمية فى مصر وألمانيا كانت خاصة بآلة الكمان والتأليف الموسيقى فقط، ولكن بعد هذا الحدث أخذت على عاتقى فكرة تطوير هذه الآلة الشرقية الأصيلة، سواء كان تطويرا تقنيا أو تطوير مؤلفات خاصة بالربابة فقط، وكيفية تقديمها بشكل مختلف عن الشكل المتعارف عليه، وتعريف العالم أجمع بهذه الآلة التراثية».

وعما إذا كان قد لاحظ تغيرا فى الذوق الموسيقى لدى البعض بعد حفل المومياوات، يؤكد منيب أن مقولة «الجمهور عايز كدة» مقولة خاطئة تماماً، فبعد هذا الحدث فوجئ بالمواطنين العاديين يقابلونه بإبداء إعجابهم، معاتبين: «انتوا كنتوا فين؟ وإزاى مانعرفش عنكم حاجة؟!»، ويشير إلى أنه بالرغم من امتلاك مصر كنزا ثمينا من الفنانين أصحاب المواهب العظيمة، ولكن للأسف لا يسلط عليهم الضوء الإعلامى ولا يلاقون الدعم المادى بشكل يتناسب مع أهميتهم، فمصر هى بلد الحضارة التى صدرت الفنون والثقافة لكل المنطقة العربية.


> رضوى البحيرى
رضوى البحيرى: «التمبانى» صادفت التقدير

تقول عازفة آلة «التمبانى» رضوى البحيرى، والتى شبهها الكثيرون بملكات مصر القديمة فى الحفل، كان حدث حفل المومياوات بمثابة خط فاصل فى حياتى الفنية، حيث أصبح هناك اهتمام كبير لوجود آلة التمبانى فى معظم الأعمال الموسيقية التى تُقدم، إلى جانب أن الجمهور بدأ يبحث عن معلومات عن هذه الآلة.

وتؤكد البحيرى: «العمل الموسيقى الجيد هو الذى يفرض نفسه على الذوق العام للمتلقى، فالمصريون بطبعهم شعب محب للفنون. ومن هنا باتت مسئوليتى لتقديم فن يحمل رسالة أكبر بعد هذا الحدث، وأصبح هدفى الأساسى هو جذب الجمهور لهذه النوعية من الفنون، وذلك من خلال اشتراكى فى أشكال مختلفة مثل الموسيقى المصاحبة للباليه، وكذلك المصاحبة للعروض الأوبرالية، وموسيقى الفنان عمر خيرت، وغيرها من فنون راقية أسعى دائماً للمشاركة فيها لتحقيق رسالة الفن الهادفة، فهذه الحفلات يكون لها طابع مميز من حيث الجلوس والمظهر والسلوك، احتراماً للعمل والمكان والحاضرين، وهذا الشكل بالتالى يفرض نفسه على الحاضرين، مما ينمى الذوق الفنى الراقى».

رابط دائم: 
كلمات البحث:
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق