ستظل شبكة الإنترنت ومخاطرها دائما شوكة فى حلق الجميع، خاصة مع تزايد عدم القدرة على الاستغناء عنها حتى فيما يتعلق بأبسط الأمور. فالخدمات الرقمية باتت عالما متداخلا فى كل التفاصيل الحياتية بشكل كبير. ومعظم ما يقدم لنا من خدمات أصبح يقدم بشكل الكترونى. بينما تستمر الكيانات السياسية الكبرى فى محاولاتها للتصدى لمشكلات القرصنة وسلبيات التكنولوجية الرقمية التى تكلف العالم المليارات سنويا.
ومن ضمن محاولات السيطرة على المحتوى غير القانونى والضار على شبكة الانترنت، توصل البرلمان الأوروبى مؤخرا والدول الأعضاء به لاتفاقية الخدمات الرقمية التى تتعلق بعدة اقتراحات لايجاد آلية تسمح بالمساءلة القانونية للمواقع التى تبث محتوى ضاراً، كما سيوفر حماية أفضل لمستخدمى الإنترنت وضمان حقوقهم الأساسية، بالإضافة إلى تحديد مجموعة محددة من القواعد فى السوق الأوروبية الداخلية، مما يساعد المنصات الأصغر على التوسع.
وحول هذا الموضوع تقول أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية: «إن اتفاقية قانون الخدمات الرقمية تعتبر اتفاقية تاريخية من حيث سرعة تنفيذها وجوهرها»، مؤكدة أن هذه الاتفاقية «ستعمل على ترقية القواعد الأساسية لجميع الخدمات عبر الإنترنت فى الاتحاد الأوروبى، وستضمن بقاء بيئة الإنترنت آمنة، مما يحمى حرية التعبير وفرص الأعمال الرقمية. وأضافت فون دير لاين، أن هذه الاتفاقية هى «رسالة قوية للأوروبيين وإلى جميع الشركات فى الاتحاد الأوروبى، وأيضا إلى النظراء الدوليين، لترسيخ فكرة أن ما هو غير قانونى فى الحياة العادية يجب أن يكون كذلك أيضا عبر الإنترنت.
من جانبها، أعربت مارجريت فيستاجر، نائبة الرئيس التنفيذى لشركة أوروبا الملائمة للعصر الرقمى، أن تلك الاتفاقية ستسهم فى إنشاء بيئة آمنة وخاضعة للمساءلة عبر الإنترنت، حيث يجب أن تتحلى المنصات بالشفافية بشأن قرارات الإشراف على المحتوى الخاصة بها، وتمنع التضليل الخطير والانتشار الفيروسى وتجنب عرض المنتجات غير الآمنة فى الأسواق. ومن خلال هذه الاتفاقية، يمكن أيضا ضمان محاسبة المنصات على المخاطر التى يمكن أن تسببها خدماتها للمجتمع والمواطنين.
أما تيرى بريتون، مفوض السوق الداخلية، فقد علق على هذا الموضوع قائلا «إنه لابد من وجود التزامات واضحة وقوانين لتنسيق عمل هذه المنصات، خاصة وأن العديد من المنصات الكبرى تفعل ما يحلو لها دون أن تهتم بأى عواقب»، وأضاف بريتون أنه «لابد من وجود عقوبات تتناسب مع الحجم والتأثير والمخاطر». وطالب بريتون كذلك المفوضية الأوروبية بالإشراف على المنصات الكبرى، بما فى ذلك إمكانية فرض عقوبات مالية فعالة ورادعة، تصل إلى غرامة 6٪ من حجم المبيعات العالمى، أو حتى حظر العمل فى السوق الموحدة للاتحاد الأوروبى فى حال تكرار الانتهاكات الجسيمة».
وتنص الاتفافية على ضرورة إزالة المحتوى غير القانونى بشكل أسرع، بالإضافة إلى الحماية الشاملة لحقوق المستخدمين الأساسية عبر الإنترنت، كما ستوفر أيضا تدابير لمواجهة عرض السلع أو الخدمات أو المحتوى غير القانونى عبر الإنترنت، مثل توفير آلية للمستخدمين للإبلاغ بسهولة عن المحتوى الضار، إلى جانب التزامات جديدة بشأن إمكانية تتبع المستخدمين فى الأسواق عبر الإنترنت، وتدابير جديدة لتمكين المستخدمين والمجتمع المدنى من إمكانية الطعن فى قرارات الإشراف على محتوى المنصات والسعى إلى الإنصاف، إما عن طريق آلية تسوية المنازعات خارج المحكمة أو الإنصاف القضائى.
ويخضع الاتفاق السياسى الذى توصل إليه البرلمان الأوروبى والمجلس لموافقة رسمية من قبل المشرعين المشاركين. وبمجرد اعتماده، سيتم تطبيق الاتفاقية مباشرة فى جميع أنحاء الاتحاد الأوروبى وسيتم تطبيقه لمدة خمسة عشر شهرا أو حتى الأول من يناير عام 2024.
وكانت المفوضية الأوروبية قد قدمت اقتراحها بشأن قانون الخدمات الرقمية فى ديسمبر 2020، جنبا إلى جنب مع اقتراح قانون الأسواق الرقمية الذى توصل البرلمان والمجلس الأوروبى بشأنه إلى اتفاق سياسى فى 22 مارس 2022 وستعمل الاتفاقيات السياسية الخاصة بهذين الملفين معا لضمان بيئة إنترنت آمنة ومفتوحة وعادلة فى الاتحاد الأوروبى.
رابط دائم: