د. هدى وصفى أستاذ الأدب الفرنسى بآداب عين شمس تبدو دائما متطلعة لإحداث ثورة على الأطر التقليدية للمسرح وفى النقد الأدبى، وتجسد ذلك فى السنوات التى قضتها فى إدارة المسرح القومى ومسرح الهناجر، حيث فجرت طاقات فى الإبداع المسرحى للشباب تأليفا وإخراجا، ومواهب جديدة فى التمثيل المسرحى كما أنشأت ورشة لفن المسرح لرعاية الأجيال الجديدة، ارتبطت د.هدى بالثقافة الفرنسية منذ التحاقها بالتعليم الابتدائى، وآمنت بأن اللغة هى بيت العالم، فكانت اللغة الفرنسية نافذتها على الثقافة الأوروبية بينما كانت اللغة العربية بيتها الحقيقى والواقعى بتراثها الفكرى وثقافتها الفاعلة، « الأهرام» أجرت معها هذا الحوار..
كيف تابعتِ الدراما فى هذا الشهر الكريم؟
الدراما التليفزيونية تطورت على مستوى تقنيات الإنتاج والإخراج، وزاد عددها، ولكنها تجاهلت ما يعرف بالدراما التليفزيونية التى كانت متوهجة فى المواسم السابقة وأبدعها مجموعة من الأدباء الكبار مثل محمد السيد عيد ومحفوظ عبدالرحمن وأسامة أنور عكاشة وغيرهم، وكانت نقلة فكرية وفنية مبتكرة، وكان يجب إتاحة الفرصة للأجيال الشابة حتى تتواصل مسيرة هذا النوع من الأدب وتجديد دمائه، خاصة أن هناك العديد من النصوص الروائية المعاصرة تصلح للتناول الدرامى التليفزيونى، مع ضرورة الابتعاد عن مشاهد العنف والإغراق فى تناول الحياة فى العشوائيات; لأنه يشوه صورة مجتمعنا فى الخارج، بجانب غياب الدراما الدينية والتاريخية، وهما الأكثر ملاءمة للعرض فى هذه المناسبة الروحية، حيث يجتمع شمل الأسرة بشكل منتظم طوال 30 يوما، وتصل فيها ذروة المشاهدة إلى أقصاها، وهى فرصة سانحة لبث القيم الدينية الصحيحة من خلال شخصيات دينية مشهود لها بالنزاهة والاعتدال لتصبح قدوة صالحة للأجيال القادمة.
لماذا وقع اختيارك على الأعمال المسرحية للكاتب محمد عثمان جلال؟
قمت بإجراء دراسة مقارنة ووجدت أن محمد عثمان جلال ترجم أبرز إبداعات موليير وقدمها على المسرح، واستخدم اللغة الدارجة والسجع، وأيضا قام بتمصير أجوائه.
أصدرت العديد من الترجمات من الفرنسية إلى العربية والعكس فما المعايير التى تتحكم فى انتقاء النصوص وتقديمها للقارئين العربى والفرنسي؟ ولماذا لا تتوازى مشروعات الترجمة العكسية مع الترجمة إلى العربية؟
أنا لا أنظر للترجمة على أنها نشاط فائض أو هامشى فى حركة الثقافة العربية أو مجرد نقل نص إلى لغة أخرى، بل هى تفاعل بين الثقافات وهى جسر انتقال نحو المستقبل، فالثقافة القوية هى التى تسعى للأخذ من الآخر، ولا تخشى الذوبان.أما عن مشروعات الترجمة العكسية فهى لا تلقى الاهتمام الكافى لدى مؤسساتنا الثقافية كما وكيفا، وإصدار سلاسل لترجمة إبداعاتنا الأدبية والنقدية الحديثة والمعاصرة إلى اللغات الأوروبية حلم أتمنى أن يتحقق، وأعلم أن الترجمة العكسية ليست بالأمر اليسير; لأنها تتطلب مترجمين متمكنين من اللغات الأوروبية حتى لا تصل الترجمات مشوهة للقارئ الغربى، وأرى أنه قد حان الوقت للبدء فى خروج هذه السلسلة إلى النور فى أقرب وقت على أن يمنح المترجم أجرا مجزيا لتشجيعه على خوض غمار هذه التجربة الصعبة.
كيف تنظرين إلى تجربتك فى إدارة مسرح الهناجر والمسرح القومى؟
كنت أريد المشاركة فى تأسيس مشروع حداثى مسرحى ومعرفى قائم على حق التعدد والاختيار وحرية الاختلاف، وصنع قيم التقدم ولاشك أن المسرح هو المجال الأفضل بمعطياته لتجسيد هذه الأفكار. ومنهجى كان قائما على تحاور الأجيال والتجارب، والصياغات الفنية، وعلى الجدل مع الواقع، فأنا لم أنظر إلى العروض المسرحية باعتبارها تجليا لتقنيات وأشكال وخبرات نوعية، ولكنها تفاعل مع سياق اجتماعى ومعرفى، ولم أكن مقتنعة أن إدارة المسرح تعنى فقط إنتاج الأعمال المسرحية وعرضها، وإنما كنت أهدف إلى وضعها فى سياق يتيح التفاعل والتحاور وتطوير الخبرات.
رابط دائم: