رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

نافذة على الصحافة العالمية..
جزر سليمان.. تثير القلق فى المحيط الهادئ

فاطمة محمود مهدى
> لقاء يعود لعام 2019 جمع بين ‎وزير الخارجية الصينى ورئيس وزراء جزر سليمان

أول اتفاقية أمنية ثنائية معلنة بين الصين ودولة فى المحيط الهادئ، اتفاقية عقدتها جزر سليمان، وهى منطقة أصبحت مركزًا لحرب جيوسياسية واستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة ونيوزيلندا وأستراليا فى الآونة الأخيرة، ولم يتم الإعلان عن تفاصيل الاتفاقية. ولكن وفقًا لمسودة الاتفاق المسربة، فإنه سوف يسمح للشرطة الصينية المسلحة بالانتشار بناءً على طلب جزر سليمان للحفاظ على «النظام الاجتماعي». كما سيسمح للصين بـ «القيام بزيارات للسفن، وإجراء التجديد اللوجيستى لها، والتوقف والانتقال فى جزر سليمان»، ويمكن أيضًا استخدام القوات الصينية «لحماية سلامة الأفراد الصينيين والمشروعات الكبرى فى جزر سليمان».

وقد أثار توقيع اتفاقية سرية، كثيرا من المخاوف المرتبطة بتوسع النفوذ الصينى على جزر سليمان. وبالتالى على منطقة المحيط الهادئ، وهو ما تناولته صحيفة «الجارديان» البريطانية فى تقارير تضمنت ردود الأفعال الدولية والمحلية والمواقف المتباينة حول الاتفاقية الأمنية المثيرة للجدل، وقد جاء رد الحكومة الأمريكية واضحا وفوريا، وحذرت جزر سليمان، بأنه إذا أدت اتفاقية الأمن مع الصين إلى وجود عسكرى صينى فى الجزيرة الواقعة فى المحيط الهادئ، بأنها «سترد وفقًا لذلك». وقال البيت الأبيض إن وفدًا أمريكيًا ضم كورت كامبل، المستشار الأمنى لمنطقة المحيطين الهندى والهادئ قام بزيارة المنطقة، ونقل هذه الرسالة إلى رئيس وزراء جزر سليمان ماناسيه سوجافارى. وبدوره أكد سوجافارى للولايات المتحدة أنه لن يكون هناك وجود صينى طويل الأمد على الجزر. كما «أشار ممثلو جزر سليمان إلى أن الاتفاقية لها تطبيقات محلية فقط، لكن الوفد الأمريكى أشار إلى أن هناك تداعيات أمنية إقليمية محتملة للاتفاق، بما فى ذلك بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها وشركائها». وأن الولايات المتحدة سوف «تتابع التطورات عن كثب بالتشاور مع الشركاء الإقليميين»، وسوف يلتزم البيت الأبيض بالإسراع فى إعادة فتح سفارته فى العاصمة هونيارا.

وفى ذات الوقت، الاتفاقية تحقق أخطر مخاوف أستراليا، فقد تسمح هذه الاتفاقية أيضًا للصين بإنشاء قاعدة عسكرية على بعد أقل من 2000 كيلومتر من حدودها الشرقية. ووضحت الصحيفة، أن هذه المخاوف مبررة بعدما تم تسريب مسودة نص الاتفاقية الأمنية على الإنترنت، واتضح أن الاتفاق يمنح الجيش والشرطة الصينيين وضعا كبيرًا فى جزر سليمان. وأحدثت الأخبار موجات من الصدمة شعرت بها كانبرا وويلينجتون وواشنطن. و ردًا على التسريب، تم إرسال وفدين من أستراليا إلى هونيارا، لكن المبادرات الدبلوماسية المتسرعة أثبتت عدم جدواها. فلقد تمت الاتفاقية بعد سبعة أشهر من بدء الشائعات حولها ويقول جيمس باتلي، المفوض السامى الأسترالى السابق لجزر سليمان، إن السرية المحيطة بالصفقة كانت متوقعة. فحكومة جزر سليمان كانت تدرك رد الفعل الذى كان سيحدث فى أستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة وما إلى ذلك، وأضاف «لذلك أعتقد أن الفكرة كانت، دعونا نكمل هذا قبل أن يصبح علنيًا». وقال: «يبدو أن النص تمت صياغته فى بكين وتم تقديمه إلى جزر سليمان».»وأن اللغة المستخدمة فى مصلحة الصين إلى حد كبير وليست فى مصلحة جزر سليمان».

وفى الأيام التى أعقبت التسريب، قال وزير الدفاع النيوزيلندى، بينى هيناري، أنه ووزير الدفاع الأسترالى، بيتر داتون، فوجئا «على حين غرة» بمشروع الاتفاق.

ومنذ تسريب مسودة الاتفاق، سعى سوجافارى إلى تهدئة المخاوف بالقول إن بلاده ليس لديها نية للسماح بقاعدة بحرية صينية ،ودافع بشدة عن حق بلاده فى اتخاذ قرارات سياستها الخارجية، مضيفًا أنه «من المهين للغاية أن توصف بأنها غير لائقة لإدارة شئوننا السيادية». وفى إعلانه عن توقيع الاتفاق فى البرلمان، قال سوجافاري: «اسمحوا لى أن أؤكد للناس أننا دخلنا فى اتفاق مع الصين وأعيننا مفتوحة على مصراعيها مسترشدين بمصالحنا الوطنية».

وبدا سكوت موريسون، رئيس الوزراء الأسترالي، مقتنعًا بما أكده سوجافارى ومع ذلك، فقد انشق نائبه بارنابى جويس عن موقفه وعارضه وحذر من أن الصفقة قد تعنى أن جزر سليمان يمكن أن تتحول إلى «كوبا صغيرة خاصة بنا». واستمرت تداعيات الاتفاقية فى الهيمنة على حملة الانتخابات الفيدرالية الأسترالية. يقول حزب العمل إن اتفاقية جزر سليمان والصين هى أسوأ فشل سياسى فى المحيط الهادئ منذ عام 1945، واتخذها كدليل على أن أستراليا كانت نائمة بينما عززت الصين نفوذها فى المنطقة، ودافع سكوت موريسون، عن سجل حكومته فى المحيط الهادئ، والمساهمات الأسترالية فى المنطقة مثل لقاحات كوفيد-19، ومشاريع الكابلات البحرية والاستجابة للأزمات، مثل البركان الأخير وتسونامى فى تونجا، أو ردع أعمال الشغب فى جزر سليمان نوفمبر الماضي، حيث يتم نشر قوات الأمن الأسترالية، وفقًا لأولويات وتوجيهات قوة شرطة جزر سليمان الملكية. بموجب معاهدة أمنية ثنائية بين الدولتين.

وعن موقف نيوزيلندا من الاتفاقية ذكرت الجارديان، قول رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا أرديرن، «إنه بينما تتمتع جزر سليمان بحرية اتخاذ قراراتها السيادية، فقد وافقت سابقًا من خلال منتدى جزر المحيط الهادئ على مناقشة المسائل الدفاعية قبل اتخاذ مثل هذه القرارات». وأكدت: «نحن قلقون بشأن عسكرة المحيط الهادئ ونواصل دعوة جزر سليمان للعمل مع المحيط الهادئ مع أى مخاوف تتعلق بأمنهم». وبالنسبة لسكان جزر سليمان، فإن المخاوف بشأن وجود قاعدة بحرية ثانوية. قالت جورجينا ليبينج، مخرجة أفلام وناشطة شابة من جزر سليمان، إن هناك مخاوف بين الشباب فى البلاد من أن الاتفاقية قد تسمح للحكومة باستدعاء الجيش الصينى لأغراض سياسية مثل سحق الاحتجاجات.

وهناك رسم كاريكاتير سياسى تم تداوله على نطاق واسع فى جزر سليمان على وسائل التواصل الاجتماعى يُظهر المتظاهرين الذين أوقفهم شى جين بينج بالزى العسكري، بينما يقف سوجافارى خلف شى ينادى المتظاهرين: «إنه يحميكم».

ويرى بعض الخبراء، أن عدم وضوح ماهية المزايا الموجودة لاتفاقية مثل هذه بالنسبة لجزر سليمان، وتضمنها بعض البيانات الغامضة للغاية حول نطاقها، يعطى احتمالية انه يمكن استخدامها فى أنشطة أخرى غير المساعدة الإنسانية والحفاظ على النظام العام. هناك أيضًا مخاوف من أن تؤدى الصفقة إلى اضطرابات داخلية فى البلاد، ويقول ماثيو ويل، زعيم المعارضة فى جزر سليمان، إنه يعتقد أن الاتفاقية «تستهدف مالايتا»، المقاطعة الأكثر اكتظاظًا بالسكان فى البلاد، والتى لا تدعم التحول الدبلوماسى من تايوان إلى الصين. وأن المالايتيين سيرون هذه الصفقة على أنها تستهدفهم. لذا فإن هذا يمثل تهديدًا حقيقيًا لوحدة هذا البلد وبالتأكيد للاستقرار الداخلي.

وجاءت ردود الفعل على الصفقة فى جزر سليمان متباينة. وصف بيتر كينيلوريا، رئيس لجنة العلاقات الخارجية فى برلمان جزر سليمان وعضو برلمانى معارض، الاتفاقية بأنها تفيد الصين فقط. وشكك أيضًا فى ادعاء سوجافارى أن حكومته يحق لها التوصل إلى اتفاق لأنه كان قرارًا سياديًا. وتابع قائلاً: «عندما يتعلق الأمر بالأمن، لا سيما فى هذه البيئة الجيوسياسية المتصاعدة ، فإن الأمر أكثر من مجرد قضية وطنية.. المنطقة متأثرة ،وهناك تداعيات. الكثير من المشاكل مؤخرًا مرتبطة بالسياسة والقضايا السياسية التى أدت إلى اندلاع الاضطرابات، لذلك لا أعتقد أن معاهدة أو تنويع أمننا سيضيف قيمة لترتيباتنا الأمنية الحالية». ولكن يرى رئيس وزراء جزر سليمان السابق والنائب الحالى دانى فيليب، إن الاتفاقية ستساعد فى ضمان حماية الأصول الصينية فى البلاد، بعد أن فشلت قوات الأمن الأسترالية التى تم نشرها هناك فى القيام بذلك. ورفضت السلطات الأسترالية مزاعمه. وقال عضو آخر فى اللجنة المعنية بالاتفاقية الأمنية، لا أرى أى خطأ فى فكرة الاتفاق مع المانحين لتدريب وتجهيز قوة شرطة جزر سليمان الملكية لضمان أمن جزر سليمان.

وجاء رد وانج وين بين المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، على منتقدى الاتفاقية، إن الغرض من الاتفاقية هو تعزيز «الاستقرار الاجتماعى» فى جزر سليمان ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ الأوسع. وإن الصفقة تستند إلى مبدأ «المساواة والمنفعة المتبادلة». ورد سوجافارى على المخاوف من الاتفاقية بأن البلاد تحافظ على السياسة الخارجية التى تقوم على أننا «أصدقاء للجميع، لا أعداء لأحد».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق