-
المشروع يستهدف رفع إنتاجية المحاصيل وتوفير 5 مليارات متر مكعب مياه سنويا
-
إتاحة الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة
-
قانون الرى الجديد يمكن الدولة من الحفاظ على المياه ومنع التلوث
المشروع القومى لتبطين الترع خطوة حقيقية نحو الحفاظ على حق الأجيال القادمة فى حصتنا من الماء بجانب تحويل الرى من الغمر الى الأساليب الحديثة، فالمشروعان وجهان لعملة واحدة هدفهما الحفاظ على المياه بما يضمن زيادة الرقعة الزراعية وارتفاع الإنتاج وجودته .
كل هذا كان برؤية مستقبلية للرئيس عبد الفتاح السيسى الذى دعا إلى المشروع القومى لتبطين الترع ومنح المزارعين قروضا ميسرة بدون فوائد يتم سدادها على ١٠ سنوات لتحويل الأراضى إلى نظام الرى الحديث بدلا من رى الغمر لترشيد استهلاك مياه الرى بما يضمن كفاءة المحاصيل.
فى السطور التالية نستطلع آراء الخبراء والمسئولين حول المشروع.
بداية يقول الدكتور رجب عبدالعظيم وكيل وزارة الرى والموارد المائية والمشرف على مكتب الوزير إنه نظرا لما تعانيه بعض الترع من استبحار قطاعاتها المائية وارتفاع مناسيب أفمام الفروع الآخذة من تلك الترع وما يترتب على ذلك من عدم وصول المياه إلى نهايات الترع وبالتالى الفروع، ويتطلب إطلاق كميات أكبر من المياه لتصل الى مناسيب أفمام الفروع الأمر الذى يؤدى الى إهدار جزء من المياه بالبخر والتسرب خلال عملية النقل، لذلك جاء المشروع القومى لتأهيل ورفع كفاءة "الترع المتعبة "تنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية لترشيد الاستهلاك وتعظيم العائد من وحدة المياه والأراضى تماشيا مع سياسة الدولة فى هذا الشأن وبما يضمن وصول المياه إلى المنتفعين فى نهايات الترع والحفاظ على بيئة مياه نظيفة.
وأوضح أن الوزارة بدأت فى تنفيذ أعمال تأهيل «الترع المتعبة» منذ فترة طويلة بالمناطق الأكثر حاجة للتأهيل حسب التمويل المتاح، وتبين من الممارسات العملية أن الترع التى تم تأهيلها توفر كميات الهدر من المياه المقررة لتلك الترع مما شجع الوزارة على التوسع فى أعمال التأهيل بوضع خطة طموحة لاستكمال تنفيذ أعمال التأهيل لحوالى (20 ألف كم طولي) حتى عام 2024.
وأضاف أنه منذ شهر أبريل 2020 تم البدء فى طرح وتنفيذ عمليات التأهيل من خلال أربعة قطاعات هى (الرى ـ تطوير الرى ـ التوسع الأفقى والمشروعات ـ الخزانات والقناطر الكبرى ).
ويصف المهندس السيد على شلبى رئيس مصلحة الرى المشروع الحالى لتأهيل الترع بأنه الأكبر فى تاريخ وزارة الرى حيث لم يسبق العمل بهذا الكم من الأطوال المراد تأهيلها فى وقت واحد، ويبلغ إجمالى الأطوال المستهدفة للتأهيل 20 ألف كم بحلول نهاية عام 2024 بتكلفة 80 مليار جنيه، والمستهدف الانتهاء من 6 آلاف كم منها بحلول يونيو 2022.
عائدات المشروع
ويوضح الدكتور يسرى خفاجى رئيس الإدارة المركزية للتوعية والإرشاد المائى بالوزارة أن العائد من المشروع هو تقليل الإنفاق على أعمال الصيانة والتطهيرات ونزع الحشائش التى كانت تتم سنوياً على الترع قبل تبطينها، والتحكم الجيد فى كميات المياه التى يتم إطلاقها بالترع المبطنة للوفاء بالاستخدامات المختلفة دون التسبب فى إهدارها، إلى جانب إيقاف نزيف التعديات التى انتشرت على جسور الترع والمجارى المائية والحفاظ على منافع الرى على طول جانبى الترع،
وأشار إلى أن المشروع يوفر 13٫5 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ويضمن سرعة وصول المياه لنهايات الترع وعدالة توزيعها وبالتالى التأثير إيجابا على جودة ونوعية المحصول فضلا عن فض النزاعات بين مستخدمى المياه فى نهايات الترع وقلة معدلات الشكاوى وتحسين حالة الأراضى البور الواقعة على نهايات الترع وعودتها للخدمة فى إنتاج المحاصيل الزراعية، و تحسين نوعية المياه وتقليل الملوثات، فضلا عن خفض نسب التلوث البصرى التى تسببها تلك المخلفات، وخلق فرص عمل بالقرى التى يتم التنفيذ بها،والحفاظ على قطاعات الترع للوفاء بالتصرفات المطلوبة لرى الأراضى الزراعية المقررة، واستعادة جسور الترع وتعظيم استغلالها كطرق محسنة بين القرى التى تمر بها الترع، وتحسين الصحة العامة والحالة البيئية مما يعود بالنفع على المجتمع ويرفع القدرة الإنتاجية للأفراد.
وقال إن تحقيق أهداف المشروع يتطلب تعاون الجميع من خلال عدم التعدى على جسور الترع وعدم إلقاء المخلفات الصلبة أو السائلة فى الترع المبطنة، والتحول من «ثقافة الوفرة» إلى "ثقافة الندرة" والاتجاه إلى استخدام الآليات الحديثة الموفرة للمياه وخاصة فى قطاع الزراعة (المستهلك الأكبر للمياه فى مصر) مثل التحول من الرى بالغمر إلى الرى الحديث مثل الرى بالتنقيط والرى بالرشح تحت السطحى حيث توفر أساليب الرى الحديث كميات المياه والأسمدة المستخدمة وتقلل تكلفة العمالة المستخدمة فى إزالة الحشائش وتؤدى إلى زيادة الإنتاجية ورفع جودة المنتجات الزراعية مما يعود على المزارعين والدولة بالنفع .
> الرى الحديث.. ضمانة لكفاءة المحاصيل > تصوير ــ مجدى عبد السيد
نظام تكاملى
ويوضح النائب مجدى ملك عضو لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب أن المشروع القومى لتبطين الترع هو خطوة تأخرت كثيرا فى عقود سابقة على الرغم من أن الأنظمة السابقة كانت تعلم جيدا أن مصر دخلت منطقة الفقر المائى منذ بداية الثمانينيات، وكان توافر الإرادة السياسية الحقيقية للتعامل مع المشكلات المرتبطة بحياة المواطن أهم خطوات اتخاذ القرار لتحقيق الهدف من الاستفادة من مواردنا المائية المحدودة وتعظيمها.
وأضاف أن قرار تبطين الترع تلاه قرار جريء بتوجيه وزارتى المالية والتخطيط بتوفير اعتمادات مالية لتنفيذ المشروع الذى يسمح بالتوسع الأفقى للزراعة ويسمح لوزارة الإسكان بتلبية احتياجات المواطنين من مياه الشرب فى ظل الزيادة السكانية وما صاحبها من زيادة استهلاك مياه الشرب خلال السنوات الـ 10 الأخيرة من 0.7 مليار متر مكعب الى 13 مليار متر مكعب، ونحن بصدد التحول من الغمر الى الرى الحديث سواء الرش أو التنقيط أو التمطير فتلك الخطوة هى التى ستكمل نجاح هذه المساعى للحفاظ على ثروتنا المائية واستخدامها بالشكل الأمثل
وشدد على أن تبطين الترع سيؤدى الى وفرة المياه بها كما أنه سيحسن نوعية المياه لأنه سيحد من التلوث الموجود بالترع كما أن قانون الرى الجديد الذى أصدره مجلس النواب خلال الأشهر القليلة الماضية سيتيح لمؤسسات الدولة التعامل مع هذا الملف كنوع من استكمال قدرة الدولة فى الحفاظ على المياه وتحسين نوعيتها وجودتها ومنع التلوث ووقف التعدى عليها حيث إن الرى أصبح وفق نظام تكاملى لحماية المياه بين القيادة السياسية والمؤسسة التشريعية والمؤسسة المنوط بها الحفاظ على المياه وهى وزارة الرى، وكذلك وزارة الإسكان، وهكذا أصبحنا جميعاً مطالبين بالحفاظ على المياه من خلال إنجاز هذه المشروعات القومية، ولابد أن نكون شركاء فيها لوقف التعدى عليها ومنع تلوثها ومحاربة إلقاء القمامة وغيرها فى تلك المجارى المائية ونناشد المواطنين الحفاظ على هذا المشروع القومى لأنه ملك لكل المصريين فالمياه تمر فى هذه المجارى ثم تعود إلينا فى صورة مزروعات وخضر أو فواكه أو فى شكل مياه للشرب، وتبذل الدولة جهوداً كبيرة فى محطات التنقية لتصل إلينا فى شكل ماء نظيف بعد تنقيتها وإعادة ضخها لذلك فالمسئولية المجتمعية مشتركة بيننا، وأطالب المزارعين الذين وفرت لهم الدولة قروضاً بدون فوائد من خلال البنك الزراعى للتحول من الرى بالغمر الى الرى الحديث بالرش أو التنقيط بالحفاظ على المياه لأنها حق الأجيال القادمة.
الخطة القومية للترشيد
ويشير الدكتور السعيد حماد عمر رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للجهاز التنفيذى لمشروعات تحسين الأراضى ومسئول الرى الحقلى الى أن تبطين الترع واستخدام الرى الحديث جزء من الخطة القومية للترشيد حيث تواجه مصر تحديات كبيرة هى الزيادة السكانية والتغيرات المناخية الحادة التى تؤثر بالسلب على استهلاك المياه فى قطاع الزراعة، إلى جانب محدودية المياه المتاحة والتى تعتمد على مياه نهر النيل بنسبة أكثر من 95% من إيراد نهر النيل إلى جانب قلة مصادر المياه الجوفية وبعدها وملوحتها وحاجتها الى طاقة كبيرة لاستخراجها.
وأوضح أنه تم وضع خطة تتكون من عدة محاور لترشيد استخدام المياه، منها إعادة استخدام مياه الصرف الصحى بالمعالجة الثلاثية، والتحول من الرى بالغمر إلى نظم الرى الحديث، واستخدام تكنولوجيا الزراعة الحديثة والتسوية بالليزر والزراعة على مصاطب فى القمح، إضافة إلى الزراعة الجافة فى الأرز، والرى التبادلى فى محصول الذرة لترشيد استخدام المياه والأسمدة وزيادة الإنتاجية، كما سيتم استنباط أصناف محاصيل قصيرة العمر وعالية الإنتاجية تتحمل الظروف المناخية المعاكسة وتوفر المياه.
ويؤكد المهندس محمد غانم المتحدث الرسمى باسم وزارة الموارد المائية والرى أنه تم الانتهاء من تأهيل ترع بأطوال تصل إلى ٤٨٩٨ كيلومترا بمختلف المحافظات، وجار تأهيل ترع بأطوال ٤٠٩١ كيلومترا، بالإضافة لتوفير الاعتمادات المالية لتأهيل ترع بأطوال ٢٩٠٩ كيلومترات تمهيدا لطرحها للتنفيذ، وقد عانت العديد من الترع خلال السنوات الماضية من مشاكل عديدة، مثل استبحار القطاع المائى وتعدى بعض المواطنين عليها من خلال إلقاء المخلفات بها، الأمر الذى ينعكس سلبيا على قدرة المجرى المائى على توصيل المياه للنهايات، والتأثير سلبيا على نوعية المياه بالترع وبالتالى المحاصيل التى يتم ريها باستخدام هذه المياه، والتأثير سلبيا على صحة الانسان والحيوان .
وقال إن المشروع القومى لتأهيل الترع يستهدف حوالى ٢٠ ألف كيلومتر من الترع بتكلفة اجمالية ٨٠ مليار جنيه بحلول منتصف عام ٢٠٢٤، وقد حققت أعمال التأهيل مكاسب عديدة مثل تحديث شبكة الترع التى كانت تعانى من مشاكل عديدة فى السنوات السابقة، واستعادة القطاع التصميمى للترعة، وتحقيق عدالة توزيع المياه بين المزارعين وحصول جميع المنتفعين على حصتهم من المياه، وحسم مشاكل نقص المياه بنهايات الترع خاصة فى فترة أقصى الاحتياجات، وحدوث زيادة فى سرعة المياه بالترع الأمر الذى أدى لتقليل فترة رى الزمام الواقع على الترعة، وتقليل زمن تشغيل طلمبات الرى، وحدوث تحسن كبير فى جميع العناصر الهيدروليكية للترعة من حيث تحسين مناسيب المياه بالنهايات وتقليل مساحة القطاع المائى وغيرها من العناصر، وتقليل الإنفاق السنوى على أعمال صيانة وتطهير الترع، وتأهيل المآخذ الفرعية على الترع، والحفاظ على منافع الرى على جانبى الترع، وتحسين نوعية المياه مع إزالة الحشائش.
كما عادت أعمال التأهيل بالعديد من المكاسب على المواطنين بالمناطق الريفية، حيث أسهمت فى رفع القيمة السوقية للأراضى الزراعية بزمام الترعة بعد عملية التأهيل، وزراعة أراض بور كانت تقع بنهايات الترع ولم يتم ريها منذ سنوات، وزيادة عرض جسر الترعة بما يسمح باستغلال هذه المساحات المتوفرة فى زراعة الأشجار وإنشاء أو توسعة الطرق بجانبى الترع فى بعض المواقع بما يُمكن مهندسى الرى من متابعة منظومة الرى وتحريك معدات الصيانة بسهولة، بالإضافة لتوفير طرق ملائمة تسمح بربط القرى ببعضهاوبالطرق الرئيسية بالمنطقة بما يُمكن الفلاح من تحريك المعدات اللازمة للزراعة ونقل المحاصيل بسهولة.
وأضاف أن المردود البيئى والاجتماعى والاقتصادى للمشروع يشمل تحقيق نقلة حضارية فى تلك المناطق، وتحسين الصورة العامة للترع وإزالة التعديات على القطاع المائى، والمساهمة بشكل كبير فى تحسين البيئة من خلال تشجيع المواطنين على الحفاظ على الترعة من التلوث وعدم إلقاء أى مخلفات بها، وإزالة أسباب تراكم الحشائش والحيوانات النافقة والضارة داخل الترع، وما يمثله ذلك من عائد إيجابى على الصحة العامة واحتواء انتشار الأمراض، بالإضافة لتحسين مستوى معيشة المواطنين من خلال توفير فرص العمل باعتباره من المشروعات كثيفة العمالة، حيث وفر المشروع الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
عمليات التطهير
ويرى عباس عبد الحى الشناوى رئيس قطاع الخدمات الزراعية والمتابعة بوزارة الزراعة أن تبطين الترع يسهم فى وضع الترعة فى مسارها الأساسى ويحافظ على عدم الإطماء فى الترع نتيجة لتراكم الأتربة مما يقلل عمليات التطهير وبالتالى توفير المفقود أو المنفق عليها،إضافة الى أن المساحات التى كانت مهدرة ستعود بعد التطهير على جانبى كل ترعة وهذا يعتبر إضافة للأرض الزراعية أو للطرق المجاورة، كما ستتم إزالة الحشائش والمظهر غير الحضارى على جانبى الترع، مما سيؤدى الى تقليل القوارض مثل الفئران والحشرات وغيرها التى تؤثر على الصحة العامة أو المحاصيل الزراعية، كما ستؤدى عمليات التطهير الى سرعة اندفاع المياه ووصولها الى نهايات الترع لتحقيق الاستفاده منها فى رى المساحات التى كانت محرومة منها سابقا.
مشروع عملاق
ويرى حسين أبو صدام نقيب فلاحى مصر أن المشروع القومى لتبطين الترع أحد أهم المشروعات القومية العملاقة فى الوقت الراهن لترشيد استهلاك المياه والاستفادة القصوى منها لأن تبطين الترع يساهم فى توفير 5 مليارات متر مكعب سنويا كانت تهدر فى باطن الأرض وعلى جانبى الترع، كما يقضى على مشكلة عدم وصول المياه الى نهايات الترع، ويحقق عدالة التوزيع فى مياه الترع، كما يوفر مليارات الجنيهات التى كانت تصرف على تطهير الترع ويمنع اختباء الفئران والحشرات الضارة على جانبى الترع، مما يؤدى الى زيادة الإنتاجية وتوفير أراض زراعية كانت تهدر على جانبى الترع كما يسهل الرى بالطرق الحديثة والتى تحسن من جودة الإنتاجية وزيادتها.
رابط دائم: